[ق : 44] يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ
44 - (يوم) بدل من يوم قبله وما بينهما اعتراض (تشقق) بتخفيف الشين وتشديدها بإدغام التاء الثانية في الأصل فيها (الأرض عنهم سراعا) جمع سريع حال من مقدر أي فيخرجون مسرعين (ذلك حشر علينا يسير) فيه فصل بين الموصوف والصفة بمتعلقها للاختصاص وهولا يضر ذلك اشارة إلى معنى الحشر المخبر به عنه وهو الاحياء بعد الفناء والجمع للعرض والحساب
وقوله : " تشقق الأرض عنهم " يقول : تصدع الأرض عنهم . وقوله : " سراعا " ونصبت سراعا على الحال من الهاء والميم في قوله عنهم . والمعنى : يوم تشقق الأرض عنهم فيخربون منها سراعا ، فاكتفي بدلالة قوله : " يوم تشقق الأرض عنهم " على ذلك من ذكره .
وقوله : " ذلك حشر علينا يسير " يقول : جمعهم ذلك جمع في موقف الحساب ، علينا يسير سهل .
" يوم تشقق الأرض عنهم سراعا " إلى المنادي صاحب الصور إلى بيت المقدس " ذلك حشر علينا يسير " أي هين سهل وقرأ الكوفيون تشقق بتخفيف الشين على حذف التاء الأولى الباقون بإدغام التاء في الشين . وأثبت ابن محيصن وابن كثيرويعقوبياء المنادي في الحالين على أصل وأثبتها نافعوأبو عمروفي الوصل لا غير وحذف الباقون في الحالين .
قلت وقد زادت السنة هذه الآية بيانا . فروى الترمذي "عن معاوية بن حيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال وأشار بيده إلى الشام فقال : من ها هنا إلى ها هنا تحشرون ركبانا ومشاة وتجرون على وجوهكم يوم القيامة على أفواهكم الفدام توفون سبعين أمة أنتم خيرهم وأكرمهم على الله وإن أول ما يعرب عن أحدكم فخذه " و"في رواية أخرى فخذه وكفه وخرج علي بن معبد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره : ثم يقول يعني الله تعالى لإسرافيل : انفخ نفخة البعث فينفخ فتخرج الأرواح كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله عز وجل وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد ثم تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم وأنا أول من تنشق عنه الأرض فتخرجون منها شبابا كلكم أبناء ثلاث وثلاثين واللسان يومئذ بالسريانية "وذكر الحديث وقد ذكرنا جميع هذا وغيره في التذكرة مستوفى والحمد لله .
يقول تعالى: "واستمع" يا محمد "يوم يناد المناد من مكان قريب" قال قتادة: قال كعب الأحبار يأمر الله تعالى ملكاً أن ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة, إن الله تعالى يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء "يوم يسمعون الصيحة بالحق" يعني النفخة في الصور التي تأتي بالحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون "ذلك يوم الخروج" أي من الأجداث "إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير" أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وإليه مصير الخلائق كلهم, فيجازي كلا بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وقوله تعالى: "يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً" وذلك أن الله عز وجل ينزل مطراً من السماء ينبت به أجساد الخلائق كلها في قبورها, كما ينبت الحب في الثرى بالماء, فإذا تكاملت الأجساد أمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور وقد أودعت الأرواح في ثقب في الصور فإذا نفخ إسرافيل فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض, فيقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره فترجع كل روح إلى جسدها, فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ وتنشق الأرض عنهم فيقومون إلى موقف الحساب سراعاً مبادرين إلى أمر الله عز وجل "مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر" وقال تعالى: "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً" وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أول من تنشق عنه الأرض", وقوله عز وجل: "ذلك حشر علينا يسير" أي تلك إعادة سهلة علينا, يسيرة لدينا كما قال جل جلاله: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر".
وقال سبحانه وتعالى: "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير" وقوله جل وعلا: "نحن أعلم بما يقولون" أي نحن علمنا محيط بما يقول لك المشركون من التكذيب فلا يهولنك ذلك كقوله: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين". وقوله تبارك وتعالى: "وما أنت عليهم بجبار" أي ولست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى, وليس ذلك مما كلفت به. وقال مجاهد وقتادة والضحاك "وما أنت عليهم بجبار" أي لا تتجبر عليهم, والقول الأول أولى, ولو أراد ما قالوه لقال: ولا تكن جباراً عليهم, وإنما قال: "وما أنت عليهم بجبار" بمعنى وما أنت بمجبرهم على الإيمان إنما أنت مبلغ, وقال الفراء: سمعت العرب تقول جبر فلان فلاناً على كذا أجبره, ثم قال عز وجل: "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" أي بلغ أنت رسالة ربك فإنما يتذكر من يخاف الله ووعيده ويرجو وعده, كقوله تعالى: "فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" وقوله جل جلاله: "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر" "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" ولهذا قال تعالى ههنا: "وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" كان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعودك يابار يارحيم.
آخر تفسير سورة ق والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل.
44- "يوم تشقق الأرض عنهم" قرأ الجمهور بإدغام التاء في الشين. وقرأ الكوفيون بتخفيف الشين على حذف إحدى التاءين تخفيفاً. وقرأ زيد بن علي: تتشقق بإثبات التاءين على الأصل، وقرئ على البناء للمفعول، وانتصاب "سراعاً" على أنه حال من الضمير في عنهم، والعامل في الحال تشقق، وقيل العامل في الحال هو العامل في يوم: أي مسرعين إلى المنادي الذي ناداهم "ذلك حشر" أي بعث وجمع "علينا يسير" هين.
44. " يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً "، جمع سريع، أي: يخرجون سراعاً، " ذلك حشر علينا "، جمع علينا " يسير ".
44-" يوم تشقق " تشقق ، وقرئ تنشق . وقرأ عاصم و حمزة و الكسائي و خلف و أبو عمرو بتخفيف الشين . " الأرض عنهم سراعاً " مسرعين " ذلك حشر " بهث وجمع " علينا يسير " هين ، وتقديم الظرف للاختصاص فإن ذلك لا يتيسر إلا على العالم القادر لذاته لا يشغله شأن عن شأن ، كما قال الله تعالى : " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " .
44. On the day when the earth splitteth asunder from them, hastening forth (they come). That is a gathering easy for Us (to make).
44 - The Day when the Earth will be rent asunder, from (men) hurrying out: that will be a gathering together, quite easy for Us.