[ق : 25] مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ
25 - (مناع للخير) كالزكاة (معتد) ظالم (مريب) شاك في دينه
وقوله " مناع للخير " كان قتادة يقول في الخير في هذا الموضع : هو الزكاة المفروضة .
حدثنا بذلك بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة .
والصواب من القول في ذلك عندي أنه كل حق وجب لله ، أو لآدمي في ماله ، والخير في هذا الموضع هو المال .
وإنما قلنا ذلك هو الصواب من القول ، لأن الله تعالى ذكره عم بقوله " مناع للخير " عنه أنه يمنع الخير ولم يخصص منه شيئا دون شيء ، فذلك على كل خير يمكن منعه طالبا .
وقوله " معتد " يقول : معتد على الناس بلسانه بالبذاء والفحش في المنطق ، وبيده بالسطوة والبطش ظلما .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة معتد في منطقته وسيرته وأمره .
وقوله " مريب " يعني : شاك في وحدانية الله وقدرته على ما يشاء .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " مريب " : أي شاك .

"مناع للخير" يعني الزكاة المفروضة وكل حق واجب . "معتد" في منطقه وسيرته وأمره . ظالم " مريب " شاك في التوحيد قاله الحسن وقتادة يقال أراب الرجل فهو مريب إذا جاء بالريبة وهو المشرك يدل عليه .
يقول تعالى مخبراً عن الملك الموكل بعمل ابن آدم إنه يشهد عليه يوم القيامة بما فعل ويقول: "هذا ما لدي عتيد" أي معتمد محضر بلا زيادة ولا نقصان. وقال مجاهد: هذا كلام الملك السائق, يقول ابن آدم الذي وكلتني به قد أحضرته وقد اختار ابن جرير أنه يعم السائق والشهيد, وله اتجاه وقوة, فعند ذلك يحكم الله تعالى في الخليقة بالعدل فيقول: "ألقيا في جهنم كل كفار عنيد" وقد اختلف النحاة في قوله: "ألقيا" فقال بعضهم هي لغة لبعض العرب يخاطبون المفرد بالتثنية كما روي عن الحجاج أنه كان يقول يا حرسي اضربا عنقه, ومما أنشد ابن جرير على هذه قول الشاعر:
فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر وإن تتركاني أحم عرضاً ممنعا
وقيل: بل هي نون التأكيد سهلت إلى الألف, وهذا بعيد لأن هذا إنما يكون في الوقف, والظاهر أنها مخاطبة مع السائق والشهيد, فالسائق أحضره إلى عرصة الحساب, فلما أدى الشهيد عليه أمرهما الله تعالى بإلقائه في نار جهنم, وبئس المصير "ألقيا في جهنم كل كفار عنيد" أي كثير الكفر والتكذيب بالحق عنيد معاند للحق, معارض له بالباطل مع علمه بذلك "مناع للخير" أي لا يؤدي ما عليه من الحقوق ولا بر فيه ولا صلة ولا صدقة "معتد" أي فيما ينفقه ويصرفه يتجاوز فيه الحد. وقال قتادة: معتد في منطقه وسيره وأمره "مريب" أي شاك في أمره مريب لمن نظر في أمره "الذي جعل مع الله إلهاً آخر" أي أشرك بالله فعبد معه غيره "فألقياه في العذاب الشديد" وقد تقدم في الحديث أن عنقاً من النار يبرز للخلائق فينادي بصوت يسمع الخلائق: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد, ومن جعل مع الله إلهاً آخر, وبالمصورين, ثم تنطوي عليهم, قال الإمام أحمد: حدثنا معاوية هو ابن هشام, حدثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة: بكل جبار عنيد, ومن جعل مع الله إلهاً آخر, ومن قتل نفساً بغير نفس فتنطوي عليهم فتقذفهم في غمرات جهنم ".
"قال قرينه" قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة وغيرهم: هو الشيطان الذي وكل به "ربنا ما أطغيته" أي يقول عن الإنسان الذي قد أوفى القيامة كافراً يتبرأ منه شيطانه فيقول: "ربنا ما أطغيته" أي ما أضللته "ولكن كان في ضلال بعيد" أي بل كان هو في نفسه ضالاً قابلاً للباطل معانداً للحق, كما أخبر سبحانه وتعالى في الاية الأخرى في قوله: " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم " وقوله تبارك وتعالى: "قال لا تختصموا لدي" يقول الرب عز وجل للإنسي وقرينه من الجن, وذلك أنهما يختصمان بين يدي الحق تعالى, فيقول الإنسي يا رب هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني, ويقول الشيطان: "ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد" أي عن منهج الحق, فيقول الرب عز وجل لهما: "لا تختصموا لدي" أي عندي "وقد قدمت إليكم بالوعيد" أي قد أعذرت إليكم على ألسنة الرسل, وأنزلت الكتب وقامت عليكم الحجج والبينات والبراهين "ما يبدل القول لدي" قال مجاهد: يعني قد قضيت ما أنا قاض "وما أنا بظلام للعبيد" أي لست أعذب أحداً إلا بذنبه بعد قيام الحجة عليه.
25- "مناع للخير" لا يبذل خيراً "معتد" ظالم لا يقر بتوحيد الله "مريب" شاك في الحق، من قولهم أراب الرجل: إذا صار ذا ريب. وقيل هو خطاب للملكين من خزنة النار. وقيل هو خطاب لواحد على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل وتكريره. قال الخليل والأخفش: هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين يقولون: ارحلاها وازجراها وخذاه وأطلقاه للواحد. قال الفراء: العرب تقول للواحد قوماً عنا. وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان: فجرى كلام الرجل للواحد على ذلك، ومنه قولهم للواحد في الشعر كما قال امرؤ القيس:
خليلي مرا بي على أم جندب نقض لبانات الفؤاد المعذب
وقوله:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
وقول الآخر:
فإن تزجراني يابن عفان أنزجر وإن تدعواني أحم عرضاً ممنعا
قال المازني: قوله: "ألقيا" يدل على ألق ألق. قال المبرد: هي تثنية على التوكيد، فناب ألقيا مناب ألق ألق. قال مجاهد وعكرمة: العنيد المعاند للحق، وقيل المعرض عن الحق، يقال عند يعند بالكسر عنوداً: إذا خالف الحق.
25. " مناع للخير "، أي للزكاة المفروضة وكل حق وجب في ماله، " معتد "، ظالم لا يقر بتوحيد الله، " مريب "، شاك في التوحيد، ومعناه: داخل في الريب.
25-" مناع للخير " كثير المنع للمال عن حقوقه المفروضة . وقيل المراد بالخير الإسلام فإن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة لما منع بني أخيه عنه . " معتد " متعد. " مريب " شاك في الله وفي دينه .
25. Hinderer of good, transgressor, doubter,
25 - Who forbade what was good, transgressed all bounds, cast doubts and suspicions;