[ق : 11] رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ
11 - (رزقا للعباد) مفعول له (وأحيينا به بلدة ميتا) يستوي فيه المذكر والمؤنث (كذلك) مثل هذا الاحياء (الخروج) من القبور فكيف تنكرونه والاستفهام للتقرير والمعنى أنهم نظروا وعلموا ماذكر
وقوله " رزقا للعباد " يقول : أنتبنا بهذا الماء الذي أنزلناه من السماء هذه الجنات ، الحب والنخل قوتا للعباد ، بعضها غذاء ، وبعضها فاكهة ومتاعا .
وقوله " وأحيينا به بلدة ميتا " يقول تعالى ذكره وأحيينا بهذا الماء الذي أنزلناه من السماء بلدة ميتا قد أجدبت ووقحطت ، فلا زرع فيها ولا نبت .
وقوله " كذلك الخروج " يقول تعالى ذكره : كما أنبتنا بهذا الماء هذه الأرض الميتة ، فأحييناها به ، فأخرجنا نباتها وزرعها ، كذلك نخرجكم يوم القيامة أحياء من قبوركم من بعد بلائكم فيها بما ينزل عليها من الماء .


"رزقا للعباد " أي رزقناهم رزقا ، أو على معنى أنبتناها رزقا لأن الإنبات في معنى الرزق ، أو على أنه مفعول له أي أنبتناها لرزقهم والرزق ما كان مهيأ للانتفاع به . وقد تقدم القول فيه . "وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج " أي من القبور أي كما أحيا الله هذه الأرض الميتة فكذلك يخرجكم أحياء بعد موتكم فالكاف في محل رفع على الابتداء وقد مضى هذا المعنى في غير موضع . وقال ميتا لأن المقصود المكان ولو قال ميتة لجاز .
يقول تعالى منبهاً للعباد على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها" أي بالمصابيح "وما لها من فروج" قال مجاهد: يعني من شقوق, وقال غيره: فتوق, وقال غيره: صدوع, والمعنى متقارب كقوله تبارك وتعالى: " الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير " أي كليل عن أن يرى عيباً أو نقصاً. وقوله تبارك وتعالى: "والأرض مددناها" أي وسعناها وفرشناها "وألقينا فيها رواسي" وهي الجبال لئلا تميد بأهلها وتضطرب, فإنها مقرة على تيار الماء المحيط بها من جميع جوانبها "وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج" أي من جميع الزروع والثمار والنبات والأنواع "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون" وقوله بهيج أي حسن المنظر "تبصرة وذكرى لكل عبد منيب" أي ومشاهدة خلق السموات والأرض وما جعل الله فيهما من الايات العظيمة تبصرة ودلالة وذكرى لكل عبد منيب أي خاضع خائف وجل رجاع إلى الله عز وجل.
وقوله تعالى: "ونزلنا من السماء ماء مباركاً" أي نافعاً "فأنبتنا به جنات" أي حدائق من بساتين ونحوها "وحب الحصيد" وهو الزرع الذي يراد لحبه وادخاره "والنخل باسقات" أي طوالاً شاهقات, قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي وغيرهم: الباسقات الطوال "لها طلع نضيد" أي منضود "رزقاً للعباد" أي للخلق "وأحيينا به بلدة ميتا" وهي الأرض التي كانت هامدة, فلما نزل الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج من أزاهير وغير ذلك, مما يحار الطرف في حسنها, وذلك بعد ما كانت لا نبات بها فأصبحت تهتز خضراء, فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلاك, كذلك يحيي الله الموتى وهذا المشاهد من عظيم قدرته بالحس أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث, كقوله عز وجل: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس" وقوله تعالى: " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير " وقال سبحانه وتعالى: "ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير".
11- "رزقاً للعباد" انتصابه على المصدرية: أي رزقناهم رزقاً، أو على العلة: أي أنبتنا هذه الأشياء للرزق "وأحيينا به بلدة ميتاً" أي أحيينا بذلك الماء بلدة مجدبة لا ثمار فيها ولا زرع، وجملة "كذلك الخروج" مستأنفة لبيان أن الخروج من القبور عند البعث كمثل هذا الإحياء الذي أحيا الله به الأرض الميتة، قرأ الجمهور "ميتاً" على التخفيف، وقرأ أبو جعفر وخالد بالتثقيل.
11. " رزقاً للعباد "، أي جعلناها رزقاً للعباد، " وأحيينا به "، أي بالمطر، " بلدةً ميتاً "، أنبتنا فيها الكلأ، " كذلك الخروج "، من القبور.
11-" رزقا للعباد " علة لـ" أنبتنا" أو مصدر ، فإن الإثبات رزق ." وأحيينا به " بذلك الماء . " بلدةً ميتاً " أرضاً جدبة لا نماء فيها." كذلك الخروج " كما حييت هذه البلدة يكون خروجكم أحياء بعد موتكم .
11. Provision (made) for men; and therewith We quicken a dead land. Even so will be the resurrection of the dead.
11 - As sustenance for (God's) Servants; and We give (new) life therewith to land that is dead: thus will be the Resurrection.