[محمد : 27] فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
27 - (فكيف) حالهم (إذا توفتهم الملائكة يضربون) حال من الملائكة (وجوههم وأدبارهم) ظهورهم بمقامع من حديد
يقول تعالى ذكره : والله يعلم إسرار هؤلاء المنافقين ، فكيف لا يعلم حالهم إذا توفتهم الملائكة ، وهم يضربون وجوههم وأدبارهم ، يقول : فحالهم أيضاً لا يخفى عليه في ذلك الوقت . ويعني بالإدبار : الإعجاز ، وقد ذكرنا الرواية في ذلك فيما مضى قبل .
قوله تعالى : " فكيف " أي فكيف تكون حالهم ، " إذا توفتهم الملائكة يضربون " أي ضاربين ، فهو في موضع الحال ، ومعنى الكلام التخويف والتهديد ، أي إن تأخر عنهم العذاب فإلى انقضاء العمر ، وقد مضى في الأنفال والنحل ، وقال ابن عباس ، لا يتوفى أحد على معصية غلا بضرب شديد لوجهه وقفاه ، وقيل : ذلك عند القتال نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب الملائكة وجوههم عند الطلب وأدبارهم عند الهرب وقيل : ذلك في القيامة عند سوقهم إلى النار .
يقول تعالى آمراً بتدبر القرآن وتفهمه وناهياً عن الإعراض عنه فقال: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" أي بل على قلوب أقفالها, فهي مطبقة لا يخلص إليها شيء من معانيه, قال ابن جرير: حدثنا بشر, حدثنا حماد بن زيد, حدثنا هشام بن عروة عن أبيه رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " فقال شاب من أهل اليمن: بل عليها أقفالها حتى يكون الله تعالى يفتحها أو يفرجها, فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي فاستعان به. ثم قال تعالى: "إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى" أي فارقوا الإيمان ورجعوا إلى الكفر "من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم" أي زين لهم ذلك وحسنه "وأملى لهم" أي غرهم وخدعهم "ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر" أي ما لؤوهم وناصحوهم في الباطن على الباطل وهذا شأن المنافقين يظهرون خلاف ما يبطنون. ولهذا قال الله عز وجل: "والله يعلم إسرارهم" أي ما يسرون وما يخفون, الله مطلع عليه وعالم به كقوله تبارك وتعالى: "والله يكتب ما يبيتون".
ثم قال تعالى: "فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم" أي كيف حالهم إذا جاءتهم الملائكة لقبض أرواحهم وتعاصت الأرواح في أجسادهم واستخرجتها الملائكة بالعنف والقهر والضرب, كما قال سبحانه وتعالى: "ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم" الاية. وقال تعالى: " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم " أي بالضرب "أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون" ولهذا قال ههنا: "ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم".
27- "فكيف إذا توفتهم الملائكة" الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، وكيف في محل رفع على أنها خبر مقدم، والتقدير: فكيف علمه بأسرارهم إذا توفتهم الملائكة، أو في محل نصب بفعل محذوف: أي فكيف يصنعون، أو خبر لكان مقدرة: أي فكيف يكونون، والظرف معمول للمقدر، قرأ الجمهور "توفتهم" وقرأ الأعمش توفاهم وجملة "يضربون وجوههم وأدبارهم" في محل نصب على الحال من فاعل توفتهم أو من مفعوله: أي ضاربين وجوههم وضاربين أدبارهم، وفي الكلام تخويف وتشديد، والمعنى: أنه إذا تأخر عنهم العذاب فسيكون حالهم هذا، وهو تصوير لتوفيهم على أقبح حال وأشنعه. وقيل ذلك عند القتال نصرة من الملائكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل ذلك يوم القيامة، والأول أولى.
27. " فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم "
27-" فكيف إذا توفتهم الملائكة " فكيف يعملون ويحتالون حينئذ ، وقرئ توفاهم وهو يحتمل الماضي والمضارع المحذوف إحدى تاءيه " يضربون وجوههم وأدبارهم " تصوير لتوفيهم بما يخافون منه ويجبنون عن القتال له .
27. Then how (will it be with them) when the angels gather them, smiting their faces and their backs!
27 - But how (will it be) when the angels take their souls at death, and smite their faces and their backs?