[محمد : 11] ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ
11 - (ذلك) نصر المؤمنين وقهر الكافرين (بأن الله مولى) ولي ناصر (الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم)
يقول تعالى ذكره : هذا الفعل الذي فعلنا بهذين الفريقين : فريق الكفر ، من نصرتنا فريق الإيمان بالله وتثبينا أقدامهم ، وتدميرنا على فريق الكفر " بأن الله مولى الذين آمنوا " يقول : من أجل أن الله ولي من آمن به وأطاع رسوله .
كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ورقاء جميعاً عن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا " قال : وليهم .
وقد ذكر لنا أن ذلك في قراءة عبد الله ذلك بأن الله ولي الذين آمنوا و أن التي في المائدة التي هي في مصاحفنا " إنما وليكم الله ورسوله " المائدة:5 إنما مولاكم الله في قرائته .
وقوله : "وأن الكافرين لا مولى لهم " يقول : وبأن الكافرين بالله لا ولي لهم ، ولا ناصر .
قوله تعالى : " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم "
أي وليهم وناصرهم ، وفي حرف ابن مسعود ( ذلك بأن الله ولي الذين آمنوا ) فالمولى : الناصر هاهنا ، قاله ابن عباس وغيره قال :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
قال قتادة : نزلت يوم أحد والنبي صلى الله عليه وسلم في الشعب ، إذ " صاح المشركون : يوم بيوم ، لنا العزى ولا عزى لكم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : قولوا الله مولانا ولا مولى لكم "، وقد تقدم ، " وأن الكافرين لا مولى لهم " أي لا ينصرهم أحد من الله .
يقول تعالى: "أفلم يسيروا" يعني المشركين بالله المكذبين لرسوله "في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم" أي عاقبهم بتكذيبهم وكفرهم, أي ونجى المؤمنين من بين أظهرهم, ولهذا قال تعالى: "وللكافرين أمثالها". ثم قال: "ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم" ولهذا لما قال أبو سفيان صخر بن حرب رئيس المشركين يوم أحد, حين سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلم يجب وقال: أما هؤلاء فقد هلكوا, وأجابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: كذبت يا عدو الله بل أبقى الله تعالى لك ما يسوءك, وإن الذين عددت لأحياء, فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر, والحرب سجال, أما إنكم ستجدون مثلة لم آمر بها, ولم أنه عنها, ثم ذهب يرتجز ويقول: اعل هبل اعل هبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبوه ؟" فقالوا: يا رسول الله وما نقول قال صلى الله عليه وسلم قولوا: "الله أعلى وأجل" ثم قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم, فقال صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبوه ؟" قالوا: وما نقول يا رسول الله ؟ قال: قولوا: "الله مولانا ولا مولى لكم".
ثم قال سبحانه وتعالى: "إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يوم القيامة " والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام " أي في دنياهم يتمتعون بها ويأكلون منها كأكل الأنعام خضما وقضما, وليس لهم همة إلا في ذلك, ولهذا ثبت في الصحيح "المؤمن يأكل في معىً واحد, والكافر يأكل في سبعة أمعاء" ثم قال تعالى: "والنار مثوى لهم" أي يوم جزائهم, وقوله عز وجل: "وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك" يعني مكة "أهلكناهم فلا ناصر لهم" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة في تكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو سيد الرسل وخاتم الأنبياء, فإذا كان الله عز وجل قد أهلك الأمم الذين كذبوا الرسل قبله بسببهم, وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء فماذا ظن هؤلاء أن يفعل الله بهم في الدنيا والأخرى ؟ فإن رفع عن كثير منهم العقوبة في الدنيا لبركة وجود الرسول نبي الرحمة فإن العذاب يوفر على الكافرين به في معادهم "يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون".
وقوله تعالى: "من قريتك التي أخرجتك" أي الذين أخرجوك من بين أظهرهم. وقال ابن أبي حاتم: ذكر أبي عن محمد بن عبد الأعلى عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش, عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما, أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار أتاه قال فالتفت إلى مكة وقال: "أنت أحب بلاد الله إلى الله, وأنت أحب بلاد الله إلي, ولولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك" فأعدى الأعداء من عدا على الله تعالى في حرمه, أو قتل غير قاتله, أو قتل بدحول الجاهلية, فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم "وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم".
والإشارة بقوله: 11- "ذلك" إلى ما ذكر من أن للكافرين أمثالها "بأن الله مولى الذين آمنوا" أي بسبب أن الله ناصرهم "وأن الكافرين لا مولى لهم" أي لا ناصر يدفع عنهم. وقرأ ابن مسعود ذلك بأن الله ولي الذين آمنوا قال قتادة: نزلت يوم أحد.
11. " ذلك "، الذي ذكرت، " بأن الله مولى الذين آمنوا "، وليهم وناصرهم، " وأن الكافرين لا مولى لهم "، لا ناصر لهم. ثم ذكر مآل الفريقين فقال:
11-" ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا " ناصرهم على أعدائهم . " وأن الكافرين لا مولى لهم " فيدفع العذاب عنهم وهو لا يخالف قوله : " وردوا إلى الله مولاهم الحق " فإن المولى فيه بمعنى المالك .
11. That is because Allah is patron of those who believe, and because the disbelievers have no patron.
11 - That is because God is the Protector of those who believe, but those who reject God have no protector.