[الأحقاف : 3] مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ
3 - (ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا) خلقا (بالحق) ليدل على قدرتنا ووحدانيتنا (وأجل مسمى) إلى فنائهما يوم القيامة (والذين كفروا عما أنذروا) خوفوا به من العذاب (معرضون)
وقوله " و ما خلقنا السماوات و الأرض و ما بينهما إلا بالحق " يقول تعالى ذكره : ما أحدثنا السماوات و الأرض فأوجدناهما خلقاً مصنوعاً ، و ما بينهما من أصناف العالم إلا بالحق ، يعني : إلا لإقامة الحق و العدل في الخلق .
وقوله " وأجل مسمى " يقول : ,إلا بأجل لكل ذلك معلوم عنده يفنيه إذا هو بلغه ، و يعدمه بعد أن كان موجوداً بإيجاده إياه .
وقوله " و الذين كفروا عما أنذروا معرضون " يقول تعالى ذكره : و الذين جحدوا وحدانية الله عن إنذار اللله إياهم معرضون به و لا يتفكرون فيعتبرون .
قوله تعالى : " ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق " تقدم عرضاً . " وأجل مسمى " يعني القيامة ، في قول ابن عباس وغيره ، وهو الأجل الذي تنتهي إليه السموات والأرض ، وقيل : إنه هو الأجل المقدور لكل مخلوق ، " والذين كفروا عما أنذروا " خوفوه . " معرضون " مولون لاهون غير مستعدين له ، ويجوز أن تكون ( ما ) مصدرية ، أي عن إنذارهم ذلك اليوم .
يخبر تعالى أنه أنزل الكتاب على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, صلوات الله عليه دائماً إلى يوم الدين, ووصف نفسه بالعزة التي لا ترام, والحكمة في الأقوال والأفعال, ثم قال تعالى: "ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق" أي لا على وجه العبث والباطل "وأجل مسمى" أي وإلى مدة معينة مضروبة لا تزيد ولا تنقص, وقوله تعالى: "والذين كفروا عما أنذروا معرضون" أي لا هون عما يراد بهم, وقد أنزل الله تعالى إليهم كتاباً وأرسل إليهم رسولاً, وهم معرضون عن ذلك كله أي وسيعلمون غب ذلك. ثم قال تعالى: "قل" أي لهؤلاء المشركين العابدين مع الله غيره "أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض" أي أرشدوني إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض "أم لهم شرك في السموات ؟" أي ولا شرك لهم في السموات ولا في الارض وما يملكون من قطمير, إن الملك والتصرف كله إلا لله عز وجل, فكيف تعبدون معه غيره وتشركون به ؟ من أرشدكم إلى هذا ؟ من دعاكم إليه ؟ أهو أمركم به ؟ أم هو شيء اقترحتموه من عند أنفسكم ؟ ولهذا قال: "ائتوني بكتاب من قبل هذا" أي هاتوا كتاباً من كتب الله المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يأمركم بعبادة هذه الأصنام "أو أثارة من علم" أي دليل بين على هذا المسلك الذي سلكتموه "إن كنتم صادقين" أي لا دليل لكم لا نقلياً ولا عقلياً على ذلك, ولهذا قرأ آخرون: أو أثرة من علم أي أو علم صحيح تؤثرونه عن أحد ممن قبلكم, كما قال مجاهد في قوله تعالى: "أو أثارة من علم" أو أحد يأثر علماً, وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أو بينة من الأمر. وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى عن سفيان عن صفوان بن سليم, عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال سفيان: لا أعلم إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم, أو أثرة من علم, قال: الخط. وقال أبو بكر بن عياش: أو بقية من علم. وقال الحسن البصري: أو أثارة شيء يستخرجه فيثيره. وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وأبو بكر بن عياش أيضاً: أو أثارة من علم يعني الخط. وقال قتادة: أو أثارة من علم خاصة من علم وكل هذه الأقوال متقاربة. وهي راجعة إلى ما قلناه وهو اختيار ابن جرير رحمه الله وأكرمه وأحسن مثواه.
وقوله تبارك وتعالى: " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون " أي لا أضل ممن يدعو من دون الله أصناماً, ويطلب ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة, وهي غافلة عما يقول لا تسمع ولا تبصر ولا تبطش, لأنها جماد حجارة صم, وقوله تبارك وتعالى: "وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" كقوله عز وجل: "واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً* كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً" أي سيخونونهم أحوج ما يكونون إليهم. وقال الخليل عليه الصلاة والسلام: " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ".
2- "ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما" من المخلوقات بأسرها "إلا بالحق" هو استثناء مفرغ من أعلم الأحوال أي إلا خلقاً ملتبساً بالحق الذي تقتضيه المشيئة الإلهية، وقوله: "وأجل مسمى" معطوف على الحق: أي إلا بالحق، وبأجل مسمى على تقدير مضاف محذوف: أي وبتقدير أجل مسمى، وهذا الأجل هو يوم القيامة، فإنها تنتهي فيه السموات والأرض وما بينهما وتبدل الأرض غير الأرض والسموات. وقيل المراد بالأجل المسمى هو انتهاء أجل كل فرد من أفراد المخلوقات، والأول لغير شيء، بل خلقه للثواب والعقاب "والذين كفروا عما أنذروا معرضون" أي عما أنذروا وخوفوا به في القرآن من البعث والحساب والجزاء معرضون عنه غير مؤمنين به، وما في قوله: "ما أنذروا" يجوز أن تكون الموصولة، ويجوز أن تكون المصدرية.
3. " ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمىً "، يعني يوم القيامة، وهو الأجل الذي تنتهي إليه السموات والأرض، وهو إشارة إلى فنائهما، " والذين كفروا عما أنذروا "، خوفوا به في القرآن من البعث والحساب، " معرضون ".
3-" ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق " إلا خلقاً ملتبساً بالحق وهو ما تقتضيه الحكمة والمعدلة ، وفيه دلالة على وجود الصانع الحكيم ، والبعث للمجازاة على ما قررناه مراراً . " وأجل مسمى " وبتقدير أجل مسمى ينتهي إليه الكل وهو يوم القيامة ، أو كل واحد وهو آخر مدة بقائه المقدرة له . " والذين كفروا عما أنذروا " من هول ذلك الوقت ،ويجوز أن تكون ما مصدرية . " معرضون " لا يتفكرون فيه ولا يستعدون لحلوله .
3. We created not the heavens and the earth and all that is between them save with truth, and for a term appointed. But those who disbelieve turn away from that whereof they are warned.
3 - We created not the heavens and the earth and all between them but for just ends, and for a term appointed: but those who reject Faith turn away from that whereof they are warned.