[الجاثية : 31] وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ
31 - (وأما الذين كفروا) فيقال لهم (أفلم تكن آياتي) القرآن (تتلى عليكم فاستكبرتم) تكبرتم (وكنتم قوما مجرمين) كافرين
يقول تعالى ذكره : فأما الذين جحدوا وحدانية الله ، و أبوا إفراده في الدنيا بالألوهة ، فيقال لهم : ألم تكن آياتي في الدنيا تتلى عليكم .
فإن قال قائل : أولست أما تجاب بالفاء ، فأين في ؟ فإن الجواب أن يقال : هي الفاء التي في قوله " أفلم " . وإنما وجه الكلام في العربية لو نطق به على بيانه ، و أصله أن يقال : و أما الذين كفروا فألم تكن آياتي تتلى عليكم ، لأن معنى الكلام : و أما الذين كفروافيقال لهم ألم ، فموضع الفاء في ابتداء المحذوف الذي هو مطلوب في الكلام ، فلما حذفت يقال ، و جاءت ألف استفهام حكمها أن تكون مبتدأه بها ، ابتدئ بها ، و جعلت الفاء بعدها ، و قد تسقط العرب الفاء التي هي جواب أما في مثل هذا الموضع أحياناً إذا أسقطوا الفعل الذي هو في محل جواب أما كما قال جل ثناؤه ( فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد أيمانكم) [آل عمران ]فحذفت الفاء ، إذ كان الفعل الذي هو في جواب أما محذوفاً ، وهو فيقال ، وذلك أن معنى الكلام : فأما الذين اسودت وجوههم فيقال لهم : أكفرتم ، فلما أسقطت يقال الذي به تتصل الفاء سقطت الفاء التي هي جواب أما .
وقوله " فاستكبرتم " يقول : فاستكبرتم عن استماعها و الإيمان بها " وكنتم قوماً مجرمين " يقول و كنتم قوماً تكسبون الآثام و الكفر بالله ، لا تصدقون بمعاد و لا تؤمنون بثواب و لا عقاب .
قوله تعالى : " وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم " أي فيقال لهم ذلك ، وهو استفهام توبيخ ، " فاستكبرتم " عن قبولها ، " وكنتم قوما مجرمين " أي مشركين تكسبون المعاصي ، يقال : فلان جريمة أهله إذا كان كاسبهم ، فالمجرم من أكسب نفسه المعاصي ، وقد قال الله تعالى : " أفنجعل المسلمين كالمجرمين " [ القلم : 35 ] ، فالمجرم ضد المسلم فهو المذنب بالكفر إذاً .
يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة فقال تعالى : "فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات" أي آمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة وهي الخالصة الموافقة للشرع "فيدخلهم ربهم في رحمته" وهي الجنة كما ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء "ذلك الفوز المبين" أي البين الواضح. ثم قال تعالى: "وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم ؟" أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً, أما قرئت عليكم آيات الله تعالى فاستكبرتم عن اتباعها, وأعرضتم عن سماعها, وكنتم قوماً مجرمين في أفعالكم مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب ؟ "وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها" أي إذا قال لكم المؤمنون ذلك "قلتم ما ندري ما الساعة" أي لا نعرفها "إن نظن إلا ظناً" أي إن نتوهم وقوعها إلا توهماً أي مرجوحاً ولهذا قال: "وما نحن بمستيقنين" أي بمتحققين. قال الله تعالى: "وبدا لهم سيئات ما عملوا" أي وظهر لهم عقوبة أعمالهم السيئة "وحاق بهم" أي أحاط بهم "ما كانوا به يستهزئون" أي من العذاب والنكال "وقيل اليوم ننساكم" أي نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم "كما نسيتم لقاء يومكم هذا" أي فلم تعملوا له لأنكم لم تصدقوا به "ومأواكم النار وما لكم من ناصرين". وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة: "ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول: بلى يارب. فيقول أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول: لا. فيقول الله تعالى: فاليوم أنساك كما نسيتني".
قال الله تعالى: "ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزواً" أي إنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخرياً تسخرون وتستهزؤن بها "وغرتكم الحياة الدنيا" أي خدعتكم فاطمأننتم إليها فأصبحتم من الخاسرين, ولهذا قال عز وجل: "فاليوم لا يخرجون منها" أي من النار "ولا هم يستعتبون" أي لا يطلب منهم العتبى بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب ثم لما ذكر تعالى حكمه في المؤمنين والكافرين, قال: "فلله الحمد رب السموات ورب الأرض" أي المالك لهما وما فيهما, ولهذا قال "رب العالمين" ثم قال جل وعلا: "وله الكبرياء في السموات والأرض" قال مجاهد: يعني السلطان أي هو العظيم الممجد الذي كل شيء خاضع لديه فقير إليه. وقد ورد في الحديث الصحيح "يقول الله تعالى: العظمة إزاري, والكبرياء ردائي فمن نازعني واحداً منهما أسكنته ناري" ورواه مسلم من حديث الأعمش عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم, عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه. وقوله تعالى: "وهو العزيز" أي الذي لا يغالب ولا يمانع "الحكيم" في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره تعالى وتقدس لا إله إلا هو.
31- "وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم" أي فيقال لهم ذلك، وهو استفهام توبيخ، لأن الرسل قد أتتهم وتلت عليهم آيات الله، فكذبوها ولم يعملوا بها "فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين" أي تكبرتم عن قبولها وعن الإيمان بها، وكنتم من أهل الإحرام، وهي الآثام، والاجترام الاكتساب، يقال فلان جريمة أهله: إذا كان كاسبهم، فالمجرم من كسب الآثام بفعل المعاصي.
31. " فأما الذين كفروا "، يقال لهم، " أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين "، متكبرين كافرين.
31-" وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم " أي فيقال لهم ألم يأتكم رسلي " أفلم تكن آياتي تتلى عليكم " ، فحذف القول والمعطوف عليه اكتفاء بالمقصود واستغناء بالقرينة ." فاستكبرتم " عن الإيمان بها ." وكنتم قوماً مجرمين " عادتكم الإجرام .
31. And as for those who disbelieved (it will be said unto them): Were not Our revelations recited unto you? But ye were scornful and became a guilty folk.
31 - But as to those who rejected God, (to them will be said): Were not Our Signs rehearsed to you? But ye were arrogant, and were a people given to sin!