[الجاثية : 17] وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
17 - (وآتيناهم بينات من الأمر) أمر الدين من الحلال والحرام وبعثة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام (فما اختلفوا) في بعثته (إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) أي لبغي حدث بينهم حسدا له (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)
يقول تعالى ذكره : و أعطينا بني سرائيل واضحات من أمرنا بتنزيلنا إليهم التوراة فيها تفصيل كل شيء " فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم " طلباً للرياسات ، و تركاً منهم لبيان الله تبارك و تعالى في تنزيله .
و قوله " إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم إن ربك يا محمد يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل بغياً بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه في الدنيا يختلفون بعد العلم الذي آتاهم ، و البيان الذي جاءهم منه فيفلج المحق حينئذ على المبطل بفصل الحكم بينهم .
قوله تعالى : " وآتيناهم بينات من الأمر " قال ابن عباس : يعني أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشواهد نبوته بأنه يهاجر من تهامة إلى يثرب ، وينصره أهل يثرب ، وقيل : بينات الأمر شرائع واضحات في الحلال والحرام ومعجزات ، " فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم " يريد يوشع بن نون ، فآمن بعضهم وكفر بعضهم ، حكاه النقاش ، وقيل : ( إلا من بعد ما جاءهم العلم ) نبوة النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفوا فيها " بغيا بينهم " أي حسداً على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال معناه الضحاك قيل : معنى ( بغياً ) أي بغى بعضهم على بعض يطلب الفضل والرياسة ، وقتلوا الأنبياء ، فكذا مشركوا عصرك يا محمد ، قد جاءتهم البينات ولكن أعرضوا عنها للمنافسة في الرياسة ، " إن ربك يقضي بينهم " أي يحكم ويفصل . " يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " في الدنيا .
يذكر تعالى ما أنعم به على بني إسرائيل من إنزال الكتب عليهم وإرسال الرسل إليهم وجعله الملك فيهم, ولهذا قال تبارك وتعالى: "ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات" أي من المآكل والمشارب "وفضلناهم على العالمين" أي في زمانهم "وآتيناهم بينات من الأمر" أي حججاً وبراهين وأدلة قاطعات, فقامت عليهم الحجج ثم اختلفوا بعد ذلك من بعد قيام الحجة, وإنما كان ذلك بغياً منهم على بعضهم بعضاً "إن ربك" يا محمد "يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" أي سيفصل بينهم بحكمه العدل, وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم وأن تقصد منهجهم, ولهذا قال جل وعلا: "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها" أي اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين, وقال جل جلاله ههنا: "ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض" أي وماذا تغني عنهم ولا يتهم لبعضهم بعضاً فإنهم لا يزيدونهم إلا خساراً ودماراً وهلاكاً "والله ولي المتقين" وهو تعالى يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات, ثم قال عز وجل: "هذا بصائر للناس" يعني القرآن "وهدى ورحمة لقوم يوقنون".
وقد تقدم بيان هذا في سورة الدخان 17- "وآتيناهم بينات من الأمر" أي شرائع واضحات في الحلال والحرام، أو معجزات ظاهرات، وقيل العلم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وشواهد نبوته، وتعيين مهاجره "فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم" أي فما وقع الاختلاف بينهم في ذلك الأمر إلا بعد مجيء العلم إليهم بينانه وإيضاح معناه، فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجباً لثبوته، وقيل المراد بالعلم يوشع بن نون، فإنه آمن به بعضهم وكفر بعضهم، وقيل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فاختلفوا فيها حسداً وبغياً، وقيل "بغياً" من بعضهم على بعض بطلب الرئاسة "إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" من أمر الدين، فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
17. " وآتيناهم بينات من الأمر "، يعني العلم بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم وما بين لهم من أمره، " فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ".
17-" وآتيناهم بينات من الأمر " إدلة في أمر الدين ويندرج فيها المعجزات . وقيل آيات من أمر النبي عليه الصلاة والسلام مبينة لصدقه . " فما اختلفوا " في ذلك الأمر " إلا من بعد ما جاءهم العلم " بحقيقة الحال " بغياً بينهم " عداوة وحسداً . " إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " بالمؤاخذة والمجازاة .
17. And gave them plain commandments. And they differed not until after the knowledge came unto them, through rivalry among themselves. Lo! thy Lord will judge between them on the Day of Resurrection concerning that wherein they used to differ.
17 - And We granted them Clear Signs in affairs (of Religion): it was only after knowledge had been granted to them that they fell into schisms, through insolent envy among themselves verily thy Lord will judge between them on the Day of Judgment as to those matters in which they set up differences.