[الدخان : 50] إِنَّ هَذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ
50 - ويقال لهم (إن هذا) الذي ترون من العذاب (ما كنتم به تمترون) فيه تشكون
وقوله : " إن هذا ما كنتم به تمترون " يقول تعالى ذكره : يقال له : إن هذا العذاب الذي تعذب به اليوم ، هو العذاب الذي كنتم في الدنيا تشكون ، فتختصمون فيه ، ولا توقنون به فقد لقيتموه ، فذوقوه .
قوله تعالى : " إن هذا ما كنتم به تمترون " أي تقول لهم الملائكة : إن هذا ما كنتم تشكون فيه في الدنيا .
يقول تعالى مخبراً عما يعذب به الكافرين الجاحدين للقائه: " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " الأثيم أي في قوله وفعله, وهو الكافر, وذكر غير واحد أنه أبو جهل, ولا شك في دخوله في هذه الاية, ولكن ليست خاصة به. قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا عبد الرحمن, حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث أن أبا الدرداء كان يقرىء رجلاً " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " فقال: طعام اليتيم, فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: قل إن شجرة الزقوم طعام الفاجر أي ليس له طعام من غيرها, قال مجاهد: ولو وقعت قطرة منها في الأرض لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم, وقد تقدم نحوه مرفوعاً, وقوله: "كالمهل" قالوا: كعكر الزيت " يغلي في البطون * كغلي الحميم " أي من حرارتها ورداءتها, وقوله: "خذوه" أي الكافر, وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية خذوه ابتدره سبعون ألفاً منهم, وقوله: "فاعتلوه" أي سوقوه سحباً ودفعاً في ظهره, قال مجاهد "خذوه فاعتلوه" أي خذوه فادفعوه, وقال الفرزدق:
ليس الكرام بناحليك أباهم حتى ترد إلى عطية تعتل
"إلى سواء الجحيم" أي وسطها "ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم" كقوله عز وجل: " يصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود " وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد, فتفتح دماغه ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه, فيسلت ما في بطنه من أمعائه حتى تمرق من كعبيه, أعاذنا الله تعالى من ذلك. وقوله تعالى: "ذق إنك أنت العزيز الكريم" أي قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ, وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي لست بعزيز ولا كريم. وقد قال الأموي في مغازيه: حدثنا أسباط بن محمد, حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل لعنه الله فقال: "إن الله تعالى أمرني أن أقول لك, أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى" قال: فنزع ثوبه من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء, ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء وأنا العزيز الكريم, قال فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته وأنزل: "ذق إنك أنت العزيز الكريم". وقوله عز وجل: "إن هذا ما كنتم به تمترون" كقوله تعالى: " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون " ولهذا قال تعالى ههنا: "إن هذا ما كنتم به تمترون".
والإشارة بقوله: 50- "إن هذا" إلى العذاب "ما كنتم به تمترون" أي تشكون فيه حين كنتم في الدنيا، والجمع باعتبار جنس الأثيم.
50. " إن هذا ما كنتم به تمترون "، تشكون فيه ولا تؤمنون به ثم ذكر مستقر المتقين، فقال:
50-" إن هذا " إن هذا الـ" عذاب " . " ما كنتم به تمترون " تشكون وتمارون فيه .
50. Lo! this is that whereof ye used to doubt.
50 - Truly this is what ye used to doubt!