[الدخان : 42] إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
42 - (إلا من رحم الله) وهم المؤمنون فإنه يشفع بعضهم لبعض بإذن الله (إنه هو العزيز) الغالب في انتقامه من الكفار (الرحيم) بالمؤمنين
وقوله : " إلا من رحم الله " اختلف أهل العربية في موضع < من > في قوله : " إلا من رحم الله " فقال بعض نحويي البصرة : إلا من رحم الله ، فجعله بدلاً من الاسم المضمر في ينصرون ، وإن شئت جعلته مبتدأ وأضمرت خبره ، يريد به : إلا من رحم الله فيغني عنه . وقال بعض نحويي الكوفة قوله : " إلا من رحم الله " قال : المؤمنون يشفع بعضهم في بعض ، فإن شئت فاجعل < من > في موضع رفع ، كأنك قلت : لا يقوم أحد إلا فلان ، وإن شئت جعلته نصباً على الاستثناء والانقطاع عن أول الكلام ، يريد : اللهم إلا من رحم الله .
وقال آخرون منهم : معناه : لا يغني مولى عن مولى شيئاً ، إلا من أذن الله له أن يشفع ، قال : لا يكون بدلاً مما في ينصرون ، لأن إلا محقق ، والأول منفي ، والبدل لا يكون إلا بمعنى الأول . قال : وكذلك لايجوز أن يكون مستأنفاً ، لأنه لا يستأنف بالاستثناء .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون في موضع رفع بمعنى : يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً إلا من رحم الله منهم ، فإنه يغني عنه بأن يشفع له عند ربه .
وقوله : " إنه هو العزيز الرحيم " يقول جل ثناؤه واصفاً نفسه : إن الله هو العزيز في انتقامه من أعدائه ، الرحيم بأوليائه وأهل طاعته .
قوله تعالى : " إلا من رحم الله " ( من ) رفع على البدل من المضمر في ( ينصرون ) ، كأنك قلت : لا يقوم أحد إلا فلان ، أو على الابتداء والخبر مضمر ، كأنه قال : إلا من رحم الله فمغفور له : أو فيغني عنه ويشفع وينصر ، أو على البدل من ( مولى ) الأول ، كأنه قال : لا يغني إلا من رحم الله ، وهو عند الكسائي و الفراء نصب على الاستثناء المنقطع ، أي لكن من رحم الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى من يغنيهم من المخلوقين ، ويجوز أن يكون استثناء متصلاً ، أي لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنه يؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض ، " إنه هو العزيز الرحيم " أي المنتقم من أعدائه الرحيم بأوليائه ، كما قال " شديد العقاب ذي الطول " [ غافر : 3 ] ، فقرن الوعد بالوعيد .
يقول تعالى مخبراً عن عدله وتنزيهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل كقوله جل وعلا: "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار" وقال تعالى: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ؟* فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم" ثم قال تعالى: "إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين" وهو يوم القيامة يفصل الله تعالى فيه بين الخلائق, فيعذب الكافرين ويثيب المؤمنين. وقوله عز وجل: "ميقاتهم أجمعين" أي يجمعهم كلهم أولهم وآخرهم "يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً" أي لا ينفع قريب قريباً كقوله سبحانه وتعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" وكقوله جلت عظمته: " ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم " أي لا يسأل أخاً له عن حاله وهو يراه عياناً. وقوله جل وعلا: "ولا هم ينصرون" أي لا ينصر القريب قريبه ولا يأتيه نصره من خارج, ثم قال: "إلا من رحم الله" أي لا ينفع يومئذ إلا رحمة الله عز وجل بخلقه "إنه هو العزيز الرحيم" أي هو عزيز ذو رحمة واسعة.
42- "إلا من رحم الله" قال الكسائي: الاستثناء منقطع: أي لكن من رحم الله، وكذا قال الفراء. وقيل هو متصل، والمعنى: لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين، فإنهم يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون، ويجوز أن يكون مرفوعاً على البدل من مولى الأول، أو من الضمير في ينصرون "إنه هو العزيز الرحيم" أي الغالب الذي لا ينصر من أراد عذابه الرحيم لعباده المؤمنين.
42. " إلا من رحم الله "، يريد المؤمنين فإنه يشفع بعضهم لبعض، " إنه هو العزيز "، في انتقامه من أعدائه، " الرحيم "، بالمؤمنين.
42-" إلا من رحم الله " بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه ، ومحله الرفع على البدل من الواو والنصب على الاستثناء " إنه هو العزيز " لا ينصر منه من أراد تعذيبه . " الرحيم " لمن أراد أن يرحمه .
42. Save him on whom Allah hath mercy. Lo! He is the Mighty, the Merciful.
42 - Except such as receive God's Mercy: for He is exalted in Might, Most Merciful.