[الزخرف : 42] أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ
42 - (أو نرينك) في حياتك (الذي وعدناهم) به من العذاب (فإنا عليهم) على عذابهم (مقتدرون) قادرون
ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : " فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون " كما انتقمنا من الأمم الماضية " أو نرينك الذي وعدناهم " فقد أراه الله ذلك وأظهره عليه . وهذا القول الثاني أولى التأويلين في ذلك بالصواب وذلك أن ذلك في سياق خبر الله عن المشركين فلأن يكون ذلك تهديداً لهم أولى من أن يكون وعيداً لمن لم يجر له ذكر . فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك : فإن نذهب بك يا محمد من بين أظهر هؤلاء المشركين ، فنخرجك من بينهم " فإنا منهم منتقمون " ، كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذبة رسلها ، " أو نرينك الذي وعدناهم " يا محمد من الظفر بهم ، وإعلائك عليهم " فإنا عليهم مقتدرون " أن نظهرك عليهم ، ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك .
قوله تعالى : " أو نرينك الذي وعدناهم " وهو الإنتقام منهم في حياتك ، " فإنا عليهم مقتدرون " قال ابن عباس : قد أراه الله ذلك يوم بدر ، وهو قول أكثر المفسرين ، وقال الحسن و قتادة : هي في أهل الإسلام ، يريد ما كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن ، و (( تذهبن بك )) على هذا نتوفينك ، وقد كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نقمة شديدة فأكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم وذهب به فلم يره في أمته التي تقر به عينه وأبقى النقمة بعده ، وليس من نبي إلا وقد أري النقمة في أمته ، وروي : " أن النبي صلى الله عليه وسلم أري ما لقيت أمته من بعده ، فما زال منقبضاً ، ما انبسط ضاحكاً حتى لقي الله عز وجل" ، وعن ابن مسعود : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أراد الله بأمة خيراً قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطاً وسلفاً ، وإذا أراد الله بأمة عذاباً عذبها ونبيها حي لتقر عينه لما كذبوه وعصوا أمره " .
يقول تعالى: "ومن يعش" أي يتعامى ويتغافل ويعرض "عن ذكر الرحمن" والعشا في العين ضعف بصرها, والمراد ههنا عشا البصيرة "نقيض له شيطاناً فهو له قرين" كقوله تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى" الاية, وكقوله: "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم" وكقوله جل جلاله: "وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم" الاية, ولهذا قال تبارك وتعالى ههنا: "وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا" أي هذا الذي تغافل عن الهدى نقيض له من الشياطين من يضله ويهديه إلى صراط الجحيم. فإذا وافى الله عز وجل يوم القيامة يتبرم بالشيطان الذي وكل به "قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين" وقرأ بعضهم " حتى إذا جاءنا " يعني القرين والمقارن. قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن سعيد الجريري قال: بلغنا أن الكافر إذا بعث من قبره يوم القيامة سفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصيرهما الله تبارك وتعالى إلى النار, فذلك حين يقول "يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين" والمراد بالمشرقين هاهنا هو ما بين المشرق والمغرب وإنما استعمل هاهنا تغليباً كما يقال: القمران والعمران والأبوان, قاله ابن جرير وغيره.
ثم قال تعالى: "ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون" أي لا يغني عنكم اجتماعكم في النار واشتراككم في العذاب الأليم. وقوله جلت عظمته: "أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين" أي ليس ذلك إليك إنما عليك البلاغ وليس عليك هداهم, ولكن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الحكم العدل في ذلك ثم قال تعالى: "فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون" أي لا بد أن ننتقم منهم ونعاقبهم ولو ذهبت أنت "أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون" أي نحن قادرون على هذا وعلى هذا ولم يقبض الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أقر عينه من أعدائه وحكمه في نواصيهم, وملكه ما تضمنته صياصيهم! هذا معنى قول السدي واختاره ابن جرير.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى, حدثنا ابن ثور عن معمر قال: تلا قتادة "فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون" فقال: ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة, ولن يري الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في أمته شيئاً يكرهه حتى مضى, ولم يكن نبي قط إلا وقد رأى العقوبة في أمته إلا نبيكم صلى الله عليه وسلم. قال: وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري ما يصيب أمته من بعده فما رئي ضاحكاً منبسطاً حتى قبضه الله عز وجل, وذكر من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة نحوه, ثم روى ابن جرير عن الحسن نحو ذلك أيضاً, وفي الحديث "النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد, وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون" ثم قال عز وجل "فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم" أي خذ بالقرآن المنزل على قلبك, فإنه هو الحق وما يهدي إليه هو الحق المفضي إلى صراط الله المستقيم الموصل إلى جنات النعيم والخير الدائم المقيم.
ثم قال جل جلاله: "وإنه لذكر لك ولقومك" قيل معناه لشرف لك ولقومك, قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد, واختاره ابن جرير ولم يحك سواه وأورد البغوي ههنا حديث الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين" رواه البخاري ومعناه أنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم, فهم أفهم الناس له فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه, وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخلص من المهاجرين السابقين الأولين ومن شابههم وتابعهم, وقيل معناه "وإنه لذكر لك ولقومك" أي لتذكير لك ولقومك, وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم, كقوله تعالى: "لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون" وكقوله تبارك وتعالى: "وأنذر عشيرتك الأقربين" "وسوف تسألون" أي عن هذا القرآن, وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له.
وقوله سبحانه وتعالى: "واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون" أي جميع الرسل دعوا إلى ما دعوت الناس إليه من عبادة الله وحده لا شريك له, ونهوا عن عبادة الأصنام والأنداد, كقوله جلت عظمته: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" قال مجاهد في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا. وهكذا حكاه قتادة والضحاك والسدي عن ابن مسعود رضي الله عنه, وهذا كأنه تفسير لا تلاوة, والله أعلم. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: واسألهم ليلة الإسراء, فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جمعوا له, واختار ابن جرير الأول, والله أعلم.
42- "أو نرينك الذي وعدناهم" من العذاب قبل موتك "فإنا عليهم مقتدرون" متى شئنا عذبناهم. قال كثير من المفسرين: قد أراه الله ذلك يوم بدر. وقال الحسن وقتادة: هي في أهل الإسلام يريد ما كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن، وقد كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم فتنة شديدة، فأكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم فلم يره في أمته شيئاً من ذلك، والأول أولى.
42. " أو نرينك "، في حياتك، " الذي وعدناهم "، من العذاب، " فإنا عليهم مقتدرون "، قادرون، متى شئنا عذبناهم، وأراد به مشركي مكة انتقم منهم يوم بدر، هذا قول أكثر المفسرين، وقال الحسن و قتادة : عنى به أهل الإسلام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نقمة شديدة في أمته، فأكرم الله نبيه وذهب به ولم يره في أمته إلا الذى يقر عينه، وأبقى النقمة بعده. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أري ما يصيب أمته بعده فما رئي ضاحكاً منبسطاً حتى قبضه الله.
42-" أو نرينك الذي وعدناهم " أو إن أردنا أن نريك ما وعدناهم من العذاب ،وقرأ يعقوب برواية رويس أو " نرينك " بإسكان النون وكذا " نذهبن " . " فإنا عليهم مقتدرون " لا يفوتوننا .
42. Or (if) We show thee that wherewith We threaten them; for lo! We have complete command of them.
42 - Or We shall show thee that (accomplished) which We have promised them for verily We shall prevail over them.