[فصلت : 46] مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
46 - (من عمل صالحا فلنفسه) عمل (ومن أساء فعليها) فضرر إساءته على نفسه (وما ربك بظلام للعبيد) بذي ظلم لقوله تعالى إن الله لا يظلم مثقال ذرة
يقول تعالى ذكره : من عمل بطاعة الله في هذه الدنيا ، فأتمر لأمره ، وانتهى عما نهاه عنه " فلنفسه " يقول : فلنفسه عمل ذلك الصالح من العمل ، لأنه يجازى عليه جزاءه ، فيستوجب في المعاد من الله الجنة ، والنجاة من النار ، " ومن أساء فعليها " يقول : ومن عمل بمعاصي الله فيها ، فعلى نفسه جنى ، لأنه أكسبها بذلك سخط الله ، والعقاب الأليم " وما ربك بظلام للعبيد " يقول تعالى ذكره : وما ربك يا محمد بحامل عقوبة ذنب مذنب على غير مكتسبه ، بل لا يعاقب أحداً إلا على جرمه الذي اكتسبه في الدنيا ، أو على سبب استحقه به منه ، والله أعلم .
قوله تعالى : " من عمل صالحا فلنفسه " شرط وجوابه وكذا " ومن أساء فعليها " والله جل وعز مستغن عن طاعة العباد ، فمن أطاع فالثواب له ، ومن أساء فالعقاب عليه " وما ربك بظلام للعبيد " نفى الظلم عن نفسه جل وعز قليله وكثيره ، وإذا انتفت المبالغة انتفى غيرها ، دليلى قوله الحق " إن الله لا يظلم الناس شيئاً "[ يونس : 44] وروى العدول الثقات ، والأئمة الأثبات ، عن الزاهد العدل ، عن أمين الأرض ، عن أمين السماء ، عن الرب جل جلاله : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " الحديث . وأيضاً فهو الحكيم المالك ، وما يفعله المالك في ملكه لا اعتراض عليه ، إذ له التصرف في ملكه بما يريد .
يقول تعالى: "من عمل صالحاً فلنفسه" اي إنما يعود نفع ذلك على نفسه "ومن أساء فعليها" أي إنما يرجع وبال ذلك عليه "وما ربك بظلام للعبيد" أي لا يعاقب أحداً إلا بذنبه ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه وإرسال الرسول إليه ثم قال جل وعلا: "إليه يرد علم الساعة" أي لا يعلم ذلك أحد سواه كما قال محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر لجبريل عليه الصلاة والسلام وهو من سادات الملائكة حين سأله عن الساعة فقال "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" وكما قال عز وجل: "إلى ربك منتهاها" وقال جل جلاله: "لا يجليها لوقتها إلا هو" قوله تبارك وتعالى: "وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه" أي الجميع بعلمه لايعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وقد قال سبحانه وتعالى: "وما تسقط من ورقة إلا يعلمها" وقال جلت عظمته: "يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار" وقال تعالى: " وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير " وقوله جل وعلا: "ويوم يناديهم أين شركائي ؟" أي يوم القيامة ينادي الله المشركين على رؤوس الخلائق أين شركائي الذين عبدتموهم معي "قالوا آذناك" أي أعلمناك "ما منا من شهيد" أي ليس أحد منا يشهد اليوم أن معك شريكاً "وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل" أي ذهبوا فلم ينفعوهم "وظنوا ما لهم من محيص" أي وظن المشركون يوم القيامة وهذا بمعنى اليقين "ما لهم من محيص" أي لا محيد لهم عن عذاب الله كقوله تعالى: "ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً".
46- "من عمل صالحاً فلنفسه" أي من أطاع الله وآمن برسوله ولم يكذبهم فثواب ذلك راجع إليه ونفعه خاص به "ومن أساء فعليها" أي عقاب إساءته عليه لا على غيره "وما ربك بظلام للعبيد" فلا يعذب أحداً إلا بذنبه، ولا يقع منه الظلم لأحد كما في قوله سبحانه: "إن الله لا يظلم الناس شيئاً" وقد تقدم الكلام على معنى هذه الآية في سورة آل عمران عند قوله: "وأن الله ليس بظلام للعبيد" وفي سورة الأنفال أيضاً.
46. " من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد ".
46-" من عمل صالحاً فلنفسه " نفعه . " ومن أساء فعليها " ضره . " وما ربك بظلام للعبيد " فيفعل بهم ما ليس له أن يفعله .
46. Whoso doeth right it is for his soul, and whoso doeth wrong it is against it. And thy Lord is not at all a tyrant to His slaves.
46 - Whoever works righteousness benefits his own soul; whoever works evil, it is against his own soul: nor is thy Lord ever Unjust (in the least) to His servants.