[النساء : 49] أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
(ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) وهم اليهود حيث قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه أي ليس الأمر بتزكيتهم أنفسهم (بل الله يزكي) يطهر (من يشاء) بالإيمان (ولا يظلمون) ينقصون من أعمالهم (فتيلا) قدر قشرة النواة
قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزكون الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ويقربون قربانهم يزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب فأنزل الله ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم وأخرح ابن جرير نحوه عن عكرمة ومجاهد وأبي مالك وغيرهم
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : ألم تر، يا محمد بقلبك ، الذين يزكون أنفسهم من اليهود فيبرئونها من الذنوب ويطهرونها.
واختلف أهل التأويل ، في المعنى الذي كانت اليهود تزكي به أنفسها.
فقال بعضهم : كانت تزكيتهم أنفسهم ، قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا"، وهم أعداء الله اليهود، زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه ، فقالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه . وقالوا : لا ذنوب لنا.
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، قال : هم اليهود والنصارى، قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه . وقالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى .
وحدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان ، عن الضحاك قال : قالت اليهود: ليست لنا ذنوب إلا كذنوب أولادنا يوم يولدون ! فإن كانت لهم ذنوب فإن لنا ذنوباً! فإنما نحن مثلهم ! قال الله تعالى ذكره : "انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا".
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، قال : قال أهل الكتاب : لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ، وقالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقالوا : نحن على الذي يحب الله . فقال تبارك وتعالى : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء"، حين زعموا أنهم يدخلون الجنة، وأنهم أبناء الله وأحباؤه وأهل طاعته .
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا"، نزلت في اليهود، قالوا : إنا نعلم أبناءنا التوراة صغاراً، فلا تكون لهم ذنوب ، وذنوبنا مثل ذنوب أبنائنا، ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل .
وقال آخرون : بل كانت تزكيتهم أنفسهم ، تقديمهم أطفالهم لإمامتهم في صلاتهم ، زعما منهم أنهم لا ذنوب لهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : "يزكون أنفسهم"، قال : يهود، كانوا يقدمون صبيانهم في الصلاة فيؤمونهم ، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم. فتلك التزكية .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن الأعرج ، عن مجاهد قال : كانوا يقدمون الصبيان أمامهم في الدعاء والصلاة يؤمونهم ، ويزعمون أنهم لا ذنوب لهم ، فتلك تزكية. قال ابن جريج : هم اليهود والنصارى .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حصين ، عن أبي مالك في قوله : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، قال : نزلت في اليهود، كانوا يقدمون صبيانهم يقولون : ليست لهم ذنوب .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن أبي مكين ، عن عكرمة في قوله : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، قال : كان أهل الكتاب يقدمون الغلمان الذين لم يبلغوا الحنث يصلون بهم ، يقولون : ليس لهم ذنوب ! فأنزل الله : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، الآية .
وقال آخرون : بل تزكيتهم أنفسهم ، كانت قولهم : إن أبناءنا سيشفعون لنا ويزكوننا.
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمى قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، وذلك أن اليهود قالوا : إن أبناءنا قد توفوا، وهم لنا قربة عند الله ، وسيشفعون ويزكوننا! فقال الله لمحمد : "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" إلى "ولا يظلمون فتيلا".
قال آخرون : بل ذلك كان منهم ، تزكية من بعضهم لبعض .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : قال عبد الله : إن الرجل ليغدو بدينه ، ثم يرجع وما معه منه شيء ! يلقى الرجل ليس يملك له نفعاً ولا ضراً، فيقول :والله إنك لذيت وذيت ، ولعله أن يرجع ولم يحل من حاجته بشيء ، وقد أسخط الله عليه . ثم قرأ: "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" الآية.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب ، قول من قال : معنى تزكية القوم ، الذين وصفهم الله بأنهم يزكون أنفسهم ، وصفهم إياها بأنها لا ذنوب لها ولا خطايا، وأنهم لله أبناء وأحباء، كما أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولونه. لأن ذلك هو أظهر معانيه ، لإخبار الله عنهم أنهم إنما كانوا يزكون أنفسهم دون غيرها.
وأما الذين قالوا : معنى ذلك : تقديمهم أطفالهم للصلاة، فتأويل لا تدرك صحته إلا بخبر حجة يوجب العلم .
وأما قوله جل ثناؤه : "بل الله يزكي من يشاء"، فإنه تكذيب من الله المزكين أنفسهم من اليهود والنصارى، المبرئيها من الذنوب . يقول الله لهم : ما الأمر كما زعمتم أنه لا ذنوب لكم ولا خطايا، وأنكم برآء مما يكرهه الله ، ولكنكم أهل فرية وكذب على الله ، وليس المزكى من زكى نفسه ، ولكنه الذي يزكيه الله ، والله يزكي من يشاء من خلقه فيطهره ويبرئه من الذنوب ، بتوفيقه لاجتناب ما يكرهه من معاصيه ، إلى ما يرضاه من طاعته .
وإنما قلنا إن ذلك كذلك ، لقوله جل ثناؤه : انظر كيف يفترون على الله الكذب ، وأخبر أنهم يفترون على الله الكذب بدعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأن الله قد طهرهم من الذنوب .
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : ولا يظلم الله هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يزكون أنفسهم ولا غيرهم من خلقه ، فيبخسهم في تركه تزكيتهم ، وتزكية من ترك تزكيته ، وفي تزكية من زكى من خلقه ، شيئاً من حقوقهم ، ولا يضع شيئاً في غير موضعه ، ولكنه يزكي من يشاء من خلقه ، فيوفقه ، ويخذل من يشاء من أهل معاصيه. كل ذلك إليه وبيده ، وهو في كل ذلك غير ظالم أحداً -ممن زكاه أو لم يزكه - فتيلاً.
واختلف أهل التأويل في معنى الفتيل .
فقال بعضهم : هو ما خرج من بين الإصبعين والكفين من الوسخ ، إذا فتلت إحداهما بالأخرى.
ذكر من قال ذلك :
حدثني سليمان بن عبد الجبار [قال ، حدثنا محمد بن الصلت]قال ، حدثنا أبو كدينة، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : الفتيل ما خرج من بين إصبعيك .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن التيمي قال : سألت ابن عباس عن قوله : "ولا يظلمون فتيلا"، قال : ما فتلت بين إصبعيك .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن يزيد بن درهم أبي العلاء قال ، سمعت أبا العالية، عن ابن عباس : "ولا يظلمون فتيلا"، قال : الفتيل ، هو الذي يخرج من بين إصبعي الرجل .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "ولا يظلمون فتيلا"، والفتيل ، هو أن تدلك إصبعيك ، فما خرج بينهما فهو ذلك .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا حصين ، عن أبي مالك في قوله : "ولا يظلمون فتيلا"، قال : الفتيل ، الوسخ الذي يخرج من بين الكفين .
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي ، قال : الفتيل ، ما فتلت به يديك ، فخرج وسخ .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله : "ولا يظلمون فتيلا"، قال : ما تدلكه في يديك فيخرج بينهما.
وأناس يقولون : الذي يكون في بطن النواة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله : "فتيلا"، قال : الذي في بطن النواة.
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء قال : الفتيل ، الذي في بطن النواة .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، حدثني طلحة بن عمرو: أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول، فذكر مثله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن كثير: أنه سمع مجاهدا يقول : الفتيل ، الذي في شق النواة.
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا محمد بن سعيد قال ، حدثنا سفيان بن سعيد، عن منصور، عن مجاهد قال : الفتيل ، في النوى.
حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله : "ولا تظلمون فتيلا"، قال : الفتيل الذي في شق النواة.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول : الفتيل ، شق النواة .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد: الفتيل ، الذي في بطن النواة .
حدثني يحيى بن أبي طالب قال ، أخبرنا يزيد قال ، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال : الفتيل ، الذي يكون في شق النواة.
حدثنا المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: "ولا يظلمون فتيلا"، فتيل النواة .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا قرة، عن عطية قال : الفتيل ، الذي في بطن النواة .
قال أبو جعفر: وأصل الفتيل ، المفتول ، صرف من مفعول إلى فعيل كما قيل : صريع ودهين من مصروع و مدهون .
وإذ كان ذلك كذلك ، وكان الله جل ثناؤه إنما قصد بقوله : "ولا يظلمون فتيل"، الخبر عن أنه لا بظلم عباده أقل الأشياء التي لا خطر لها، فكيف بما له خطر؟ وكان الوسخ الذي يخرج من بين إصبعي الرجل أو من بين كفيه إذا فتل إحداهما على الأخرى، كالذي هو في شق النواة وبطنها، وما أشبه ذلك من الأشياء التي هي مفتولة، مما لا خطر له ، ولا قيمة، فواجب أن يكون كل ذلك داخلاً في معنى الفتيل ، إلا أن يخرج شيئاً من ذلك ما يجب التسليم له ، مما دل عليه ظاهر التنزيل.
فيه ثلاثة مسائل
الأولى - قوله تعالى :" ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم " هذا اللفظ عام في ظاهره ولم يختلف أحد من المتأولين في أن المراد اليهود واختلفوا في المعنى الذي زكوا به أنفسهم فقال قتادة والحسن: ذلك قولهم :" نحن أبناء الله وأحباؤه " وقوله : "لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " وقال الضحاك والسدي: قولهم لا ذنوب لنا وما فعلناه نهاراً غفر لنا ليلاً وما فلعناه ليلاً غفر لها نهاراً ونحن كالأطفال في عدم الذنوب وقال مجاهد وأبو مالك وعكرمة: تقديمهم الصغار للصلاة لأنهم لا ذنوب عليهم، وهذا يبعد من مقصد الآية وقال ابن عباس : ذلك قولهم آباؤنا الذين ماتوا يشفعون لنا ويزكوننا، وقال عبد الله بن مسعود: ذلك ثناء بعضهم على بعض وهذا أحسن ما قيل، فإنه ظاهر من معنى الآية والتزكية: التطهير والبترية من الذنوب .
الثانية - هذه الآية وقوله تعالى :" فلا تزكوا أنفسكم " [النجم:32] يقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه، وإنما العبرة بتزكية الله له . وفي صحيح مسلم "عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي برة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسو الله صلى الله علهي وسلم نهى عن هذا الاسم سميت برة فقال ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم فقالوا: بم نسميها ؟ فقال: سموها زينب " فقد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ويجري هذا المجرى ما قد كثر في هذه الديار المصرية من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية كزكي الدين ومحيي الدين وما أشبه ذلك، لكن لما كثرت قبائح المسمين بهذه الأسماء ظهر تخلف هذه النعوت عن أصلها فصارت لا تفيد شيئاً .
الثالثة- فأما تزكية الغير ومدحه له ففي البخاري من حديث أبي بكرة "أن رجلاً ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه وسلم :
ويحك قطعت عنق صاحبك - يقوله مراراً- إن كان أحدكم مادحاً لا محالة فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك وحسيبه الله ولا يزكي على الله أحد" فنهى صلى الله عليه وسلم أن يفرط في مدح الرجل بما ليس فيه فيدخله في ذلك الإعجاب والكبر ويظن أنه في الحقيقة بتلك المنزلة فيحمله ذلك على تضييع العمل وترك الازدياد من الفضل ولذلك "قال صلى الله عليه وسلم : ويحك قطعت عنق صاحبك" وفي الحدث الآخر
"قطعتم ظهر الرجل" حيث وصفوه بما ليس فيه وعلى هذا تأويل العلماء قوله صلى الله عليه وسلم :"
احثوا التراب في وجوه المداحين " أن المراد به المداحون في وجوههم بالباطل وبما ليس فيهم حتى يجعلوا ذلك بضاعة يستأكلون به الممدوح ويفتنونه فأما مدح الرجل بما فيه من الفعل الحسن والأمر المحمود ليكون منه ترغيباً له في أمثاله وتحريضاً للناس على الاقتداء به في أشباهه فليس بمداح ، وإن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جميل القول فيه وهذا راجع إلى النيات والله يعلم المفسد من المصلح وقد مدح صلى الله عليه وسلم في الشعر والخطب والمخاطبة ولم يحث في وجوه المداحين التراب ولا أمر بذلك كقوله أبي طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمه للأرامل
وكمدح العباس وحسان له في شعرهما ، ومدحه كعب بن زهير، ومدح هو أيضاً أصحابه فقال: "إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع" وأما "قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح الحديث :
لتا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم وقولوا: عبد الله ورسوله " فمعناه لا تصفوني بما ليس في من الصفات تلتمسون بذلك مدحي كما وصفت النصارى عيسى بما لم يكن فيه ، فنسبوه إلى أنه ابن الله فكفروا بذلك وضلوا وهذا يقتضي أن من رفع امرأ فوق حده وتجاوز مقداره بما ليس في فمعتد آثم، لأن ذلك لو جاز في أحد لكان أولى الخلق بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قوله تعالى :" ولا يظلمون فتيلا" الضمير في يظلمون عائد على المذكورين من زكى نفسه وممن يزكيه الله عز وجل وغير هذين الصنفين علم أن الله لا يظلمه من غير هذه الآية والفتيل الخيط الذي في شق نواة التمرة قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد وقيل الشقرة التي حول النواة بينها وبين البسرة وقال ابن عباس أيضاً وأبو مالك والسدي: هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفيك من الوسخ إذا فتلتهما فهو فعيل بمعنى مفعول وهذا كله يرجع إلى كناية عن تحقير الشيء وتصغيره وأن الله لا يظلمه شيئاً ومثل هذا في التحقير قوله تعالى :" ولا يظلمون نقيرا" [ النساء : 124] وهو النكتة التي في ظهر النواة ومنه تنبت النخلة وسيأتي قال الشاعر يذم بعض الملوك :
تجمع الجيش ذا الألوف وتغزو ثم لا ترزأ العدو فتيلا
قال الحسن وقتادة: نزلت هذه الاية وهي قوله "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" في اليهود والنصارى حين قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه وقال ابن زيد: نزلت في قولهم: "نحن أبناء الله وأحباؤه", وفي قولهم "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى", وقال مجاهد: كانوا يقدمون الصبيان أمامهم في الدعاء والصلاة يؤمونهم ويزعمون أنهم لا ذنب لهم, وكذا قال عكرمة وأبو مالك, وروى ذلك ابن جرير, وقال العوفي عن ابن عباس في قوله "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" وذلك أن اليهود قالوا: إن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة وسيشفعون لنا ويزكوننا, فأنزل الله على محمد "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" الاية, رواه ابن جرير, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمد بن مصفى, حدثنا ابن حمير عن ابن لهيعة, عن بشير بن أبي عمرو, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: كان اليهود يقومون صبيانهم يصلون بهم, ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب, وكذبوا, قال الله: إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له, وأنزل الله "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" ثم قال: وروي عن مجاهد وأبي مالك والسدي وعكرمة والضحاك, نحو ذلك, وقال الضحاك: قالوا: ليس لنا ذنوب كما ليس لأبنائنا ذنوب, فأنزل الله "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" فيهم, وقيل: نزلت في ذم التمادح والتزكية, وقد جاء في الحديث الصحيح عند مسلم عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب, وفي الحديث الاخر المخرج في الصحيحين من طريق خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة, عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, سمع رجلاً يثني على رجل, فقال "ويحك قطعت عنق صاحبك", ثم قال: "إن كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة, فليقل أحسبه كذا, ولا يزكي على الله أحداً". وقال الإمام أحمد: حدثنا معتمر عن أبيه عن نعيم بن أبي هند قال: قال عمر بن الخطاب: من قال: أنا مؤمن فهو كافر ومن قال هو عالم فهو جاهل ومن قال هو في الجنة فهو في النار, ورواه ابن مردويه من طريق موسى بن عبيدة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عمر أنه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه فمن قال إنه مؤمن فهو كافر, ومن قال: هو عالم فهو جاهل, ومن قال: إنه في الجنة فهو في النار, وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة وحجاج, أنبأنا شعبة عن سعد بن إبراهيم, عن معبد الجهني, قال: كان معاوية قلما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكان قلما يكاد أن يدع يوم الجمعة هؤلاء الكلمات أن يحدث بهن عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين, وإن هذا المال حلو خضر, فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه, وإياكم والتمادح فإنه الذبح" وروى ابن ماجه منه "إياكم والتمادح فإنه الذبح" عن أبي بكر بن أبي شيبة عن غندر عن شعبة به, ومعبد هذا هو ابن عبد الله بن عويم البصري القدري. وقال ابن جرير: حدثنا يحيى بن إبراهيم المسعودي, حدثنا أبي عن أبيه, عن جده, عن الأعمش, عن قيس بن مسلم, عن طارق بن شهاب, قال: قال عبد الله بن مسعود: إن الرجل ليغدو بدينه ثم يرجع وما معه منه شيء, يلقى الرجل ليس يملك له نفعاً ولا ضراً, فيقول له: إنك والله كيت وكيت, فلعله أن يرجع ولم يحل من حاجته بشيء, وقد أسخط الله, ثم قرأ "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" الاية, وسيأتي الكلام على ذلك مطولاً عند قوله تعالى "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" ولهذا قال تعالى: "بل الله يزكي من يشاء" أي المرجع في ذلك إلى الله عز وجل لأنه أعلم بحقائق الأمور وغوامضها, ثم قال تعالى: "ولا يظلمون فتيلاً" أي ولا يترك لأحد من الأجر ما يوازن مقدار الفتيل, قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطاء والحسن وقتادة وغير واحد من السلف: هو ما يكون في شق النواة. وعن ابن عباس أيضاً: هو ما فتلت بين أصابعك, وكلا القولين متقارب. وقوله "انظر كيف يفترون على الله الكذب" أي في تزكيتهم أنفسهم ودعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه, وقولهم "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى", وقولهم "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات" واتكالهم على أعمال آبائهم الصالحة, وقد حكم الله أن أعمال الاباء لا تجزي عن الأبناء شيئاً في قوله "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم" الاية, ثم قال "وكفى به إثماً مبيناً" أي وكفى بصنيعهم هذا كذباً وافتراء ظاهراً. وقوله "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت" أما الجبت, فقال محمد بن إسحاق, عن حسان بن فائد, عن عمر بن الخطاب أنه قال: الجبت السحر, والطاغوت الشيطان. وهكذا روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن والضحاك والسدي, وعن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن وعطية: الجبت الشيطان, وزاد ابن عباس: بالحبشية وعن ابن عباس أيضاً: الجبت الشرك. وعنه: الجبت الأصنام. وعن الشعبي: الجبت الكاهن, وعن ابن عباس: الجبت حيي بن أخطب, وعن مجاهد: الجبت كعب بن الأشرف, وقال العلامة أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري في كتابه الصحاح: الجبت كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك. وفي الحديث "الطيرة والعيافة والطرق من الجبت". قال: وليس هذا من محض العربية لاجتماع الجيم والتاء في كلمة واحدة من غير حرف ذو لقي. وهذا الحديث الذي ذكره وراه الإمام أحمد في مسنده, فقال: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا عوف عن حيان أبي العلاء, حدثنا قطن بن قبيصة عن أبيه وهو قبيصة بن مخارق أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت" وقال عوف: العيافة زجر الطير, والطرق الخط يخط في الأرض, والجبت, قال الحسن: إنه الشيطان. وهكذا رواه أبو داود في سننه, والنسائي وابن أبي حاتم في تفسيريهما من حديث عوف الأعرابي به. وقد تقدم الكلام على الطاغوت في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ههنا. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا إسحاق بن الضيف, حدثنا حجاج عن ابن جريج, أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله أنه سئل عن الطواغيت, فقال: هم كهان تنزل عليهم الشياطين. وقال مجاهد: الطاغوت الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه, وهو صاحب أمرهم. وقال الإمام مالك: الطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله عز وجل. وقوله "ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً" أي يفضلون الكفار على المسلمين بجهلهم, وقلة دينهم, وكفرهم بكتاب الله يأيديهم. وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري, حدثنا سفيان عن عمرو, عن عكرمة, قال: جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة فقالوا لهم: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم, فأخبرونا عنا وعن محمد, فقالوا: ما أنتم وما محمد, فقالوا: نحن نصل الأرحام, وننحر الكوماء, ونسقي الماء على اللبن, ونفك العناة, ونسقي الحجيج, ومحمد صنبور قطع أرحامنا, واتبعه سراق الحجيج بنو غفار, فنحن خير أم هو ؟ فقالوا: أنتم خير وأهدى سبيلاً, فأنزل الله "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً" الاية, وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس وجماعة من السلف. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي عن داود, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت قريش: ألا ترى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة, وأهل السقاية ؟ قال: أنتم خير, قال فنزلت "إن شانئك هو الأبتر" ونزل " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا * أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا " وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس, قال: كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار وحوح بن عامر وهوذة بن قيس, فأما وحوح وأبو عمار وهوذة فمن بني وائل, وكان سائرهم من بني النضير, فلما قدموا على قريش قالوا: هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد ؟ فسألوهم فقالوا: بل دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه وممن اتبعه, فأنزل الله عزو وجل "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب" إلى قوله عز وجل "وآتيناهم ملكاً عظيماً" وهذا لعن لهم وإخبار بأنهم لا ناصر لهم في الدنيا ولا في الاخرة لأنهم إنما ذهبوا يستنصرون بالمشركين, وإنما قالوا لهم ذلك, ليستميلوهم إلى نصرتهم, وقد أجابوهم وجاءوا معهم يوم الأحزاب حتى حفر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حول المدينة الخندق, فكفى الله شرهم "ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً".
قوله 49- "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" تعجيب من حالهم. وقد اتفق المفسرون على أن المراد اليهود. واختلفوا في المعنى الذي زكوا به أنفسهم، فقال الحسن وقتادة: هو قولهم "نحن أبناء الله وأحباؤه" وقولهم: "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى" وقال الضحاك: هو قولهم لا ذنوب لنا ونحن كالأطفال، وقيل قولهم: إن آباءهم يشفعون لهم، وقيل: ثناء بعضهم على بعض. ومعنى التزكية: التطهير والتنزيه، فلا يبعد صدقها على جميع هذه التفاسير وعلى غيرها، واللفظ يتناول كل من زكى نفسه بحق أو بباطل من اليهود وغيرهم، ويدخل في هذا التقلب بالألقاب المتضمنة للتزكية كمحيي الدين وعز الدين ونحوهما. قوله "بل الله يزكي من يشاء" أي: ذلك إليه سبحانه فهو العالم بمن يستحق التزكية من عباده ومن لا يستحقها، فليدع العباد تزكية أنفسهم ويفوضوا أمر ذلك إلى الله سبحانه، فإن تزكيتهم لأنفسهم مجرد دعاوى فاسدة تحمل عليها محبة النفس وطلب العلو والترفع والتفاخر، ومثل هذه الآية قوله تعالى "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى". قوله "ولا تظلمون" أي هؤلاء المزكون لأنفسهم "فتيلاً" وهو الخيط الذي في نواة التمر، وقيل: القشرة التي حول النواة، وقيل: هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفيك من الوسخ إذا فتلتهما، فهو فتيل بمعنى مفتول، والمراد هنا: الكناية عن الشيء الحقير، ومثله "ولا يظلمون نقيراً" وهو النكتة التي في ظهر النواة. والمعنى: أن هؤلاء الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم لأنفسهم بقدر هذا الذنب ولا يظلمون بالزيادة على ما يستحقون، ويجوز أن يعود الضمير إلى "من يشاء" أي: لا يظلم هؤلاء الذين يزكيهم الله فتيلاً مما يستحقونه من الثواب.
49-قوله تعالى:" ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"الآية، قال الكلبي:" نزلت في رجال من اليهود منهم بحري بن عمرو والنعمان بن أوفى ومرحب بن زيد، أتوا بأطفالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ فقال: لا ، قالوا: ما نحن إلا كهيئتهم، ما عملنا بالنهار يكفر عنا بالليل، وما عملنا بالليل يكفر عنا بالنهار، فأنزل الله تعالى هذه الآية".
وقال مجاهد وعكرمة: كانوا يقدمون أطفالهم في الصلاة ، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم فتلك التزكية.
وقال الحسن والضحاك وقتادة ومقاتل: نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه، " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى" (البقرة-111) وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : هو تزكية بعضهم لبعض ، روى طارق بن شهاب عن ابن مسعود قال: إن الرجل ليغدو من بيته ومع دينه فيأتي الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضراً ولا نفعاً فيقول: والله إنك كيت وكيت ويرجع إلى بيته وما معه من دينه شيء ، ثم قرأ:" ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، الآية.
قوله تعالى:" بل الله يزكي"أي: يطهر ويبرىء من الذنوب ويصلح،"من يشاء ولا يظلمون فتيلاً" وهو اسم لما في شق النواة، والقطمير اسم للقشرة التي على النواة ، والنقير اسم للنقطة التي على ظهر النواة، وقيل : الفتيل من الفتل وهو ما يجعل بين الأصبعين من الوسخ عند الفتل.
49"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" يعني أهل الكتاب قالوا "نحن أبناء الله وأحباؤه" وقيل: "ناس من اليهود جاؤوا بأطفالهم إلى رسول الله فقالوا: هل على هؤلاء ذنب قال لا قالوا: والله ما نحن إلا كهيئتهم ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل، وما عملنا بالليل كفر عنا بالنهار". وفي معناهم من زكى نفسه وأثنى عليها. "بل الله يزكي من يشاء" تنبيه على أن تزكيته تعالى هي المعتد بها دون تزكية غيره، فإنه العالم بما ينطوي عليه الإنسان من حسن وقبيح، وقد ذمهم وزكى المرتضين من عباده المؤمنين. وأصل التزكية نفي ما يستقبح فعلاً أو قولاً. "ولا يظلمون" بالذم أو العقاب على تزكيتهم أنفسهم بغير حق. "فتيلاً" أدنى ظلم وأصغره، وهو الخيط الذي في شق النواة يضرب به المثل في الحقارة.
49. Hast thou not seen those who praise themselves for purity? Nay, Allah purifieth whom He will, and they will not be wronged even the hair upon a date stone.
49 - Last thou not turned thy vision to those who claim sanctity for themselves? nay but God doth sactify whom he pleaseth. but never will they fail to receive justice in the least little thing.