[النساء : 44] أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا) حظا (من الكتاب) وهم اليهود (يشترون الضلالة) بالهدى (ويريدون أن تضلوا السبيل) تخطئوا الطريق لتكونوا مثلهم
قوله تعالى ألم تر أخرج ابن إسحق عن ابن عباس قال كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء اليهود وإذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال ارعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام دعابة فأنزل الله فيه ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى قوله جل ثناؤه : "ألم تر إلى الذين". فقال قوم : معناه : ألم تخبر؟.
وقال آخرون : معناه ألم تعلم ؟ .
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك : ألم تر بقلبك ، يا محمد، علماً، "إلى الذين أوتوا نصيبا". وذلك أن الخبر والعلم لا يجلبان رؤية، ولكنه رؤية القلب بالعلم . فذلك كما قلنا فيه .
وأما تأويل قوله : "إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب" ، فإنه يعني : إلى الذين أعطوا حظاً من كتاب الله فعلموه.
وذكر أن الله عنى بذلك طائفة من اليهود الذين كانوا حوالي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قان ذلك :
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله : "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل"، فهم أعداء الله اليهود، اشتروا الضلالة .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة : "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب" إلى قوله : "يحرفون الكلم عن مواضعه"، قال : نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب اليهودي .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال ، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال ، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال : كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظمائهم ، يعني من عظماء اليهود، إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال : راعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ! ثم طعن في الإسلام وعابه ، فأنزل الله : "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة" إلى قوله : "فلا يؤمنون إلا قليلا".
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق ، بإسناده ، عن ابن عباس ، مثله.
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله : "يشترون الضلالة"، اليهود الذين أوتوا نصيباً من الكتاب ، يختارون الضلالة، وذلك : الأخذ على غير طريق الحق ، وركوب غير سبيل الرشد والصواب ، مع العلم منهم بقصد السبيل ومنهج الحق ، وإنما عنى الله بوصفهم باشترائهم الضلالة : مقامهم على التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم، وتركهم الإيمان به ، وهم عالمون أن السبيل الحق الإيمان به ، وتصديقه بما قد وجدوا من صفته في كتبهم التي عندهم .
وأما قوله : "ويريدون أن تضلوا السبيل"، يعني بذلك تعالى ذكره : ويريد هؤلاء اليهود الذين وصفهم جل ثناؤه بأنهم أوتوا نصيباً من الكتاب ، "أن تضلوا" أنتم ، يا معشر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، المصدقين به ، "أن تضلوا السبيل"، يقول : أن تزولوا عن قصد الطريق ومحجة الحق ، فتكذبوا بمحمد، وتكونوا ضلالاً مثلهم .
وهذا من الله تعالى ذكره تحذير منه عباده المؤمنين ، أن يستنصحوا أحداً من أعداء الإسلام في شيء من أمر دينهم ، أو أن يسمعوا شيئاً من طعنهم في الحق .
قوله تعالى :" ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " إلى قوله تعالى :" فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه" الآية .
نزلت في يهود المدينة وما والاها قال ابن إسحاق: وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود، إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال: أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام وعابه فأنزل الله عز وجل " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب" إلى قوله " قليلا" ومعنى " يشترون " يستبدلون فهو في موضع نصب على الحال وفي الكلام حذف تقديره يشترون الضلالة بالهدى كما قال تعالى " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى" [البقرة:16] قاله القتبي وغيره ." ويريدون أن تضلوا السبيل " عطف عليه والمعنى تضلوا طريق الحق وقرأ الحسن: تضلوا بفتح الضاد أي عن السبيل .
يخبر تعالى عن اليهود ـ عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ـ أنهم يشترون الضلالة بالهدى, ويعرضون عما أنزل الله على رسوله, ويتركون ما بأيديهم من العلم عن الأنبياء الأولين في صفة محمد صلى الله عليه وسلم, ليشتروا به ثمناً قليلاً من حطام الدنيا, "ويريدون أن تضلوا السبيل" أي يودون لو تكفرون بما أنزل عليكم أيها المؤمنون وتتركون ما أنتم عليه من الهدى والعلم النافع, "والله أعلم بأعدائكم" أي هو أعلم بهم ويحذركم منهم, "وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً" أي كفى به ولياً لمن لجأ إليه ونصيراً لمن استنصره. ثم قال تعالى: "من الذين هادوا" "من" في هذا لبيان الجنس كقوله "فاجتنبوا الرجس من الأوثان", وقوله "يحرفون الكلم عن مواضعه" أي يتأولون الكلام على غير تأويله, ويفسرونه بغير مراد الله عز وجل قصداً منهم وافتراء "ويقولون سمعنا وعصينا" أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمد ولا نطيعك فيه, هكذا فسره مجاهد وابن زيد, وهو المراد, وهذا أبلغ في كفرهم وعنادهم وأنهم يتولون عن كتاب الله بعدما عقلوه وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة, وقوله "واسمع غير مسمع" أي اسمع ما نقول, لا سمعت, رواه الضحاك عن ابن عباس, وقال مجاهد والحسن: واسمع غير مقبول منك, قال ابن جرير: والأول أصح, وهو كما قال: وهذا استهزاء منهم واستهتار, عليهم لعنة الله, "وراعنا لياً بألسنتهم وطعنا في الدين" أي يوهمون أنهم يقولون: راعنا سمعك بقولهم راعنا, وإنما يريدون الرعونة بسبهم النبي, وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا" ولهذا قال تعالى عن هؤلاء اليهود الذين يريدون بكلامهم خلاف ما يظهرونه " ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ", يعني بسبهم النبي صلى الله عليه وسلم, ثم قال تعالى: "ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً" أي قلوبهم مطرودة عن الخير مبعدة منه, فلا يدخلها من الإيمان شيء نافع لهم, وقد تقدم الكلام على قوله تعالى: "فقليلاً ما يؤمنون" والمقصود أنهم لا يؤمنون إيماناً نافعاً.
قوله 44- "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب" كلام مستانف، والخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية من المسلمين. والنصيب: الحظ، والمراد اليهود أوتوا نصيباً من التوارة. وقوله "يشترون" جملة حالية، والمراد بالاشتراء الاستبدال، وقد تقدم تحقيق معناه. والمعنى: أن اليهود استبدلوا الضلالة، وهي البقاء على اليهودية بعد وضوح الحجة على صحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم. قوله "ويريدون أن تضلوا السبيل" عطف على قوله "يشترون" مشارك له في بيان سوء صنيعهم وضعف اختيارهم: أي لم يكتفوا بما جنوه على أنفسهم من استبدال الضلالة بالهدى، بل أرادوا مع ضلالهم أن يتوصلوا بكتمهم وجحدهم إلى أن تضلوا أنتم أيها المؤمنون السبيل المستقيم الذي هو سبيل الحق.
44-قوله عز وجل" ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب" يعني: يهود المدينة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في رفاعة بن زيد ومالك بن دخشم ، كان إذا تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لويا بألسنتهما وعاباه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية" يشترون" يستبدلون،"الضلالة"،يعني: بالهدى،"ويريدون أن تضلوا السبيل" أي: عن السبيل يا معشر المؤمنين.
44"ألم تر إلى الذين أوتوا" من رؤية البصر أي ألم تنظر إليهم، أو القلب، وعدي بإلى لتضمن معنى الانتهاء. "نصيباً من الكتاب" حظاً يسيراً من علم التوراة لأن المراد أحبار اليهود. "يشترون الضلالة" يختارونها على الهدى، أو يستبدلونها به بعد تمكنهم منه، أو حصوله لهم بإنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: يأخذون الرشى ويحرفون التوراة. "ويريدون أن تضلوا" أيها المؤمنون. "السبيل" سبيل الحق.
44. Seest thou not those unto whom a portion of the Scripture hath been given, how they purchase error, and seek to make you (Muslims) err from the right way?
44 - Last thou not turned thy vision to those who were given a portion of the book? they traffic in error, and wish that ye should lose the right path.