[الزمر : 70] وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ
70 - (ووفيت كل نفس ما عملت) جزاءه (وهو أعلم) عالم (بما يفعلون) فلا يحتاج إلى شاهد
يقول تعالى ذكره : ووفى الله حينئذ كل نفس جزاء عملها من خير وشر ، وهو أعلم بما يفعلون في الدنيا من طاعة أو معصية ، ولا يعزب عنه علم شيء من ذلك ، وهو مجازيهم عليه يوم القيامة ، فمثيب المحسن بإحسانه ، والمسيء بما أساء .
قوله تعالى : " ووفيت كل نفس ما عملت " من خير أو شر . " وهو أعلم بما يفعلون " في الدنيا ولا حاجة به عز وجل إلى كتاب ولا إلى شاهد ، ومع ذلك فتشهد الكتب والشود إلزاماً للحجة .
يقول تبارك وتعالى مخبراً عن هول يوم القيامة ومايكون فيه من الايات العظيمة والزلازل الهائلة فقوله تعالى: "ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله" هذه النفخة هي الثانية وهي نفخة الصعق وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السموات والأرض إلا من شاء الله كما جاء مصرحاً به مفسراً في حديث الصور المشهور ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت وينفرد الحي القيوم الذي كان أولاً وهو الباقي آخراً بالديمومة والبقاء ويقول (لمن الملك اليوم) ثلاث مرات ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول "لله الواحد القهار" أنا الذي كنت وحدي وقد قهرت كل شيء وحكمت بالفناء على كل شيء, ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل ويأمره أن ينفخ بالصور مرة أخرى وهي النفخة الثالثة نفخة البعث قال الله عز وجل: "ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون" أي أحياء بعدما كانوا عظاماً ورفاتاً صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة, كما قال تعالى: " فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة ". وقال عز وجل: "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا" وقال جل وعلا: "ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون" قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود قال سمعت رجلاً قال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما إنك تقول الساعة تقوم إلى كذا وكذا قال لقد هممت أن لا أحدثكم شيئاً إنما قلت سترون بعد قليل أمراً عظيماً ثم قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين لا أدري أربعين يوماً أو أربعين شهراً أو أربعين عاماً أو أربعين ليلة فيبعث الله تعالى عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيظهر فيهلكه الله تعالى ثم يلبث الناس بعده سنين سبعاً ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله تعالى ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه" قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً قال فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دارة أرزاقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى له وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق ثم لا يبقى أحد إلا صعق, ثم يرسل الله تعالى أو ينزل الله عز وجل مطراً كأنه الطل ـ أو الطل شك نعمان ـ فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون, ثم يقال أيها الناس هلموا إلى ربكم "وقفوهم إنهم مسؤولون" قال ثم يقال أخرجوا بعث النار قال فيقال كم ؟ فيقال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فيومئذ تبعث الولدان شيباً ويومئذ يكشف عن ساق" انفرد بإخراجه مسلم في صحيحه.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه)
وقال البخاري حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال سمعت أبا صالح قال قال سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال "ما بين النفختين أربعون" قالوا يا أبا هريرة أربعون يوماً ؟ قال رضي الله تعالى عنه أبيت, قالوا أربعون سنة ؟ قال أبيت, قالوا أربعون شهراً ؟ قال أبيت ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه فيه يركب الخلق.
وقال أبو يعلي: حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سألت جبريل عليه الصلاة والسلام عن هذه الاية "ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله" من الذين لم يشأ الله تعالى أن يصعقهم ؟ قال هم الشهداء يتقلدون أسيافهم حول عرشه تتلقاهم ملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت نمارها ألين من الحرير مد خطاها مد أبصار الرجال يسيرون في الجنة يقولون عند طول النزهة انطلقوا بنا إلى ربنا لننظر كيف يقضي بين خلقه يضحك إليهم إلهي وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه" رجاله كلهم ثقات إلا شيخ إسماعيل بن عياش فإنه غير معروف والله سبحانه وتعالى أعلم. وقوله تبارك وتعالى: "وأشرقت الأرض بنور ربها" أي أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق جل وعلا للخلائق لفصل القضاء "ووضع الكتاب" قال قتادة كتاب الأعمال "وجيء بالنبيين" قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يشهدون على الأمم بأنهم بلغوا رسالات الله إليهم "والشهداء" أي الشهداء من الملائكة الحفظة على أعمال العباد من خير وشر "وقضي بينهم بالحق" أي بالعدل "وهم لا يظلمون" قال الله تعالى: "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين" وقال جل وعلا: "إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً" ولهذا قال عز وجل: "ووفيت كل نفس ما عملت" أي من خير وشر "وهو أعلم بما يفعلون".
70- "ووفيت كل نفس ما عملت" من خير وشر "وهو أعلم بما يفعلون" في الدنيا لا يحتاج إلى كاتب ولا حاسب ولا شاهد، وإنما وضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء لتكميل الحجة وقطع المعذرة.
70. " ووفيت كل نفس ما عملت "، أي: ثواب ما عملت، " وهو أعلم بما يفعلون "، قال عطاء : يريد أني عالم بأفعالهم لا أحتاج إلى كاتب ولا إلى شاهد.
70-" ووفيت كل نفس ما عملت " جزاءه " وهو أعلم بما يفعلون " فلا يفوته شيء من أفعالهم ،ثم فصل التوفية فقال :
70. And each soul is paid in full for what it did. And He is best aware of what they do.
70 - And to every soul will be paid in full (the fruit) of its deeds; and (God) knoweth best all that they do.