[الزمر : 66] بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ
66 - (بل الله) وحده (فاعبد وكن من الشاكرين) إنعامه عليك
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بعبادته ، بل الله فاعبد دون كل ما سواه من الآلهة والأوثان والأنداد " وكن من الشاكرين " لله على نعمته عليك بما أنعم من الهداية لعبادته ، والبراءة من عبادة الأصنام والأوثان . ونصب اسم الله بقوله : " فاعبد " وهو بعده ، لأنه رد كلام ، ولو نصب بمضمر قبله ، إذ كانت العرب تقول : زيد فليقم ، وزيداً فليقم رفعاً ونصباً ، الرفع على فلينظر زيد ، فليقم ، والنصب على انظروا زيداً فليقم كان صحيحاً جائزاً .
قوله تعالى : " بل الله فاعبد " النحاس : في كتابي عن أبي إسحاق لفظ أسم الله عز وجل منصوب بـ( اعبد ) قال : ولا اختلاف في هذا بين البصريين والكوفيين . قال النحاس : وقال الفراء يكون منصوباً بإضمار فعل . وحكاه المهدوي عن الكسائي . فأما الفاء فقال الزجاج : إنها للمجازاة . وقال الأخفش : هي زائدة . وقال ابن عباس ، (فاعبد ) أي فوحد . وقال غيره : (بل الله ) فأطع " وكن من الشاكرين " لنعمه بخلاف المشركين .
يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها وربها ومليكها والمتصرف فيها وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته, وقوله عز وجل: "له مقاليد السموات والأرض" قال مجاهد: المقاليد هي المفاتيح بالفارسية, وكذا قال قتادة وابن زيد وسفيان بن عيينة, وقال السدي "له مقاليد السموات والأرض" أي خزائن السموات والأرض, والمعنى على كلا القولين أن أزمة الأمور بيده تبارك وتعالى له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولهذا قال جل وعلا: "والذين كفروا بآيات الله" أي حججه وبراهينه "أولئك هم الخاسرون" وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثا غريباً جداً وفي صحته نظر ولكن نحن نذكره كما ذكره فإنه قال حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر حدثنا يحيى بن حماد حدثنا الأغلب بن تميم عن مخلد بن هذيل العبدي عن عبدالرحمن المدني عن عبد الله بن عمر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى: "له مقاليد السموات والأرض" فقال "ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان" قال صلى الله عليه وسلم: "تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده, أستغفر الله ولا قوة إلا بالله, الأول والاخر والظاهر والباطن, بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. من قالها يا عثمان إذا أصبح عشر مرار أعطي خصالاً ستاً: أما أولاهن فيحرس من إبليس وجنوده وأما الثانية فيعطى قنطاراً من الأجر, وأما الثالثة فترفع له درجة في الجنة, وأما الرابعة فيتزوج من الحور العين, وأما الخامسة فيحضره اثنا عشر ملكاً, وأما السادسة فيعطى من الأجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور, وله مع هذا يا عثمان من الأجر, كمن حج وتقبلت حجته واعتمر فتقبلت عمرته فإن مات من يومه طبع عليه بطابع الشهداء" ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد به مثله وهو غريب وفيه نكارة شديدة والله أعلم. وقوله تبارك وتعالى: " قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون " ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المشركين من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم ويعبدوا معه إلهه فنزلت "قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ؟ * ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" وهذه كقوله تعالى: "ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون". وقوله عز وجل: "بل الله فاعبد وكن من الشاكرين" أي أخلص العبادة لله وحده لا شريك له أنت ومن اتبعك وصدقك.
ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بتوحيده، فقال: 66- "بل الله فاعبد" وفي هذا رد على المشركين حيث أمروه بعبادة الأصنام، ووجه الرد ما يفيده التقديم من القصر. قال الزجاج: لفظ اسم الله منصوب باعبد قال: ولا اختلاف في هذا بين البصريين والكوفيين. وقال الفراء: هو منصوب بإضمار فعل، وروي مثله عن الكسائي، والأول أولى. قال الزجاج: والفاء في فاعبد للمجازاة. وقال الأخفش: زائدة. قال عطاء ومقاتل معنى فاعبد وحد، لأن عبادته لا تصح إلا بتوحيده "وكن من الشاكرين" لإنعامه عليك بما هداك إليه من التوحيد والدعاء إلى دينه واختصك به من الرسالة.
66. " بل الله فاعبد وكن من الشاكرين "، لإنعامه عليك.
66-" بل الله فاعبد " رد لما أمروه به ولولا دلالة التقديم على الاختصاص لم يكن كذلك : " وكن من الشاكرين " إنعامه عليك وفيه إشارة إلى موجب الاختصاص .
66. Nay, but Allah must thou serve, and be among the thankful!
66 - Nay, but worship God, and be of those who give thanks.