[الزمر : 41] إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ
41 - (إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق) متعلق بأنزل (فمن اهتدى فلنفسه) اهتداؤه (ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل) فتجبرهم على هدى
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنا أنزلنا عليك يا محمد الكتاب تبياناً للناس بالحق " فمن اهتدى فلنفسه " يقول : فمن عمل بما في الكتاب الذي أنزلناه إليك واتبعه فلنفسه ، يقول : فإنما عمل بذلك لنفسه ، وإياها بغى الخير لا غيرها ، لأنه أكسبها رضا الله والفوز بالجنة والنجاة من النار " ومن ضل " يقول : ومن جار عن الكتاب الذي أنزلناه إليك ، والبيان الذي بيناه لك ، فضل عن قصد المحجة ، وزال عن سواء السبيل ، فإنما يجور على نفسه ، وإليه يسوق العطب والهلاك ، لأنه يكسبها سخط الله ، وأليهم عقابه ، والخزي الدائم " وما أنت عليهم بوكيل " يقول تعالى ذكره : وما أنت يا محمد على من أرسلتك إليه من الناس برقيب ترقب أعمالهم ، وتحفظ عليهم أفعالهم ، إنما أنت رسول ، وإنما عليك البلاغ ، وعلينا الحساب .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وما أنت عليهم بوكيل " أي بحفيظ .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي في قوله : " وما أنت عليهم بوكيل " قال : بحفيظ .
قوله تعالى : " إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل " تقدم الكلام في هذه الآية مستوفى في غير موضع .
يقول تعالى مخاطباً رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم: "إنا أنزلنا عليك الكتاب" يعني القرآن "للناس بالحق" أي لجميع الخلق من الإنس والجن لتنذرهم به "فمن اهتدى فلنفسه" أي فإنما يعود نفع ذلك إلى نفسه "ومن ضل فإنما يضل عليها" أي إنما يرجع وبال ذلك على نفسه "وما أنت عليهم بوكيل" أي بموكل أن يهتدوا "إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل" "فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب". ثم قال تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشاء وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى بما يرسل من الحفظة الذين يقبضونها من الأبدان والوفاة الصغرى عند المنام كما قال تبارك وتعالى: "وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون * وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون" فذكر الوفاتين الصغرى ثم الكبرى وفي هذه الاية ذكر الكبرى ثم الصغرى ولهذا قال تبارك وتعالى: "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى" فيه دلالة على أنه تجتمع في الملأ الأعلى كما ورد بذلك الحديث المرفوع الذي رواه ابن منده وغيره. وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين". وقال بعض السلف تقبض أرواح الأموات إذا ماتوا وأرواح الأحياء إذا ناموا فتتعارف ما شاء الله تعالى أن تتعارف " فيمسك التي قضى عليها الموت " التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى. قال السدي إلى بقية أجلها, وقال ابن عباس رضي الله عنهما يمسك أنفس الأموات ويرسل أنفس الأحياء ولا يغلط " إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ".
ثم لما كان يعظم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إضرارهم على الكفر أخبره بأنه لم يكلف إلا بالبيان، لا بأن يهدي من ضل، فقال: 41- "إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس" أي لأجلهم ولبيان ما كلفوا به، و"بالحق" حال من الفاعل أو المفعول: أي محقين أو متلبساً بالحق "فمن اهتدى" طريق الحق وسلكها "فلنفسه ومن ضل" عنها "فإنما يضل عليها" أي على نفسه، فضرر ذلك عليه لا يتعدى إلى غيره "وما أنت عليهم بوكيل" أي بمكلف بهدايتهم مخاطب بها، بل ليس عليك إلا البلاغ وقد فعلت. وهذه الآيات هي منسوخة بآية السيف، فقد أمر الله رسوله بعد هذا أن يقاتلهم حتى يقولوا لا إله إلا الله ويعملوا بأحكام الإسلام.
41. " إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها "، وبال ضلالته عليه، " وما أنت عليهم بوكيل "، بحفيظ ورقيب لم توكل بهم ولا تؤاخذ بهم.
41-" إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس " لأجلهم فإنه مناط مصالحهم في معاشهم ومعادهم . " بالحق " متلبساً به " فمن اهتدى فلنفسه " إذ نفع به نفسه . " ومن ضل فإنما يضل عليها " فإن وبالها لا يتخطاها " وما أنت عليهم بوكيل " وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى وإنما أمرت بالبلاغ وقد بلغت .
41. Lo! We have revealed unto thee (Muhammad) the Scripture for mankind with truth. Then whosoever goeth right it is for his soul, and whosoever strayeth, strayeth only to its hurt. And thou art not a warder over them.
41 - Verily We have revealed the Book to thee in Truth, for (instructing) mankind. He, then, that receives guidance benefits his own soul: but he that strays injures his own soul. Nor art thou set over them to dispose of their affairs.