[ص : 60] قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ
60 - (قالوا) الأتباع (بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا) أي الكفر (فبئس القرار) لنا ولكم النار
"قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم" يقول : قال الفوج الواردون جهنم على الطاغين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم لهم : بل أنتم أيها القوم لا مرحباً بكم: أي لا اتسعت بكم أماكنكم ، "أنتم قدمتموه لنا" يعنون : أنتم قدمتم لنا سكنى هذا المكان ، وصلي النار بإضلالكم إيانا، ودعائكم لنا إلى الكفر بالله ، وتكذيب رسله ، حتى ضللنا باتباعكم ، فاستوجبنا سكنى جهنم اليوم ، فذلك تقديمهم لهم ما قدموا في الدنيا من عذاب الله لهم في الآخرة "فبئس القرار" يقول : فبئس المكان يستمر فيه جهنم.
و " قالوا بل أنتم لا مرحباً بكم " هو من قول الأتباع . وحكى النقاش :إن الفوج الأول قادة المشركين ومطعموهم يوم بدر ، والفوج الثاني أتباعهم ببدر . والظاهر من الآية أنها عامة في كل تابع ومتبوع . " أنتم قدمتموه لنا " أي دعوتمونا إلى العصيان " فبئس القرار " لنا ولكم .
لما ذكر تبارك وتعالى مآل السعداء ثنى بذكر حال الأشقياء ومرجعهم ومآبهم في دار معادهم وحسابهم فقال عز وجل: "هذا وإن للطاغين" وهم الخارجون عن طاعة الله عز وجل المخالفون لرسل الله صلى الله عليه وسلم "لشر مآب" أي لسوء منقلب ومرجع. ثم فسره بقوله جل وعلا: "جهنم يصلونها" أي يدخلونها فتغمرهم من جميع جوانبهم "فبئس المهاد * هذا فليذوقوه حميم وغساق" أما الحميم فهو الحار الذي قد انتهى حره, وأما الغساق فهو ضده وهو البارد الذي لا يستطاع من شدة برده المؤلم.
ولهذا قال عز وجل: "وآخر من شكله أزواج" أي وأشياء من هذا القبيل: الشيء وضده يعاقبون بها. قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو أن دلواً من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا" ورواه الترمذي عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث عن دراج به ثم قال لا نعرفه إلا من حديث رشدين كذا قال وقد تقدم في غير حديثه, ورواه ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث به.
وقال كعب الأحبار: غساق عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية وعقرب وغير ذلك فيستنقع فيؤتى بالادمي فيغمس فيها غمسة واحدة فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام ويتعلق جلده ولحمه في كعبيه وعقبيه ويجر لحمه كله كما يجر الرجل ثوبه, رواه ابن أبي حاتم. وقال الحسن البصري في قوله تعالى: "وآخر من شكله أزواج" ألوان من العذاب, وقال غيره كالزمهرير والسموم وشرب الحميم وأكل الزقوم والصعود والهوي إلى غير ذلك من الأشياء المختلفة المتضادة والجميع مما يعذبون به, ويهانون بسببه.
وقوله عز وجل: "هذا فوج مقتحم معكم لا مرحباً بهم إنهم صالوا النار" هذا إخبار من الله تعالى عن قيل أهل النار بعضهم لبعض كما قال تعالى: "كلما دخلت أمة لعنت أختها" يعني بدل السلام يتلاعنون ويتكاذبون ويكفر بعضهم ببعض فتقول الطائفة التي تدخل قبل الأخرى إذا أقبلت التي بعدها مع الخزنة من الزبانية "هذا فوج مقتحم" أي داخل "معكم لا مرحباً بهم إنهم صالوا النار" أي لأنهم من أهل جهنم "قالوا بل أنتم لا مرحباً بكم" أي فيقول لهم الداخلون "بل أنتم لا مرحباً بكم أنتم قدمتموه لنا" أي أنتم دعوتمونا إلى ما أفضى بنا إلى هذا المصير "فبئس القرار" أي فبئس المنزل والمستقر والمصير "قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذاباً ضعفاً في النار" كما قال عز وجل: " قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون " أي لكل منكم عذاب بحسبه " وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار " هذا إخبار عن الكفار في النار أنهم يفقدون رجالاً كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة وهم المؤمنون في زعمهم قالوا مالنا لا نراهم معنا في النار. قال مجاهد: هذا قول أبي جهل يقول مالي لا أرى بلالاً وعماراً وصهيباً وفلاناً وفلاناً وهذا ضرب مثل وإلا فكل الكفار هذا حالهم يعتقدون أن المؤمنين يدخلون النار, فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم فقالوا " ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * أتخذناهم سخريا " أي في الدار الدنيا " أم زاغت عنهم الأبصار " يسألون أنفسهم بالمحال يقولون أو لعلهم معنا في جهنم ولكن لم يقع بصرنا عليهم, فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات وهو قوله عز وجل: " ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون * وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون * وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين * ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون * أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " وقوله تعالى: "إن ذلك لحق تخاصم أهل النار" أي إن هذا الذي أخبرناك به يا محمد من تخاصم أهل النار بعضهم في بعض ولعن بعضهم لبعض لحق لا مرية فيه ولا شك.
وجملة 60- "قالوا بل أنتم لا مرحباً بكم" مستأنفة جواب سؤال مقدر: أي قال الأتباع عند سماع ما قاله الرؤساء لهم بل أنتم لا مرحباً بكم: أي لا كرامة لكم، ثم عللوا ذلك بقولهم: "أنتم قدمتموه لنا" أي أنتم قدمتم العذاب أو الصلى لنا وأوقعتمونا فيه ودعوتمونا إليه بما كنتم تقولون لنا من أن الحق ما أنتم عليه وأن الأنبياء غير صادقين فيما جاءوا به "بئس القرار" أي بئس المقر جهنم لنا ولكم.
60. " قالوا "، فقلا الأتباع للقادة: " بل أنتم لا مرحباً بكم "، والمرحب، والرحب: السعة، تقول العرب: مرحباً وأهلاً وسهلاً، أي: أتيت رحباً وسعة، وتقول: لا مرحباً بك، أي: لا رحبت عليك الأرض. " أنتم قدمتموه لنا "، يقول الأتباع للقادة: أنتم بدأتم بالكفر قبلنا، وشرعتم وسننتموه لنا. وقيل: أنتم قدمتم هذا العذاب لنا، بدعائكم إيانا إلى الكفر، " فبئس القرار "، أي: فبئس دار القرار جهنم.
60-" قالوا " أي الأتباع للرؤساء . " بل أنتم لا مرحباً بكم " بل أنتم أحق بما قلتم ، أو قيل لنا لضلالكم وإضلالكم كما قالوا . " أنتم قدمتموه لنا " قدمتم العذاب أو الصلي لنا بإغوائنا وإغرائنا على ما قدمتموه من العقائد الزائغة والأعمال القبيحة . " فبئس القرار" فبئس المقر جهنم .
60. They say: Nay, but you (misleaders), for you there is no word of welcome. Ye prepared this for us (by your misleading). Now hapless is the plight.
60 - (The followers shall cry to the misleaders:) nay, ye (too) No welcome for you. It is ye who have brought this upon us now evil is (this) place to stay in