[ص : 5] أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
5 - (أجعل الآلهة إلها واحدا) حيث قال لهم قولوا لا إله إلا الله أي كيف يسع الخلق كلهم إله واحد (إن هذا لشيء عجاب) أي عجيب
أخرج أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال مرض أبو طالب فجاءته قريش وجاءه النبي صلى الله عليه وسلم فشكوه إلى أبي طالب فقال يا ابن أخي ما تريد من قومك قال أريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم العجم الجزية كلمة واحدة قال ما هي قال لا إله إلا الله فقالوا إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب فنزل فيهم ص والقرآن إلى قوله بل لما يذوقوا عذاب الآية
وقوله "أجعل الآلهة إلها واحدا" يقول : وقال هؤلاء الكافرون الذين قالوا : محمد ساحر كذاب ، أجعل محمد المعبودات كلها واحداً، يسمع دعاءنا جميعنا، ويعلم عبادة كل عابد عبده منا "إن هذا لشيء عجاب" : أي إن هذا لشيء عجيب.
كما حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب" قال : عجب المشركون أن دعوا إلى الله وحده ، وقالوا : يسمع لحاجاتنا جميعاً إله واحد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة.
وكان سبب قيل هؤلاء المشركين ما أخبر الله عنهم أنهم قالوه من ذلك ،"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : أسألكم أن تجيبوني إلى واحدة تدين لهم بها العرب ، وتعطيكم بها الخراج العجم ، فقالوا ؟ وما هي ؟ فقال : تقولون لا إله إلا الله ، فعند ذلك قالوا : "أجعل الآلهة إلها واحدا" تعجبا منهم من ذلك".
ذكر الرواية بذلك:
حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : ثنا أبو أسامة، قال : ثنا الأعمش ، قال : ثنا عباد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، قال : لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فقالوا : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل ، ويقول ويقول ، فلو بعثت إليه فنهيته ، فبعث إليه ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل البيت ، وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل ، قال : فخشي أبو جهل إن جلس إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه ، فوثب فجلس في ذلك المجلس ، "ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً قرب عمه ، فجلس عند الباب ، فقال له أبو طالب أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك ؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم ، وتقول وتقول. قال : فأكثروا عليه القول ، وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عم إني أريد على كلمة واحدة يتولونها، تدين لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، ففزعوا لكلمته ولقوله ، فقال القوم : كلمة واحدة؟ نعم وأبيك عشراً، فقالوا. وما هي ؟ فقال أبو طالب : وأي كلمة هي يا ابن أخي ؟ قال : لا إله إلا الله ، قال : فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ، وهم يقولون "أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب"" قال : ونزلت من هذا ا الموضع إلى قوله "ما يذوقوا عذاب" اللفظ لأبي كريب.
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : مرض أبو طالب ، "فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده ، وهم حوله جلوس ، وعند رأسه مكان فارغ ، فقام أبو جهل فجلس فيه ، فقال أبو طالب : يا ابن أخي ما لقومك يشكونك ؟ قال : يا عم أريدهم على كلمة تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية ، قال : ما هي ؟ قال : لا إله إلا الله ، فقاموا وهم يقولون : "ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق"" ونزل القرآن : "ص والقرآن ذي الذكر" ذي الشرف "بل الذين كفروا في عزة وشقاق" حتى قوله "أجعل الآلهة إلها واحدا".
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، قال مرض أبو طالب ، ثم ذكر نحوه ، إلا أنه لم يقل ذي الشرف ، وقال : إلى قوله : "إن هذا لشيء عجاب"
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير،قال : مرض أبو طالب ، قال : فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فكان عند رأسه مقعد رجل ، فقام أبو جهل ، فجلس فيه ، "فشكوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب ، وقالوا: إنه يقع في آلهتنا، فقال : يا ابن أخي ما تريد إلى هذا؟ قال : يا عم إني أريدهم على كلمة تدين لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم العجم الجزية . قال : وما هي ؟ قال ؟ لا إله إلا الله ، فقالوا : "أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب"".
قوله تعالى : " أجعل الآلهة إلها واحدا " مفعولان أي صير الألهة إلهاً واحداً . " إن هذا لشيء عجاب " أي عجيب . وقرأ السلمي : < عجاب > بالتشديد . و العجاب والعجاب والعجب سواء . وقد فرق الخليل بين عجيب وعجاب فقال : العجيب العجب ، والعجاب الذي قد تجاوز حد العجب ، والطويل الذي فيه طول والطوال ، الذي قد تجاوز حد الطول . وقال الجوهري : العجيب الأمر الذي يتعجب منه ، وكذلك العجاب بالضم والعجاب بالتشديد أكثر منه ، وكذلك الأعجوبة . وقال مقاتل : < عجاب > لغة أزد شنوءة " وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : مرض أبو طالب فجاءت قريش إليه ، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وعند رأس أبي طالب مجلس رجل ، فقام أبو جهل كي يمنعه ، قال : وشكوه إلى أبي طالب ، فقال : يا بن أخي ما تريد من قومك ؟ فقال : يا عم إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها الجزية العجب فقال : وما هي ؟ قال : لا إله إلا الله قال : فقالوا أجعل الألهة إلهاً واحداً قال : فنزل فيهم القرآن " ص والقرآن ذي الذكر * بل الذين كفروا في عزة وشقاق " حتى بلغ " إن هذا إلا اختلاق " " خرجه الترمذي أيضاً بمعناه . وقال : هذا حديث حسن صحيح . وقيل : " لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه شق على قريش إسلامه فاجتمعوا إلى أبي طالب وقالوا : إقض بيننا وبين ابن أخيك . فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء ، فلا تمل كل الميل على قومك . قال : وماذا يسألونني قالوا : ارفضنا وارفض ذكر ألهتنا وندعك وإلهك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اتعطونني كلمة واحدة وتملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم فقال أبو جهل : لله أبوك ! لنعطينكها وعشر أمثالها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قولوا لا إله ألا الله فنفروا من ذلك وقاموا ! فقالوا : أجعل الألهة إلهاً واحداً فكيف يسع الخلق كلهم إله واحد . فأنزل الله فيهم هذه الآيات إلى قوله : " كذبت قبلهم قوم نوح " " .
يقول تعالى مخبراً عن المشركين في تعجبهم من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً كما قال عز وجل: "أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين" وقال جل وعلا ههنا: "وعجبوا أن جاءهم منذر منهم" أي بشر مثلهم وقال الكافرون " هذا ساحر كذاب * أجعل الآلهة إلها واحدا " أي أزعم أن المعبود واحد لا إله إلا هو ؟ أنكر المشركون ذلك قبحهم الله تعالى وتعجبوا من ترك الشرك بالله فإنهم كانوا قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان وأشربته قلوبهم فلما دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خلع ذلك من قلوبهم وإفراد الإله بالوحدانية أعظموا ذلك وتعجبوا وقالوا " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب * وانطلق الملأ منهم " وهم سادتهم وقادتهم ورؤساؤهم وكبراؤهم قائلين "امشوا" أي استمروا على دينكم "واصبروا على آلهتكم" ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد, وقوله تعالى: "إن هذا لشيء يراد" قال ابن جرير إن هذا الذي يدعونا إليه محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم والاستعلاء وأن يكون له منكم أتباع ولسنا نجيبه إليه.
(ذكر سبب نزول هذه الايات الكريمة)
قال السدي إن ناساً من قريش اجتمعوا فيهم أبو جهل بن هشام والعاص بن وائل والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش فقال بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى أبي طالب فلنكلمه فيه فلينصفنا منه فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبده فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا إليه شيء فتعيرنا به العرب يقولون تركوه حتى إذا مات عنه تناولوه فبعثوا رجلاً منهم يقال له المطلب فاستأذن لهم على أبي طالب فقال هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم يستأذنون عليك قال أدخلهم فلما دخلوا عليه قالوا يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك فمره فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه, قال فبعث إليه أبو طالب فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك قال صلى الله عليه وسلم: "يا عم أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم" قال وإلام تدعوهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم "أدعوهم أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم" فقال أبو جهل لعنه الله من بين القوم ما هي وأبيك لنعطينكها وعشراً أمثالها قال صلى الله عليه وسلم: "تقولون لا إله إلا الله" فنفروا وقالوا سلنا غيرها قال صلى الله عليه وسلم: "لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها" فقاموا من عنده غضاباً وقالوا والله لنشتمك وإلهك الذي أمرك بهذا "وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد" ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وزاد فلما خرجوا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه إلى قوله لا إله إلا الله فأبى وقال بل على دين الأشياخ ونزلت "إنك لا تهدي من أحببت".
قال أبو جعفر بن جرير حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش حدثنا عباد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول, فلو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل قال فخشي أبو جهل لعنه الله إن جلس إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً قرب عمه فجلس عند الباب فقال له أبو طالب أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول ؟ قال وأكثروا عليه من القول وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية" ففزعوا لكلمته ولقوله فقال القوم كلمة واحدة نعم وأبيك عشراً فقالوا وما هي ؟ وقال أبو طالب وأي كلمة هي يا ابن أخي ؟ قال صلى الله عليه وسلم "لا إله إلا الله" فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب " قال ونزلت من هذا الموضع إلى قوله "بل لما يذوقوا عذاب" لفظ أبي كريب وهكذا رواه الإمام أحمد والنسائي من حديث محمد بن عبد الله بن نمير كلاهما عن أبي أسامة عن الأعمش عن عباد غير منسوب به نحوه, ورواه الترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير أيضاً كلهم في تفاسيرهم من حديث سفيان الثوري عن الأعمش عن يحيى بن عمارة الكوفي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكر نحوه. وقال الترمذي حسن. وقولهم " ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة " أي ما سمعنا بهذا الذي يدعونا إليه محمد من التوحيد في الملة الاخرة.
قال مجاهد وقتادة وأبو زيد يعنون دين قريش وقال غيرهم يعنون النصرانية قاله محمد بن كعب والسدي. وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما سمعنا بهذا في الملة الاخرة يعني النصرانية قالوا لو كان هذا القرآن حقاً لأخبرتنا به النصارى "إن هذا إلا اختلاق" قال مجاهد وقتادة كذب وقال ابن عباس تخرص. وقولهم "أأنزل عليه الذكر من بيننا" يعني أنهم يستبعدون تخصيصه بإنزال القرآن عليه من بينهم كلهم كما قال في الاية الأخرى: "لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم" قال الله تعالى: "أهم يقسمون رحمة ربك ؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات" ولهذا لما قالوا هذا الذي دل على جهلهم وقلة عقلهم في استبعادهم إنزال القرآن على الرسول من بينهم.
قال الله تعالى: "بل لما يذوقوا عذاب" أي إنما يقولون هذا لأنهم ما ذاقوا إلى حين قولهم ذلك عذاب الله تعالى ونقمته سيعلمون غب ما قالوا وما كذبوا به يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً. ثم قال تعالى مبيناً أنه المتصرف في ملكه الفعال لما يشاء الذي يعطي من يشاء ما يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء ويهدي من يشاء ويضل من يشاء وينزل الروح من أمره على من يشاء من عباده ويختم على قلب من يشاء فلا يهديه أحد من بعد الله, وإن العباد لا يملكون شيئاً من الأمر وليس إليهم من التصرف في الملك ولا مثقال ذرة وما يملكون من قطمير.
ولهذا قال تعالى منكراً عليهم "أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب" أي العزيز الذي لا يرام جنابه الوهاب الذي يعطي ما يريد لمن يريد, وهذه الاية الكريمة شبيهة بقوله تعالى: " أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا * أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا " وقوله تعالى: "قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتوراً" وذلك بعد الحكاية عن الكفار أنهم أنكروا بعثة الرسول البشري صلى الله عليه وسلم وكما أخبر عز وجل عن قوم صالح عليه السلام حين قالوا " أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ".
وقوله تعالى: "أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب" أي إن كان لهم ذلك فليصعدوا في الأسباب. قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم يعني طرق السماء, وقال الضحاك رحمه الله تعالى فليصعدوا إلى السماء السابعة.
ثم قال عز وجل: "جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب" أي هؤلاء الجند المكذبون الذين هم في عزة وشقاق سيهزمون ويغلبون ويكبتون كما كبت الذين من قبلهم من الأحزاب المكذبين وهذه الاية كقوله جلت عظمته: " أم يقولون نحن جميع منتصر * سيهزم الجمع ويولون الدبر " كان ذلك يوم بدر "بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر".
ثم أنكروا ما جاء به صلى الله عليه وسلم من التوحيد وما نفاه من الشركاء لله فقالوا: 5- "أجعل الآلهة إلهاً واحداً" أي صيرها إلهاً واحداً وقصرها على الله سبحانه "إن هذا لشيء عجاب" أي لأمر بالغ العجاب بالضم والعجاب بالتشديد أكثر منه قرأ الجمهور عجاب مخففاً. وقرأ علي والسلمي وعيسى بن عمر وابن مقسم بتشديد الجيم. قال مقاتل: عجاب يعني بالتخفيف لغة أزد شنوءة، قيل والعجاب بالتخفيف والتشديد يدلان على أنه قد تجاوز الحد في العجب، كما يقال الطويل الذي فيه طول، والطوال الذي قد تجاوز حد الطول وكلام الجوهري يفيد اختصاص المبالغة بعجاب مشدد الجيم لا بالمخفف، وقد قدمنا في صدر هذه السورة سبب نزول هذه الآيات.
5. " أجعل الآلهة إلهاً واحداً "، وذلك "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم، فشق ذلك على قريش، وفرح به المؤمنون: فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش، وهم الصناديد والأشراف، وكانوا خمسة وعشرين رجلاً أكبرهم سناً الوليد بن المغيرة، قال لهم: امشوا إلى أبي طالب، فأتوا أبا طالب، وقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وإنا قد أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه،فقال: يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء، فلا تمل كل الميل على قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا يسألوني؟ قالوا: ارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل: لله أبوك لنعطيكها وعشر أمثالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا لا إله إلا الله، [فنفروا] من ذلك وقاموا، وقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحداً؟ كيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟".
" إن هذا لشيء عجاب "، أي: عجيب، والعجب والعجاب واحد، كقولهم: رجل كريم وكرام، وكبير وكبار، وطويل وطوال، وعريض وعراض.
5-" أجعل الآلهة إلهاً واحداً " بأن جعل الألوهية التي كانت لهم لواحد . " إن هذا لشيء عجاب " بليغ في العجب فإنه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا ، وما نشاهده من أن الواحد لا يفي علمه وقدرته بالأشياء الكثيرة ، وقرئ مشدداً وهو أبلغ ككرام و كرام . وروي أنه" لما أسلم عمر رضي الله عنه شق ذلك على قريش ، فأتوا أبا طالب وقالوا أنت شيخنا وكبيرنا ، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنا جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك ، فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل عليهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : ماذا يسألونني ، فقالوا : ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وألهك ، فقال : أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أمعطي أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم ، فقالوا : نعم وعشراً ، فقال : قولوا لا إله إلا الله " ، فقاموا وقالوا ذلك .
5. Maketh he the gods One God? Lo! that is an astounding thing.
5 - Has he made the gods (all) into one God? truly this is a wonderful thing.