[الصافات : 89] فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ
89 - (فقال إني سقيم) عليل أي سأسقم
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب ، أنه رأى نجماً طلع فقال "إني سقيم" قال : كايد نبي الله عن دينه ، فقال : إني سقيم.
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله "فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم" قالوا لإبراهيم وهو في بيت آلهتهم : اخرج معنا، فقال لهم : إني مطعون ، فتركوه مخافة أن يعديهم.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، عن أبيه ، في قول الله "فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم" قال : أرسل إليه ملكهم ، فقال : إن غداً عيدنا، فاحضر معنا، قال : فنظر إلى نجم فقال : إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي ، فقال : "إني سقيم".
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحاق "فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم" بقول الله "فتولوا عنه مدبرين". وقوله "إني سقيم": أي طعين ، أو لسقم كانوا يهربون منه إذا سمعوا به ، وإنما يريد إبراهيم أن يخرجوا عنه ، ليبلغ من أصنامهم الذي يريد.
واختلف في وجه قيل إبراهيم لقومه : "إني سقيم" وهو صحيح ، "فروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات".
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو أسامة ، قال : ثني هشام ، عن محمد، عن أبي هريرة، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم يكذب إبراهيم غير ثلاث كذبات ، ثنتين في ذات الله ، قوله : إني سقيم ، وقوله : بل فعله كبيرهم هذا، وقولي في سارة : هي أختي".
حدثنا سعيد بن يحيى، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثني أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة، قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في ثلاث ثم ذكر نحوه".
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا جرير، عن مغيرة، عن المسيب بن رافع ، عن أبي هريرة، قال : ما كذب إبراهيم غير ثلاث كذبات ، قوله "إني سقيم"، وقوله "بل فعله كبيرهم هذا" [الأنبياء : 63]، وإنما قاله موعظة، وقوله حين سأله الملك ، فقال أختي لسارة، وكانت امرأته.
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية، عن أيوب ، عن محمد، قال : إن إبراهيم ما كذب إلا ثلاث كذبات ، ثنتان في الله ، وواحدة في ذات نفسه ، فأما الثنتان فقوله "إني سقيم"، وقوله "بل فعله كبيرهم هذا" [الأنبياء : 63]وقصته في سارة، وذكر قصتها وقصة الملك.
وقال آخرون : إن قوله "إني سقيم" كلمة فيها معراض ، ومعناها أن كل من كان في عقبة الموت فهو سقيم ، وإن لم يكن به حين قالها سقم ظاهر. والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف هذا القول ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحق دون غيره،.
قوله تعالى " فقال إني سقيم "
إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها فقال لهم كلاماً هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه "فتولوا عنه مدبرين" قال قتادة والعرب تقول لمن تفكر نظر في النجوم, يعني قتادة أنه نظر إلى السماء متفكراً فيما يلهيهم به فقال "إني سقيم" أي ضعيف, فأما الحديث الذي رواه ابن جرير ههنا حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثني هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله تعالى, قوله "إني سقيم" وقوله "بل فعله كبيرهم هذا" وقوله في سارة هي أختي" فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا ولما, وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزاً وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمات إبراهيم عليه الصلاة والسلام الثلاث التي قال ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله تعالى: "فقال إني سقيم" وقال "بل فعله كبيرهم هذا" وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي. قال سفيان في قوله "إني سقيم" يعني طعين وكانوا يفرون من المطعون فأراد أن يخلو بآلهتهم, وكذا قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: " فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم " فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج فقال إني مطعون فتركوه مخافة الطاعون. وقال قتادة عن سعيد بن المسيب رأى نجماً طلع فقال "إني سقيم" كابد نبي الله عن دينه "فقال إني سقيم". وقال آخرون "فقال إني سقيم" بالنسبة إلى ما يستقبل يعني مرض الموت, وقيل أراد "إني سقيم" أي مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله تعالى, وقال الحسن البصري: خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم فأرادوه على الخروج فاضطجع على ظهره وقال "إني سقيم" وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها. ورواه ابن أبي حاتم, ولهذا قال تعالى: "فتولوا عنه مدبرين" أي ذهب إليها بعد ما خرجوا في سرعة واختفاء " فقال ألا تأكلون " وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاماً قرباناً لتبارك لهم فيه. وقال السدي: دخل إبراهيم عليه السلام إلى بيت الالهة فإذا هم في بهو عظيم وإذا مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد جعلوا طعاماً ووضعوه بين أيدي الالهة وقالوا إذا كان حين نرجع وقد باركت الالهة في طعامنا أكلناه, فلما نظر إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى ما بين أيديهم من الطعام قال "ألا تأكلون * ما لكم لا تنطقون" وقوله تعالى: "فراغ عليهم ضرباً باليمين" قال الفراء معناه مال عليهم ضرباً باليمين. وقال قتادة والجوهري فأقبل عليهم ضرباً باليمين. وإنما ضربهم باليمين لأنها أشد وأنكى ولهذا تركهم جذاداً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون كما تقدم في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تفسير ذلك. وقوله تعالى ههنا: "فأقبلوا إليه يزفون" قال مجاهد وغير واحد أي يسرعون, وهذه القصة ههنا مختصرة وفي سورة الأنبياء مبسوطة فإنهم لما رجعوا ما عرفوا من أول وهلة من فعل ذلك حتى كشفوا واستعلموا فعرفوا أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الذي فعل ذلك. فلما جاءوا ليعاتبوه أخذ في تأنيبهم وعيبهم فقال "أتعبدون ما تنحتون" أي أتعبدون من دون الله من الأصنام ما أنتم تنحتونها وتجعلونها بأيديكم "والله خلقكم وما تعملون" يحتمل أن تكون ما مصدرية فيكون تقدير الكلام خلقكم وعملكم ويحتمل أن تكون بمعنى الذي تقديره والله خلقكم والذي تعملونه وكلا القولين متلازم, والأول أظهر لما رواه البخاري في كتاب أفعال العباد عن علي بن المديني عن مروان بن معاوية عن أبي مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً قال: "إن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته" وقرأ بعضهم "والله خلقكم وما تعملون" فعند ذلك لما قامت عليهم الحجة عدلوا إلى أخذه باليد والقهر فقالوا "ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم" وكان من أمرهم ما تقدم بيانه في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ونجاه الله من النار وأظهره عليهم وأعلى حجته ونصرها ولهذا قال تعالى: "فأرادوا به كيداً فجعلناهم الأسفلين".
89- "فقال إني سقيم". قال الخليل والمبرد: يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره: نظر في النجوم. وقيل كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تعتاده فيها الحمى. وقال الضحاك: معنى إني سقيم: سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت يسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض كما قال للملك لما سأله عن سارة هي أختي: يعني أخوة الدين. وقال سعيد بن جبير: أشار لهم إلى مرض يسقم ويعدي وهو الطاعون وكانوا يهربون من ذلك.
89. " فقال إني سقيم "، قال ابن عباس: كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد عيد ومجمع، وكانوا يدخلون على أصنامهم [ ويقربون لهم القرابين ]، ويصنعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم - زعموا - للتبرك عليه فإذا انصرفوا من عيدهم أكلوه، فقالوا لإبراهيم: ألا تخرج غداً معنا إلى عيدنا؟ فنظر إلى النجوم فقال: إني سقيم، قال ابن عباس: مطعون، وكانوا يفرون من الطاعون فراراً عظيماً. قال الحسن : مريض.
وقال مقاتل : وجمع. وقال الضحاك : سأسقم.
89-" فقال إني سقيم " أراهم أنه استدل بها لأنهم كانوا منجمين على أنه مشارف للسقم لئلا يخرجوه إلى معبدهم ، فإنه كان أغلب أسقامهم الطاعون وكانوا يخافون العدوى ، أو أراد إني سقيم القلب لكفركم ، أو خارج المزاج عن الاعتدال خروجاً قل من يخلو منه أو يصدد الموت ومنه المثل : كفى بالسلامة داء ، وقول لبيد :
فدعوت ربي بالسلامة جاهداً ليصحبني فإذا السلامة داء
89. Then said: Lo! I feel sick!
89 - And he said, I am indeed sick (at heart)