[الصافات : 74] إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ
74 - (إلا عباد الله المخلصين) المؤمنين فإنهم نجوا من العذاب لاخلاصهم في العبادة أو لأن الله أخلصهم لها على قراءة فتح اللام
وقوله "إلا عباد الله المخلصين" يقول تعالى : فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ، إلا عباد الله الذين أخلصناهم للإيمان بالله وبرسله. واستثنى عباد الله من المنذرين ، لأن معنى الكلام : فانظر كيف أهلكنا المنذرين إلا عباد الله المؤمنين ، فلذلك حسن استثناؤهم منهم.
وبنحو الذي قلنا في قوله "إلا عباد الله المخلصين" قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قول "إلا عباد الله المخلصين" قال : الذين استخلصهم الله.
" إلا عباد الله المخلصين " أي الذين استخلصهم الله من الكفر . وقد تقدم . ثم قيل : هو استثناء من < المنذرين > . وقيل هو من قوله تعالى : " لقد ضل قبلهم أكثر الأولين " [ الصافات : 71 ] .
يخبر تعالى عن الأمم الماضية أن أكثرهم كانوا ضالين يجعلون مع الله آلهة أخرى, وذكر تعالى أنه أرسل فيهم منذرين ينذرون بأس الله ويحذرونهم سطوته ونقمته ممن كفر به وعبد غيره وأنهم تمادوا على مخالفة رسلهم وتكذيبهم فأهلك المكذبين ودمرهم ونجى المؤمنين ونصرهم وظفرهم ولهذا قال تعالى: " فانظر كيف كان عاقبة المنذرين * إلا عباد الله المخلصين ".
ثم استثنى عباده المؤمنين فقال: 74- "إلا عباد الله المخلصين" أي إلا من أخلصهم الله بتوفيقهم إلى الإيمان والتوحيد، وقرئ "المخلصين" بكسر اللام: أي الذين أخلصوا لله طاعاتهم ولم يشوبوها بشيء مما يغيرها.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله: "فاطلع فرآه في سواء الجحيم" قال: اطلع ثم التفت إلى أصحابه فقال: لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: قول الله لأهل الجنة -"كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون"- قال هنيئاً: أي لا تموتون فيها فعند ذلك قالوا: " أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين * إن هذا لهو الفوز العظيم " قال: هذا قول الله "لمثل هذا فليعمل العاملون". وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه فجعل يبكي حتى بل الثرى، ثم قال: "لمثل هذا فليعمل العاملون". وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه فقال: "لمثل هذا فليعمل العاملون". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أولى لك فأولى * ثم أولى لك فأولى "، فلما سمع أبو جهل قال: من توعد يا محمد؟ قال إياك، قال بما توعدني؟ قال أوعدك بالعزيز الكريم، فقال أبو جهل: أليس أنا العزيز الكريم؟ فأنزل الله " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " إلى قوله "ذق إنك أنت العزيز الكريم" فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً فقال: تزقموا من هذا. فو الله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله "إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم" إلى قوله: "ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم " . وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم . وأخرج ابن جرير و ابن المنذر عنه أيضا " ثم إن لهم عليها لشوبا " قال: لمزجا. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال في قوله: "لشوباً من حميم" يخالط طعامهم ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "إنهم ألفوا آباءهم ضالين" قال: وجدوا آباءهم.
74. " إلا عباد الله المخلصين "، الموحدين نجوا من العذاب.
74-" إلا عباد الله المخلصين " إلا الذين تنبهوا بإنذارهم فأخلصوا دينهم لله ، وقرئ بالفتح أي الذين أخلصهم الله لدينه والخطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمقصود خطاب قومه فإنهم أيضاً سمعوا أخبارهم ورأوا آثارهم .
74. Save singled minded slaves of Allah.
74 - Except the sincere (and devoted) servants of God.