[الصافات : 22] احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ
22 - (احشروا الذين ظلموا) أنفسهم بالشرك (وأزواجهم) قرناءهم من الشياطين (وما كانوا يعبدون)
وفي هذا الكلام متروك استغني بدلالة ما ذكر عما ترك ، وهو: فيقال : احشروا الذين ظلموا، ومعنى ذلك اجمعوا الذين كفروا بالله في الدنيا وعصوه وأزواجهم وأشياعهم على ما كانوا عليه من الكفر بالله وما كانوا يعبدون من دون الله من الآلهة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن النعمان بن بشير، عن عمر بن الخطاب "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال : ضرباءهم.
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" يقول :نظراءهم.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" يعني : أتباعهم ، ومن أشبههم من الظلمة.
حدثنا محمد بن المثنى، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن داود، قال : سألت أبا العالية، عن قول الله "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله" قال الذين ظلموا وأشياعهم.
حدثنا ابن المثنى، قال : ثني عبد الأعلى، قال : ثنا داود، عن أبي العالية، أنه قال في هذه الآية ، "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال : وأشياعهم.
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية، قال : ثنا داود، عن أبي العالية مثله.
حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم": أي وأشياعهم الكفار مع الكفار.
حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال : وأشباههم.
حدثني يونس ، قال . أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال : أزواجهم في الأعمال ، وقرأ "وكنتم أزواجا ثلاثة *فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة* وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة* والسابقون السابقون" [الواقعة : 7 - 10 ] فالسابقون زوج وأصحاب الميمنة زوج ، وأصحاب الشمال زوج ، قال : كل من كان من هذا حشره الله معه. وقرأ "وإذا النفوس زوجت" [التكوير: 17 ]قال : زوجت على الأعمال ، لكل واحد من هؤلاء زوج ، زوج الله بعض هؤلاء بعضاً، زوج أصحاب اليمين أصحاب اليمين ، وأصحاب المشأمة أصحاب المشأمة، والسابقين السابقين ، قال : فهذا قوله "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال : أزواج الأعمال التي زوجهن الله.
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله "وأزواجهم"قال : أمثالهم.
قوله تعالى : " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " هو من قول الله تعالى للملائكة : " احشروا " المشركين " وأزواجهم " أي أشياعهم في الشرك ، والشرك الظلم ، قال الله تعالى : " إن الشرك لظلم عظيم " [ لقمان : 13 ] فيحشر الكافر مع الكافر ، قاله قتادة و أبو العالية وقال عمر بن الخطاب في قول الله عز وجل : " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال : الزاني مع الزاني ، وشارب الخمر مع شارب الخمر ، وصاحب السرقة مع صاحب السرقة . وقال ابن عباس : < وأزواجهم > أي أشباههم . وهذا يرجع إلى قول عمر . وقيل : < وأزواجهم > نساؤهم الموافقات على الكفر ، قاله مجاهد و الحسن ، ورواه النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب . وقال الضحاك : < وأزواجهم > قرناءهم من الشياطين . وهذا قول مقاتل أيضاً : يحشر كل كافر مع شيطانه في سلسلة .
يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا, فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم "وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين" فتقول الملائكة والمؤمنون "هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون" وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال النعمان بن بشير رضي الله عنه يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم, وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو صالح وأبو العالية وزيد بن أسلم, وقال سفيان الثوري عن سماك عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال إخوانهم. وقال شريك عن سماك عن النعمان قال: سمعت عمر يقول "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال: أشباههم. قال يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الربا مع أصحاب الربا, وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر, وقال خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أزواجهم نساؤهم وهذا غريب والمعروف عنه الأول كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير عنه أزواجهم قرناؤهم وما كانوا يعبدون من دون الله أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم. وقوله تعالى: "فاهدوهم إلى صراط الجحيم" أي أرشدوهم إلى طريق جهنم وهذا كقوله تعالى: "ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً" وقوله تعالى: "وقفوهم إنهم مسؤولون" أي قفوهم حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا كما قال الضحاك عن ابن عباس يعني احبسوهم إنهم محاسبون. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا النفيلي حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت ليثاً يحدث عن بشير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما داع دعا إلى شيء كان موقوفاً معه إلى يوم القيامة لا يغادره ولا يفارقه وإن دعا رجل رجلاً" ثم قرأ "وقفوهم إنهم مسؤولون" ورواه الترمذي من حديث ليث بن أبي سليم, ورواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن معتمر عن ليث عن رجل عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً. وقال عبد الله بن المبارك: سمعت عثمان بن زائدة يقول إن أول ما يسأل عنه الرجل جلساؤه, ثم يقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ " ما لكم لا تناصرون " أي كما زعمتم أنكم جمع منتصر "بل هم اليوم مستسلمون" أي ينقادون لأمر الله لا يخالفونه ولا يحيدون عنه, والله أعلم.
وقوله: 22- "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" هو أمر من الله سبحانه للملائكة بأن يحشروا المشركين وأزواجهم، وهم أشباههم في الشرك، والمتابعون لهم في الكفر، والمشايعون لهم في تكذيب الرسل، كذا قال قتادة وأبو العالية. وقال الحسن ومجاهد: المراد بأزواجهم نساؤهم المشركات الموافقات لهم على الكفر والظلم. وقال الضحاك: أزواجهم قرناؤهم من الشياطين يحشر كل كافر من شيطانه، وبه قال مقاتل.
22. " احشروا الذين ظلموا "، أي: أشركوا، اجمعوهم إلى الموقف للحساب والجزاء، " وأزواجهم "، أشباههم وأتباعهم وأمثالهم.
قال قتادة و الكلبي : كل من عمل مثل عملهم، فأهل الخمر مه أهل الخمر، وأهل الزنا مع أهل الزنا.
وقال الضحاك و مقاتل : قرناءهم من الشياطين، كل كافر مع شيطانه في سلسلة.
وقال الحسن : وأزواجهم المشركات.
" وما كانوا يعبدون "
22-" احشروا الذين ظلموا " أمر الله للملائكة ، أو أمر لبعض بحشر الظلمة من مقامهم إلى الموقف . وقيل منه إلى الجحيم . " وأزواجهم " وأشباههم عابد الصنم مع عبدة الصنم وعابد الكوكب مع عبدته كقوله تعالى : " وكنتم أزواجاً ثلاثة " أو نساءهم اللاتي على دينهم أو قرناءهم من الشياطين . " وما كانوا يعبدون " .
22. (And it is said unto the angels): Assemble those who did wrong, together with their wives and what they used to worship
22 - Bring ye up it shall be said, the wrong doers and their wives, and the things they worshipped