[الصافات : 180] سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
180 - (سبحان ربك رب العزة) الغلبة (عما يصفون) بأن له ولدا
وقوله "سبحان ربك رب العزة عما يصفون" يقول تعالى ذكره تنزيهاً لربك يا محمد وتبرئة له. "رب العزة" يقول : رب القوة والبطش "عما يصفون" يقول : عما يصف هؤلاء المفترون عليه من مشركي قريش ، من قولهم ولد الله ، وقولهم : الملائكة بنات الله ، وغير ذلك من شركهم وفريتهم على ربهم.
كما حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "سبحان ربك رب العزة عما يصفون" : أي عما يكذبون . يسبح نفسه إذ قيل عليه البهتان.
فيه أربع مسائل :
الأولى - قوله تعالى : " سبحان ربك " نزه نفسه عما أضاف إليه المشركون . " رب العزة " على البدل . ويجوز النصب على المدح ، والرفع بمعنى هو رب العزة . " عما يصفون " أي من الصاحب والولد " وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى < سبحان الله > فقال : هو تنزيه الله عن كل سوء " وقد مضى في < البقرة > مستوفى .
الثانية - سئل محمد بن سحنون عن معنى < رب العزة > لما جاز ذلك والعزة من صفات الذات ، ولا يقال رب القدرة ونحوها من صفات ذاته جل وعز ؟ فقال : العزة تكون صفة ذات وصفة فعل ، فصفة الذات نحو قوله : " فلله العزة جميعا " [ فاطر : 10 ] وصفة الفعل نحو قوله : < رب العزة > والمعنى رب العزة التي يتعاز بها الخلق فيما بينهم فهي من خلق الله عز وجل . قال : وقد جاء في التفسير أن العزة ها هنا يراد بها الملائكة . قال : وقال بعض علمائنا : من حلف بعزة الله فإن أراد عزته التي هي صفته فحنث فعليه الكفارة ، وإن أراد التي جعلها الله بين عبادة فلا كفارة عليه . الماوردي : < رب العزة > يحتمل وجهين : أحدهما مالك العزة ، والثاني رب كل شيء متعزز من ملك أو متجبر .
قلت : وعلى الوجهين فلا كفارة إذا نواها الحالف .
الثالثة - " روي من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول قبل أن يسلم : < سبحان ربك رب العزة > إلى آخر السورة " ، ذكره الثعلبي .
قلت : " قرأت على الشيخ الإمام المحدث الحافظ أبي علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك البكري بالجزيرة قبالة المنصورة من الديار المصرية ، قال : أخبرتنا الحرة أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الشعري بنيسابور في المرة الأولى ، أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن أبي بكر القاريء ، قال : حدثنا أبو الحسن عبد القادر بن محمد الفارسي ، قال : حدثنا أبو سهل بشر بن أحمد الاسفرايني ، قال : حدثنا أبو سليمان داود بن الحسين البيهقي ، قال : حدثنا أبو زكرياء يحيى بن يحيى بن عبد الرحمن التميمي النيسابوري ، قال : حدثنا هشيم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين " " . قال المارودي " روى الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل أخر مجلسه حين يريد أن يقوم " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين " " ذكره الثعلبي من حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً .
ينزه تبارك وتعالى نفسه ويقدسها ويبرئها عما يقول الظالمون المكذبون المعتدون تعالى وتنزه وتقدس عن قولهم علواً كبيراً ولهذا قال تبارك وتعالى: "سبحان ربك رب العزة" أي ذي العزة التي لا ترام "عما يصفون" أي عن قول هؤلاء المعتدين المفترين "وسلام على المرسلين" أي سلام الله عليهم في الدنيا والاخرة لسلامة ما قالوه في ربهم وصحته وحقيته "والحمد لله رب العالمين" أي له الحمد في الأولى والاخرة في كل حال, ولما كان التسبيح يتضمن التنزيه من النقص قرن بينهما في هذا الموضع وفي مواضع كثيرة من القرآن ولهذا قال تبارك وتعالى: " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين ", وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فأنا رسول من المرسلين". هكذا رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سعيد عنه كذلك, وقد أسنده ابن أبي حاتم رحمه الله فقال حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أبو بكر الأعين ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة قالا: حدثنا حسين بن محمد حدثنا شيبان عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين" وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا نوح حدثنا أبو هارون عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد أن يسلم قال: "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين" ثم يسلم, إسناده ضعيف. وقال ابن أبي حاتم حدثنا عمار بن خالد الواسطي حدثنا شبابة عن يونس بن أبي إسحاق عن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم "سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين" " . وروي من وجه آخر متصل موقوف على علي رضي الله عنه قال أبو محمد البغوي في تفسيره: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني ابن منجويه حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا إبراهيم بن سهلويه حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا وكيع عن ثابت بن أبي صفية عن الأصبغ بن نباتة عن علي رضي الله عنه قال: من أحب ان يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه في مجلسه "سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين" . وروى الطبراني من طريق عبد الله بن صخر بن أنس عن عبد الله بن زيد بن أرقم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال "من قال دبر كل صلاة "سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين" ثلاث مرات فقد اكتال بالجريب الأوفى من الأجر" وقد وردت أحاديث في كفارة المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. وقد أفردت لها جزءاً على حدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم نزه سبحانه نفسه عن قبيح ما يصدر منهم فقال: 180- "سبحان ربك رب العزة عما يصفون" العزة الغلبة والقوة، والمراد تنزيهه عن كل ما يصفونه به مما لا يليق بجنابه الشريف، ورب العزة بدل من ربك.
180. فقال: " سبحان ربك رب العزة "، الغلبة والقوة، " عما يصفون "، من اتخاذ الصاحبة والأولاد.
180-" سبحان ربك رب العزة عما يصفون " عما قاله المشركون فيه على ما حكي في السورة ، وإضافة الرب إلى العزة لاختصاصها به إذ لا عزة إلا له أو لمن أعزه ، وقد أدرج فيه جملة صفاته السلبية والثبوتية مع الإشعار بالتوحيد .
180. Glorified be thy Lord, the Lord of Majesty, from that which they attribute (unto Him)
180 - Glory to thy Lord, the Lord of Honour and Power (He is free) from what they ascribe (to Him).