[الصافات : 177] فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ
177 - (فإذا نزل بساحتهم) بفنائهم قال الفراء العرب تكتفي بذكر الساحة عن القوم (فساء) بئس صباحا (صباح المنذرين) فيه إقامة الظاهر مقام المضمر
وقوله "فإذا نزل بساحتهم" يقول : فإذا نزل بهؤلاء المشركين المستعجلين بعذاب الله العذاب.
العرب تقول : نزل بساحة فلان العذاب والعقوبة، وذلك إذا نزل به ، والساحة : هي فناء دار الرجل ، "فساء صباح المنذرين" يقول : فبئس صباح القوم الذين أنذرهم رسولنا نزول ذلك العذاب بهم أ يصدقوا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله "فإذا نزل بساحتهم" قال : بدارهم ، "فساء صباح المنذرين" قال : بئس ما يصبحون.
قوله تعالى : " فإذا نزل بساحتهم " أي العذاب . قال الزجاج : وكان عذاب هؤلاء بالقتل . ومعنى < بساحتهم > أي بدارهم ، عن السدي وغيره . والساحة والسحسة في اللغة فناء الدار الواسع . الفراء : < نزل بساحتهم > ونزل بهم سواء . " فساء صباح المنذرين " أي بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب . وفيه إضمار أي فساء الصباح صباحهم . وخص الصباح بالذكر ، لأن العذاب كان يأتيهم فيه . ومنه الحديث الذي " رواه أنس رضي الله عنه قال : لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وكانوا خارجين إلى مزارعهم ومعهم المساحى ، فقالوا : محمد والخميس ، ورجعوا إلى حصنهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " وهو يبين معنى < فإذا نزل بساحتهم > يريد النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول تبارك وتعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين" أي تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " وقال عز وجل: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" ولهذا قال جل جلاله: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون " أي في الدنيا والاخرة كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم ممن كذبهم وخالفهم كيف أهلك الله الكافرين ونجى عباده المؤمنين "وإن جندنا لهم الغالبون" أي تكون لهم العاقبة. وقوله جل وعلا: "فتول عنهم حتى حين" أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مؤجل فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر, ولهذا قال بعضهم غيى ذلك إلى يوم بدر وما بعدها أيضاً في معناها, وقوله جلت عظمته "وأبصرهم فسوف يبصرون" أي أنظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك ولهذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد "فسوف يبصرون" ثم قال عز وجل: "أفبعذابنا يستعجلون" أي هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك فإن الله تعالى يغضب عليهم بذلك ويعجل لهم العقوبة ومع هذا أيضاً كانوا من كفرهم وعنادهم يستعجلون العذاب والعقوبة. قال الله تبارك وتعالى: "فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين" أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم بإهلاكهم ودمارهم, وقال السدي "فإذا نزل بساحتهم" يعني بدارهم "فساء صباح المنذرين" أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم. ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا وهم يقولون: محمد والله محمد والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" ورواه البخاري من حديث مالك عن حميد عن أنس رضي الله عنه. وقال الإمام أحمد حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: لما صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم وأرضهم, فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا مدبرين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" لم يخرجوه من هذه الوجه وهو صحيح على شرط الشيخين, وقوله تعالى: "وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون" تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
177- "فإذا نزل بساحتهم" أي إذا نزل عذاب الله لهم بفنائهم، والساحة في اللغة: فناء الداء الواسع. قال الفراء: نزل بساحتهم ونزل بهم سواء. قال الزجاج: وكان عذاب هؤلاء بالقتل، قيل المراد به نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم يوم فتح مكة. قرأ الجمهور نزل مبنياً للفاعل. وقرأ عبد الله بن مسعود على البناء للمفعول، والجار والمجرور قائم مقام الفاعل "فساء صباح المنذرين" أي بئس صباحهم. وخص الصباح بالذكر لأن العذاب كان يأتيهم فيه.
177. " فإذا نزل "، يعني: العذاب، " بساحتهم "، قال مقاتل : بحضرتهم. وقيل: بفنائهم. وقال الفراء : العرب تكتفي بذكر الساحة عن القوم، " فساء صباح المنذرين "، فبئس صباح الكافرين الذين أنذروا بالعذاب.
أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو اسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، أخبرنا مالك ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى خيبر، أتاها ليلاً، وكان إذا جاء قوماً بليل لم يغز حتى يصبح، قال:فلما أصبح خرجت يهود خيبر بمساحيها ومكاتلها، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: محمد والله، محمد والخميس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ".
ثم كرر ما ذكرنا تأكيداً لوعيد العذاب
177-" فإذا نزل بساحتهم " فإذا نزل العذاب بفنائهم ، شبهه بجيش هجمهم فأناخ بفنائهم بغتة ، وقيل الرسول وقرئ نزل على إسناده إلى الجار والمجرور و نزل أي العذاب . " فساء صباح المنذرين " فبئس صباح المنذرين صباحهم ، واللام للجنس والـ " صباح " مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب ، ولما كثر فيهم الهجوم والغارة في الصباح سموا الغارة صباحاً وإن وقعت في وقت آخر .
177. But when it cometh home to them, then it will be a hapless morn for those who have been warned.
177 - But when it descends into the open space before them, evil will be the morning for those who were warned (and heeded not).