[يس : 53] إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
53 - (إن) ما (كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا) عندنا (محضرون)
وقوله " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون " يقول تعالى ذكره إن كانت إعادتهم أحياء بعد مماتهم إلا صيحة واحدة، وهي النفخة الثالثة في الصور " فإذا هم جميع لدينا محضرون " يقول: فإذا هم مجتمعون لدينا قد أحضروا، فأشهدوا موقف العرض والحساب، لم يتخلف عنه منهم أحد. وقد بينا اختلاف المختلفين في قراءتهم " إلا صيحة " بالنصب والرفع فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
" إن كانت إلا صيحة واحدة " يعني إن بعثهم وإحياءهم كان بصيحة واحدة وهي قول إسرافيل : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، والشعور المتمزقة ! إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء . وهذا معنى قوله الحق : " يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج " [ ق : 42 ] . وقال : " مهطعين إلى الداع " [ القمر : 8 ] على ما يأتي . وفي قراءة ابن مسعود إن صح عنه < إن كانت إلا زقية واحدة > والزقية الصيحة ، وقد تقدم هذا . " فإذا هم جميع لدينا محضرون " < فإذا هم > مبتدأ وخبره < جميع > نكرة ، و < محضرون > من صفته . ومعنى < محضرون > مجموعون أحضروا موقف الحساب ، وهو كقوله : " وما أمر الساعة إلا كلمح البصر " [ النحل : 77 ] .
هذه هي النفخة الثالثة, وهي نفخة البعث والنشور للقيام من الأجداث والقبور, ولهذا قال تعالى: "فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون" والنسلان هو المشي السريع كما قال تعالى: " يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون " " قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا " يعنون قبورهم التي كانوا يعتقدون في الدار الدنيا أنهم لا يبعثون منها, فلما عاينوا ما كذبوا به في محشرهم "قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا" وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم, لأنه بالنسبة إلى مابعده في الشدة كالرقاد. قال أبي بن كعب رضي الله عنه و مجاهد والحسن وقتادة : ينامون نومة قبل البعث. قال قتادة : وذلك بين النفختين, فلذلك يقولون من بعثنا من مرقدنا, فإذا قالوا ذلك أجابهم المؤمنون, قاله غير واحد من السلف "هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون" وقال الحسن : إنما يجيبهم بذلك الملائكة, ولا منافاة إذ الجمع ممكن, والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقال عبد الرحمن بن زيد : الجميع من قول الكفار "يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ؟ هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون" نقله ابن جرير , واختار الأول, وهو أصح, وذلك لقوله تبارك وتعالى في الصافات: " وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين * هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون " وقال الله عز وجل: " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون ".
وقوله تعالى: "إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون" كقوله عز وجل: " فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة " وقال جلت عظمته: "وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب" وقال جل جلاله: "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً" أي إنما نأمرهم أمراً واحداً, فإذا الجميع محضرون " فاليوم لا تظلم نفس شيئا " أي من عملها "ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون".
53- "إن كانت إلا صيحة واحدة" أي ما كانت تلك النفخة المذكورة إلا صيحة واحدة صاحها إسرافيل بنفخة في الصور "فإذا هم جميع لدينا محضرون" أي فإذا هم مجمعون محضرون لدينا بسرعة للحساب والعقاب.
53. " إن كانت "، " إلا صيحةً واحدةً "، يعني: النفخة الآخرة، " فإذا هم جميع لدينا محضرون ".
53 -" إن كانت " ما كانت الفعلة . " إلا صيحةً واحدةً " هي النفخة الأخيرة ، وقرئت بالرفع على كان التامة . " فإذا هم جميع لدينا محضرون " بمجرد تلك الصيحة وفي كل ذلك تهوين أمر البعث والحشر واستغناؤهما عن الأسباب التي ينوطان بها فيما يشاهدونه .
53. It is but one Shout, and behold them brought together before Us!
53 - It will be no more than a single Blast, when lo they will all be brought up before Us.