[سبإ : 45] وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
45 - (وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا) أي هؤلاء (معشار ما آتيناهم) من القوة وطول العمر وكثرة المال (فكذبوا رسلي) إليهم (فكيف كان نكير) إنكاري عليهم بالعقوبة والاهلاك أي هو واقع موقعه
وقوله " وكذب الذين من قبلهم " يقول: وكذب الذين من قبلهم من الأمم رسلنا وتنزيلنا " وما بلغوا معشار ما آتيناهم " يقول: ولم يبلغ قومك يا محمد عشر ما أعطينا الذين من قبلهم من الأمم من القوة والأيدي والبطش، وغير ذلك من النعم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلز
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله " وما بلغوا معشار ما آتيناهم " من القوة في الدنيا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله " وما بلغوا معشار ما آتيناهم " يقول: ما جاوزوا معشار ما أنعمنا عليهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم " يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطم من القوة وغير ذلك.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " وما بلغوا معشار ما آتيناهم " قال: ما بلغ هؤلاء أمة محمد صلى الله عليه وسلم معشار ما آتينا الذين من قبلهم، وما أعطيناهم من الدنيا، وبسطنا عليهم " فكذبوا رسلي فكيف كان نكير " يقول: فكذبوا رسلي فيما أتوهم به من رسالتي، فعاقبناهم بتغييرنا بهم ما كنا آتيناهم من النعم، فانظر يا محمد كيف كان نكير. يقول: كيف كان تغييري بهم وعقوبتي.
" وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير"
يخبر الله عن الكفار أنهم يستحقون منه العقوبة والأليم من العذاب, لأنهم كانوا إذا تتلى عليهم آياته بينات يسمعونها غضة طرية من لسان رسوله صلى الله عليه وسلم "قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم" يعنون أن دين آبائهم هو الحق, وأن ما جاءهم به الرسول عندهم باطل, عليهم وعلى آبائهم لعائن الله تعالى: "وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى" يعنون القرآن "وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين" قال الله تعالى: "وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير" أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن وما أرسل إليهم نبياً قبل محمد صلى الله عليه وسلم وقد كانوا يودون ذلك ويقولون: لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب لكنا أهدى من غيرنا, فلما من الله عليهم بذلك كذبوه وجحدوه وعاندوه.
ثم قال تعالى: "وكذب الذين من قبلهم" أي من الأمم " وما بلغوا معشار ما آتيناهم " قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي من القوة في الدنيا. وكذلك قال قتادة والسدي وابن زيد , كما قال تعالى: "ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون" "أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة" أي وما دفع ذلك عنهم عذاب الله ولا رده, بل دمر الله عليهم لماكذبوا رسله, ولهذا قال: "فكذبوا رسلي فكيف كان نكير" أي فكيف كان عقابي ونكالي وانتصاري لرسلي.
ثم خولهم سبحانه وأخبر عن عاقبتهم وعاقبة من كان قبلهم فقال: 45- "وكذب الذين من قبلهم" من القرون الخالية "وما بلغوا معشار ما آتيناهم" أي ما بلغ أهل مكة من مشركي قريش وغيرهم من العرب عشر ما آتينا من قبلهم من القوة وكثرة المال وطول العمر فأهلكهم الله، كعاد وثمود وأمثالهم. والمعشار: هو العشر. قال الجوهري: معشار الشيء عشره. وقيل المعشار: عشر العشر، والأول أولى. وقيل إن المعنى: ما بلغ من قبلهم معشار ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى. وقيل ما بلغ من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم، وقيل ما أعطى الله من قبلهم معشار ما أعطاهم من العلم والبيان والحجة والبرهان، والأول أولى. وقيل: المعشار عشر العشير، والعشير عشر العشر، فيكون جزءاً من ألف جزء. قال الماوردي: وهو الأظهر لأن المراد به المبالغة في التقليل قلت مراعاة المبالغة في التقليل، لا يسوغ لأجلها الخروج عن المعنى العربي، وقوله: "فكذبوا رسلي" عطف على "كذب الذين من قبلهم" على طريقة التفسير، كقوله: "كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا" الآية، والأولى أن يكون من عطف الخاص على العام، لأن التكذيب الأول لما حذف من المتعلق للتكذيب أفاد العموم، فمعناه: كذبوا الكتب المنزلة والرسل المرسلة والمعجزات الواضحة، وتكذيب الرسل أخص منه، وإن كان مستلزماً له فقد روعيت الدلالة اللفظية لا الدلالة الالتزامية "فكيف كان نكير" أي فكيف كان إنكاري لهم بالعذاب والعقوبة، فليحذر هؤلاء من مثل ذلك، قيل وفي الكلام حذف، والتقدير: فأهلكناهم فكيف كان نكير، والنكير اسم بمعنى الإنكار.
45- "وكذب الذين من قبلهم"، من الأمم رسلنا، وهم: عاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وغيرهم، "وما بلغوا" يعني: هؤلاء المشركين، "معشار"، أي: عشر، "ما آتيناهم"، أي: أعطينا الأمم الخالية من القوة والنعمة وطول العمر، "فكذبوا رسلي فكيف كان نكير"، أي: إنكاري وتغييري عليهم، يحذر كفار هذه الأمة عذاب الأمم الماضية.
45ـ " وكذب الذين من قبلهم " كما كذبوا . " وما بلغوا معشار ما آتيناهم " وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا أولئك من القوة وطول العمر وكثرة المال ، أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى . " فكذبوا رسلي فكيف كان نكير " فحين كذبوا رسلي جاءهم إنكاري بالتدمير فكيف كان نكيري لهم فليحذر هؤلاء من مثله ، ولا تكرير في كذب لأن الأول للتكثير والثاني للتكذيب ، أو الأول مطلق والثاني مقيد ولذلك عطف عليه بالفاء .
45. Those before them denied, and these have not attained a tithe of that which We bestowed on them (of old); yet they denied My messengers. How intense then was My abhorrence (of them)!
45 - And their predecessors rejected (The Truth); these have Not received a tenth of what We had granted to those: yet when they rejected My apostles, how (terrible) was My rejection (of them)