[السجدة : 17] فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
17 - (فلا تعلم نفس ما أخفي) خبىء (لهم من قرة أعين) ما تقر به أعينهم وفي قراءة بسكون الياء مضارع (جزاء بما كانوا يعملون)
يقول تعالى ذكره: فلا تعلم نفس ذي نفس ما أخفى الله لهؤلاء الذين وصف جل ثناؤه صفتهم في هاتين الآيتين، ما تقر به أعينهم في جنانه يوم القيامة " جزاء بما كانوا يعملون " يقول: ثواباً لهم على أعمالهم التي كانوا في الدنيا يعملون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: قال عبد الله: إن في التوراة مكتوباً: لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر، ولم تسمع أذن، وما لم يسمعه ملك مقرب. قال: ونحون نقرؤها " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ".
حدثنا خلاد، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: أخبرنا أبو إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة، عن ابن مسعود، قال: مكتوب في التوراة على الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، في القرآن " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: خبىء لهم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قال سفيان: فيما علمت على غير وجه الشك.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا عبيدة، قال: قال عبد الله، قال، يعني الله: " أعددت لعبادي الصالحين ما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب ناظر " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن صلت، عن قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة الحارثي، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن في التوراة: للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع من الكرامة، ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر، ولم تسمع أذن، وإنه لفي القرآن " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا الأشجعي، عن ابن أبجر، قال: سمعت الشعبي يقول سمعت المغيرة بن شعبة يقول على المنبر: " إن موسى صلى الله عليه وسلم سأل عن أبخس أهل الجنة فيها حظاً، فقيل له: رجل يؤتى به وقد دخل أهل الجنة الجنة، قال: فيقال له: ادخل، فيقول: أين وقد أخل الناس أخذاتهم؟ فيقال: اعدد أربعة ملوك من ملوك الدنيا، فيكون لك مثل الذي كان لهم، ولك أخرى شهوة نفسك، فيقول: أشتهي كذا وكذا، وأشتهي كذا، ويقال: لك أخرى، لك لذة عينك، فيقول: ألذ كذا وكذا، فيقال: لك عشرة أضعاف مثل ذلك. وسأله عن أعظم أهل الجنة حظاً، فقال: ذاك شيء ختمت عليه يوم خلقت السماوات والأرض. قال الشعبي : فإنها في القرآن " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " ".
حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا ابن عيينة، وحدثني به القرقساني، عن ابن عيينة، عن مطرف بن طريف، وابن أبجر، سمعنا الشعبي يقول: سمعت المغيرة بن شعبة على المنبر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: " إن موسى سأل ربه: أي رب، أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ قال: رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة. فيقال له: ادخل، فيقول: كيف أدخل وقد نزلوا منازلهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: بخ أي رب قد رضيت، فيقال له: إن لك هذا ومثله ومثله ومثله، فيقول: رضيت أي رب رضيت، فيقال له: إن لك هذا وعشرة أمثاله معه، فيقول رضيت أي رب، فيقال له: فإن لك مع هذا ما اشتهت نفسك، ولذت عينك، قال: فقال موسى: أي رب، وأي أهل الجنة أرفع منزلة؟ قال إياها أردت، وسأحدثك عنهم، غرست لهم كرامتي بيدي، وختم عليها، فلا عيت رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قال: ومصداق ذلك في كتاب الله " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " ".
حدثنا محمد بن منصور الطوسي، قال: ثنا إسحاق بن سليمان، قال: ثنا عمرو بن أبي قيس، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله ( وكان عرشه على الماء ) ( هود: 7) وكان عرش الله على الماء، ثم اتخذ لنفسه جنة، ثم اتخذ دونها أخرى، ثم أطبقها بلؤلؤة واحدة، قال: ومن دونهما جنتان، قال: وهي التي تعلم نفس، أو قال: هما التي لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين، جزاء بما كانوا يعملون. قال: وهي التي لا تعلم الخلائق ما فيها، أو ما فيهما، يأتيهم كل يوم منها أو منهما تحفة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، بنحوه.
حدثنا سهل بن موسى الرازي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن صفوان بن عمرو، عن أبي اليمان الهوزني أو غيره، قال: " الجنة مئة درجة، أولها درجة فضة، أرضها فضة، ومساكنها فضة، وآنيتها فضة، وترابها المسك، والثانية ذهب، وأرضها ذهب، ومساكنها ذهب، وآنيتها ذهب، وترابها المسك. والثالثة لؤلؤ، وأرضها لؤلؤ، ومساكنها لؤلؤ، وآنيتها لؤلؤ، وترابها المسك. وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأته، ولا أذن سمعته، ولا خطر على قلب بشر، وتلا هذه الآية " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا المحاربي وعبد الرحيم، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وقراءوا إن شئتم، قال الله " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو معاوية وابن نمير، عن الأعمش ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر " قال أبو هريرة: ومن له ما أطلعكم عليه، اقرءوا إن شئتم " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " قال أبو هريرة: نقرؤها: ( قرات أعين).
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن الغطريف، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن الروح الأمين، قال: " يؤتى بحسنات العبد وسيئاته، فينقص بعضها من بعض، فإن بقيت حسنة واحدة، وسع الله له في الجنة. قال: فدخلت على يزداد، فحدث بمثل هذا، قال: قلت: فأين ذهبت الحسنة؟ قال: ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملو ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) ( الأحقاف: 16)، قلت: قوله " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " قال: العبد يعمل سراً أسره إلى الله لم يعلم به الناس، فأسر الله له يوم القيامة قرة عين ".
حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا سلام بن أبي مطيع، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يروى عن ربه، قال: " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ".
حدثني أبو السائب، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني أبو صخر، أن أبا حازم حدثه، قال: سمعت سهل بن سعد يقولك شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه: " فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قرأ هذه الآية " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " ... إلى قوله " جزاء بما كانوا يعملون " ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال ربكم: أعددت لعبادي الذين آمنوا وعملوا الصالحات ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي ذلك عن ربه " قال ربكم: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " قال: أخفوا عملاً في الدنيا، فأثابهم الله بأعمالهم.
حدثني القاسم بن بشر، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، قال حماد: أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من يدخل الجنة ينعم ولا يبؤس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ".
واختلفت القراء في قراءة قوله " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " فقرأ ذلك بعض المدنيين والبصريين، وبعض الكوفيين " أخفي " بضم الألف وفتح الياء بمعنى فعل. وقرأ بعض الكوفيين ( أخفي لهم) بضم الألف وإرسال الياء، بمعنى أفعل، أخفي لهم أنا.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قرءاتان مشهورتان، متقاربتا المعنى، لأن الله إذا أخفاه فهو مخفي، وإذا أخفى فليس له مخف غيره، و ( ما) في قوله " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم " فإنها إذا جعلت بمعنى الذي كانت نصباً بوقوع تعلم عليها كيف قرأ القارىء أخفي، وإذا وجهت إلى معنى أي كانت رفعاً إذا قرىء أخفي بنصب الياء وضم الألف، لأنه لم يسم فاعله، وإذا قرىء أخفي بإرسال الياء كانت نصباً بوقوع أخفي عليها.
قوله تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون".
قرأ حمزة: ما أخفي لهم بإسكان الياء. وفتحها الباقون. وفي قراءة عبد الله ما نخفي بالنون مضمومة. وروى المفضل عن الأعمش ما يخفي لهم بالياء المضمومة وفتح الفاء. وقرأ ابن مسعود وأبو هريرة: من قرأت أعين. فمن أسكن الياء من قوله: ما أخفي فهو مستقبل وألفه ألف المتكلم. وما في موضع نصب بـ أخفي وهي استفهام، والجملة في موضع نصب لوقوعها موقع المفعولين، والضمير العائد على ما محذوف. ومن فتح الياء فهو فعل ماضي مبني للمفعول. وما في موضع رفع الابتداء، والخبر أخفي وما بعده، والضمير في أخفي عائد على ما. قال الزجاج: ويقرأ ما أخفي لهم بمعنى ما أخفى الله لهم، وهي قراءة محمد بن كعب، وما في موضع نصب. المهدوي: ومن قرأ: قرأت أعين فهو جمع قرة، وحسن الجمع فيه لإضافته إلى الجمع، والإفراد لأنه مصدر، وهو اسم للجنس. وقال أبو بكر الأنباري: وهذا غير مخالف للمصحف، لأن تاء قرة تكتب تاء على لغة من يجري الوصل على الوقف، كما كتبوا رحمت الله بالتاء. ولا يستنكر سقوط الألف من قرأت في الخط وهو موجود في اللفظ، كما لم يستنكر سقوط الألف من السماوات وهي ثابتة في اللسان والنطق. والمعنى المراد: أنه أخبر تعالى بما لهم من النعيم الذي لم تعمله نفس ولا بشر ولا ملك. وفي معنى هذه الآية : قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر - ثم قرأ هذه الآية - "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" - إلى قوله - "بما كانوا يعملون"" خرجه الصحيح من خديث سهل بن سعد الساعدي. وقال ابن مسعود: في التوراة مكتوب: على الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقال ابن عباس: الأمر في هذا أجل وأعظم من أن يعرف تفسيره.
قلت: وهذه الكرامة إنما هي لأعلى أهل الجنة منزلاً، كما جاء مبيناً في صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سأل موسى عليه السلام ربه فقال: يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلةً قال هو رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله معه ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رب فيقال هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت بر قال رب فأعلاهم منزلةً قال أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر - قال - ومصداقه مع كتاب الله قوله تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون". " وقد روي عن المغيرة موقوفاً قوله. وخرج مسلم أيضاً عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخراً بله ما أطلعكم عليه - ثم قرأ - "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" " . وقال ابن سيرين: المراد به النظر إلى الله تعالى. وقال الحسن: أخفى القوم أعمالاً فأخفى الله تعالى لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
يقول تعالى: "إنما يؤمن بآياتنا" أي إنما يصدق بها "الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً" أي استمعوا لها وأطاعوها قولاً وفعلاً "وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون" أي عن أتباعهم والانقياد لها كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة, قال الله تعالى: "إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" ثم قال تعالى: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والإضطجاع على الفرش الوطيئة, قال مجاهد والحسن في قوله تعالى: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" يعني بذلك قيام الليل. وعن أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبي حازم وقتادة : هو الصلاة بين العشاءين, وعن أنس أيضاً: هو انتظار صلاة العتمة. ورواه ابن جرير بإسناد جيد. وقال الضحاك : هو صلاة العشاء في جماعة وصلاة الغداة في جماعة "يدعون ربهم خوفاً وطمعاً" أي خوفاً من وبال عقابه وطمعاً في جزيل ثوابه "ومما رزقناهم ينفقون" فيجمعون بين فعل القربات اللازمة والمتعدية, ومقدم هؤلاء وسيدهم وفخرهم في الدنيا والاخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الصبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى, فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وقال الإمام أحمد : حدثنا روح وعفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة , أخبرنا عطاء بن السائب عن مرة الهمذاني عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "عجب ربنا من رجلين: رجل ثار من وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته فيقول: ربنا أيا ملائكتي انظروا إلى عبدي, ثار من فراشه ووطائه من حيه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي, ورجل غزا في سبيل الله تعالى فانهزموا, فعلم ما عليه من الفرار وما له في الرجوع, فرجع حتى أهريق دمه رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي, فيقول الله عز وجل للملائكة: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي ورهبة مما عندي حتى أهريق دمه". وهكذا رواه أبو داود في الجهاد عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به بنحوه.
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير فقلت: يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار, قال : لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه, تعبد الله ولا تشرك به شيئاً, وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت ـ ثم قال: ـ ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة, والصدقة تطفيء الخطيئة, وصلاة الرجل في جوف الليل ـ ثم قرأ ـ "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" حتى بلغ " جزاء بما كانوا يعملون " ثم قال ـ ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ـ فقلت: بلى يارسول الله فقال: ـ رأس الأمر الإسلام, وعموده الصلاة, وذروه سنامه الجهاد في سبيل الله ـ ثم قال ـ: ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ فقلت: بلى يا نبي الله, فأخذ بلسانه ثم قال :كف عليك هذا. فقلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به, فقال :ثكلتك أمك يا معاذ , وهل يكب الناس في النار على وجوههم ـ أو قال: على مناخرهم ـ إلا حصائد ألسنتهم" ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم من طرق عن معمر به. وقال الترمذي : حسن صحيح.
ورواه ابن جرير من حديث شعبة عن الحكم قال: سمعت عروة بن الزبير يحدث عن معاذ بن جبل " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة, وقيام العبد في جوف الليل" وتلا هذه الاية "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون" ورواه أيضاً من حديث الثوري عن منصور بن المعتمر عن الحكم , عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. ومن حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , و الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ مرفوعاً بنحوه. ومن حديث حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن شهر , عن معاذ أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" قال "قيام العبد من الليل".
وروى ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي حدثنا يزيد بن هارون , حدثنا فطر بن خليفة عن حبيب بن أبي ثابت والحكم وحكيم بن جرير عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي لله في غزوة تبوك فقال "إن شئت أنبأتك بأبواب الخير: الصوم جنة, والصدقة تطفىء الخطيئة, وقيام الرجل في جوف الليل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" " الاية, ثم قال: حدثنا أبي , حدثنا سويد بن سعيد , حدثنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا جمع الله الأولين والاخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم, ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانت "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" ـ الاية ـ فيقومون وهم قليل".
وقال البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب , حدثنا الوليد بن العطاء بن الأغر , حدثنا عبد الحميد بن سليمان , حدثني مصعب عن زيد بن أسلم عن أبيه , قال: قال بلال : لما نزلت هذه الاية "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" الاية, كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب إلى العشاء, فنزلت هذه الاية "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" ثم قال: لا نعلم روى أسلم عن بلال سواه, وليس له طريق عن بلال غير هذه الطريق.
وقوله تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" الاية, أي فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد, لما أخفوا أعمالهم كذلك أخفى الله لهم من الثواب, جزاء وفاقاً, فإن الجزاء من جنس العمل قال الحسن البصري : أخفى قوم عملهم, فأخفى الله لهم ما لم تر عين ولم يخطر على قلب بشر, رواه ابن أبي حاتم.
قال البخاري قوله تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" الاية, حدثنا علي بن عبد الله, حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر" قال أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" قال: وحدثنا سفيان , حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال الله مثله. قيل لسفيان رواية, قال: فأي شيء ؟ ورواه مسلم والترمذي من حديث سفيان بن عيينة به. وقال الترمذي : حسن صحيح, ثم قال البخاري : حدثنا إسحاق بن نصر , حدثنا أبو أسامة عن الأعمش , حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم "يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر ذخراً من بله ما اطلعتم عليه" ثم قرأ "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون" قال أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح : قرأ أبو هريرة " قرة أعين " انفرد به البخاري من هذا الوجه.
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق , حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى قال: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر" أخرجاه في الصحيحين من رواية عبد الرزاق , قال: ورواه الترمذي في التفسير, و ابن جرير من حديث عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله, ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وقال حماد بن سلمة عن ثابت بن أبي رافع , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال حماد : أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من يدخل الجنة ينعم لا يبأس, لا تبلى ثيابه, ولا يفنى شبابه, في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة به.
وروى الإمام أحمد : حدثنا هارون , حدثنا ابن وهب , حدثني أبو صخر أن أبا حازم حدثه قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يقول: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى, ثم قال في آخر حديثه "فيها ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر" ثم قرأ هذه الاية " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " وأخرجه مسلم في صحيحه عن هارون بن معروف وهارون بن سعيد , كلاهما عن ابن وهب به وقال ابن جرير : حدثني العباس بن أبي طالب , حدثنا معلى بن أسد , حدثنا سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد الخدري , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه عز وجل قال: " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر " لم يخرجوه. وقال مسلم أيضاً في صحيحه : حدثنا ابن أبي عمر وغيره, حدثنا سفيان , حدثنا مطرف بن طريف وعبد الملك بن سعيد , سمعا الشعبي يخبر عن المغيرة بن شعبة قال: " سمعته على المنبر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل: ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة, فيقال له: ادخل الجنة, فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول: رضيت رب, فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله, ومثله فقال في الخامسة, رضيت رضيت ربي, فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله, ولك ما اشتهت ولذت عينك, فيقول: رضيت رب, قال: رب فأعلاهم منزلة ؟ قال: أولئك الذين أردت, غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها, فلم تر عين, ولم تسمع أذن, ولم يخطر على قلب بشر, قال: ومصداقه من كتاب الله عز وجل "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" " الاية, ورواه الترمذي عن ابن أبي عمر وقال: حسن صحيح. قال: ورواه بعضهم عن الشعبي عن المغيرة ولم يرفعه, والمرفوع أصح.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر بن منير المدائني , حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد , حدثنا زياد بن خيثمة عن محمد بن جحادة عن عامر بن عبد الواحد قال, بلغني أن الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة, ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه, فتقول: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب, فيقول: من أنت ؟ فتقول: أنا من المزيد, فيمكث معها سبعين سنة, ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه, فتقول له: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب, فيقول: من أنت ؟ فتقول: أنا التي قال الله "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين".
وقال ابن لهيعة : حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال: تدخل عليهم الملائكة في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات, معهم التحف من الله من جنات عدن ما ليس في جناتهم, وذلك قوله تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" ويخبرون أن الله عنهم راض. وروى ابن جرير : حدثنا سهل بن موسى الرازي , حدثنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن أبي اليمان الهوزني أو غيره, قال: الجنة مائة درجة, أولها درجة فضة, وأرضها فضة, ومساكنها فضة, وآنيتها فضة, وترابها المسك, والثانية ذهب, وأرضها ذهب, ومساكنها ذهب, وآنيتها ذهب, وترابها المسك, والثالثة لؤلؤ, وأرضها لؤلؤ, ومساكنها اللؤلؤ, وآنيتها اللؤلؤ, وترابها المسك, وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر, ثم تلا هذه الاية "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم" الاية.
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم , حدثنا معتمر بن سليمان عن الحكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال "يؤتى بحسنات العبد وسيئاته ينقص بعضها من بعض, فإن بقيت حسنة واحدة وسع الله له في الجنة " , قال: فدخلت على بزداد فحدث بمثل هذا الحديث, قال: فقلت فأين ذهبت الحسنة ؟ قال "أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم" الاية, قلت: قوله تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" قال: العبد يعمل سراً أسره إلى لله لم يعلم به الناس, فأسر الله له يوم القيامة قرة أعين.
17- "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" النكرة في سياق النفي تفيد العموم: أي لا تعلم نفس من النفوس أي نفس كانت ما أخفاه لله سبحانه لأولئك الذين تقدم ذكرهم مما تقر به أعينهم، قرأ الجمهور "قرة" بالإفراد. وقرأ ابن مسعود وأبو هريرة وأبو الدرداء من قرات بالجمع، وقرأ حمزة "ما أخفي" بسكون الياء على أنه فعل مضارع مسند إلى الله سبحانه، وقرأ الباقون بفتحها فعلاً ماضياً مبنياً للمفعول. وقرأ ابن مسعود ما نخفي بالنون مضمومة، وقرأ الأعمش يخفي بالتحتية مضمومة. قال الزجاج في معنى قراءة حمزة: أي منه ما أخفى الله لهم، وهي قراءة محمد بن كعب، و ما في موضع نصب. ثم بين سبحانه أن ذلك بسبب أعمالهم الصالحة فقال: "جزاء بما كانوا يعملون" أي لأجل الجزاء بما كانوا يعملونه في الدنيا أو جوزوا جزاءً بذلك.
17- "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم"، قرأ حمزة ويعقوب: أخفي لهم ساكنة الياء، أي: أنا أخفي لهم، ومن حجته قراءة ابن مسعود تخفي بالنون. وقرأ الآخرون بفتحها. "من قرة أعين"، مما تقر به أعينهم، "جزاءً بما كانوا يعملون".
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا إسحاق بن نصر، أخبرنا أبو أسامة عن الأعمش، أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخراً بله ما اطلعتم عليه"، ثم قرأ: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون".
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هذا مما لا تفسير له. وعن بعضهم قال: أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم.
17ـ " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم " لا ملك مقرب ولا نبي مرسل . " من قرة أعين " مما تقر به عيونهم . " وعنه عليه الصلاة والسلام يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، بله ما أطلعتهم عليه ، اقرؤوا فلا تعلم نفس ما أخفي لهم " . وقرأ حمزة و يعقوب " أخفي لهم " على أنه مضارع أخفيت ، وقروء نخفي وأخفي الفاعل للكل هو الله ، وقرأت " أعين " لاختلاف أنواعها والعلم بمعنى المعرفة و " ما " موصوله أو استفهامية معلق عنها الفعل . " جزاءً بما كانوا يعملون " أي جزوا جزاء أو أخفي للجزاء فإن إخفاءه لعلو شأنه . وقيل هذا القوم أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم .
17. No soul knoweth what is kept hid for them of joy, as a reward for what they used to do.
17 - Now no person knows what delights of the eye are kept hidden (in reserve) for them as a reward for their (good) Deeds.