[لقمان : 21] وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ
21 - (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا) قال تعالى (أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير) أي موجباته لا
يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادلون في توحيد الله جهلاً منهم بعظمة الله: اتبعوا أيها القوم ما أنزل الله على رسوله، وصدقوا به، فإنه يفرق بين المحق منا والمبطل، ويفصل بين الضال والمهتدي، فقالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الأديان، فإنهم كانوا أهل حق، قال الله تعالى ذكره " أو لو كان الشيطان يدعوهم " بتزيينه لهم سوء أعمالهم، واتباعهم إياه على ضلالتهم، وكفرهم بالله وتركهم اتباع ما أنزل الله من كتابه على نبيه " إلى عذاب السعير " يعني: عذاب النار التي تتسعر وتلتهب.
قوله تعالى: "ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض" ذكر نعمه على بني آدم، وأنه سخر لهم ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم وملائكة تحوطهم وتجر إليهم منافعهم. وما في الأرض عام في الجبال والأشجار والثمار وما لا يحصى. "وأسبغ عليكم نعمه" أي أكملها وأتمها. وقرأ ابن عباس ويحيى بن عمارة: وأصبغ بالصاد على بدلها من السين، لأن حروف الاستعلاء تجنذب السين من سفلها إلى علوها فتردها صاداً. والنعم: مع نعمة كسدرة وسدر بفتح الدال وهي قراءة نافع وأبي عمرو وحفص. الباقون: نعمة على الإفراد والإفراد يدل على الكثرة، كقوله تعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" إبراهيم:34 . وهي قراءة ابن عباس من وجوه صحاح. وقيل: إن معناها الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس وقد سأله عن هذه الآية: "الظاهرة الإسلام وما حسن من خلقك، والباطنة ما ستر عليك من سيء عملك ". النحاس: وشرح هذا أن سعيد بن جبير قال في قول الله عز وجل: "يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم" المائدة:6 قال: يدخلكم الجنة. وتمام نعمة الله عز وجل على العبد أن يدخله الجنة، فكذا لما كان الإسلام يؤول أمره إلى الجنة سمي نعمة. وقيل: الظاهرة الصحة وكمال الخلق، والباطنة المعرفة والعقل. وقال المحاسبي: الظاهرة نعم الدنيا، والباطنة نعم العقبى. وقيل: الظاهرة ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال في الناس وتوفيق الطاعات، والباطنة ما يجده المرء في نفسه من العلم بالله وحسن اليقين وما يدفع الله تعالى عن العبد من الآفات. وقد سرد الماوردي في هذا أقوالاً تسعة، كلها ترجع إلى هذا.
قوله تعالى: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم" تقدم معناها في الحج وغيرها. نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أخبرني عن ربك، من أي شئ هو ؟ فجاءت صاعقة فأخذته، قاله مجاهد. وقد مضى هذا الرعد. وقيل إنها نزلت في النضر بن الحارث، كما يقول: إن الملائكة بنات الله، قاله ابن عباس. "يجادل" يخاصم "بغير علم" أي بغير حجة "ولا هدى ولا كتاب منير" أي نير بين، إلا الشيطان فما يلقى إليهم. "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم" الأنعام:121 وإلا تقليد الأسلاف كما في الآية بعد.
" أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير " يتبعونه.
يقول تعالى منبهاً خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والاخرة بأنه سخر لهم ما في السموات من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم, وما يخلق فيها من سحاب وأمطار وثلج وبرد, وجعله إياها لهم سقفاً محفوظاً, وما خلق لهم في الأرض من قرار وأنهار وأشجار وزروع وثمار, وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة من إرسال الرسل وإنزال الكتب وإزاحة الشبه والعلل, ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم, بل منهم من يجادل في الله, أي في توحيده وإرساله الرسل ومجادلته في ذلك بغير علم, ولا مستند من حجة صحيحة, ولا كتاب مأثور صحيح, ولهذا قال تعالى: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" أي مبين مضيء "وإذا قيل لهم" أي لهؤلاء المجادلين في توحيد الله "اتبعوا ما أنزل الله" أي على رسوله من الشرائع المطهرة"قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا" أي لم يكن لهم حجة إلا اتباع الاباء الأقدمين, قال الله تعالى: " أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون " أي فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم أنهم كانوا على ضلالة وأنتم خلف لهم فيما كانوا فيه, ولهذا قال تعالى: " أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ".
21- " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله " أي إذا قيل لهؤلاء المجادلين، والجمع باعتبار معنى من، اتبعوا ما أنزل الله على رسوله من الكتاب تمسكوا بمجرد التقليد البحت، و "قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا" فنعبد ما كانوا يعبدونه من الأصنام، ونمشي في الطريق التي كانوا يمشون بها في دينهم، ثم قال على طريق الاستفهام للاستبعاد والتبكيت " أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير " أي يدعوا آباءهم الذين اقتدوا بهم في دينهم: أي يتبعونهم في الشرك، ولو كان الشيطان يدعوهم فيما هم عليه من الشرك، ويجوز أن يراد أنه يدعو هؤلاء الأتباع إلى عذاب السعير، لأنه زين لهم اتباع آبائهم والتدين بدينهم، ويجوز أن يراد أنه يدعوا جميع التابعين والمتبوعين إلى العذاب، فدعاؤه للمتبوعين بتنزيينه لهم الشرك، ودعاؤه للتابعين بتزيينه لهم دين آبائهم، وجواب لو محذوف: أي يدعوهم فيتبعونهم، ومحل الجملة النصب على الحال. وما أقبح التقليد، وأكثر ضرره على صاحبه، وأوخم عاقبته، وأشأم عائدته على من وقع فيه. فإن الداعي له إلى ما أنزل الله على رسوله كمن يريد أن يذود الفراش عن لهب النار لئلا تحترق، فتأبى ذلك وتتهافت في نار الحريق وعذاب السعير.
21- "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا"، قال الله عز وجل: " أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير "، وجواب لو محذوف، ومجازه: يدعوهم فيتبعونه، يعني: يتبعون الشيطان وإن كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير.
21 -" وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا " وهو منع صريح من التقليد في الأصول . " أو لو كان الشيطان يدعوهم " يحتمل أن يكون الضمير " لهم " ولآبائهم . " إلى عذاب السعير " إلى ما يؤول إليه من التقليد أو الإشراك وجواب محذوف مثل لاتبعوه ، والاستفهام للإنكار والتعجب .
21. And if it be said unto them: Follow that which Allah hath revealed, they say: Nay, but we follow that wherein we found our fathers. What! Even though the devil were inviting them unto the doom of flame?
21 - When they are told to follow the (Revelation) that God has sent down, they say: nay, we shall follow the ways that we found our fathers (following). What even if it is Satan beckoning them to the Penalty of the (Blazing) Fire?