[الروم : 59] كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
59 - (كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون) التوحيد كما طبع على قلوب هؤلاء
يقول تعالى ذكره: كذلك يختم الله على قلوب الذين لا يعلمون حقيقة ما تأتيهم به يا محمد من عند الله من هذه العبر والعظات، والآيات البينات، فلا يفقهون عن الله حجة، ولا يفهمون عنه ما يتلو عليهم من آي كتابه، فهم لذلك في طغيانهم يترددون.
"كذلك" أي كما طبع الله على قلوبهم حتى لا يفهموا الآيات عن الله فكذلك "يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون" أدلة التوحيد .
يقول تعالى: "ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل" أي قد بينا لهم الحق, ووضحناه لهم, وضربنا لهم فيه الأمثال ليستبينوا الحق ويتبعوه "ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون" أي لورأوا أي آية كانت, سواء كانت باقتراحهم أو غيره, لايؤمنون بها ويعتقدون أنها سحر وباطل, كما قالوا في انشقاق القمر ونحوه, كما قال تعالى: "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم" ولهذا قال ههنا "كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون * فاصبر إن وعد الله حق" أي اصبر على مخالفتهم وعنادهم, فإن الله تعالى منجز لك ما وعدك من نصره إياك عليهم وجعله العاقبة لك ولمن اتبعك في الدنيا والاخرة "ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" أي بل اثبت على ما بعثك الله به, فإنه الحق الذي لا مرية فيه, ولا تعدل عنه وليس فيما سواه هدى يتبع, بل الحق كله منحصر فيه. قال سعيد عن قتادة : نادى رجل من الخوارج علياً رضي الله عنه وهو في صلاة الغداة, فقال: "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" فأنصت له علي حتى فهم ما قال, فأجابه وهو في الصلاة " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وقد رواه ابن جرير من وجه آخر فقال, حدثنا وكيع : حدثنا يحيى بن آدم عن شريك عن عثمان ابن أبي زرعة عن علي بن ربيعة قال: نادى رجل من الخوارج علياً رضي الله عنه وهو في صلاة الفجر, فقال "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة "فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون".
(طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا علي بن الجعد , أخبرنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي يحيى قال: صلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاة الفجر, فناداه رجل من الخوارج "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ".
(ما روي في فضل هذه السورة الشريفة واستحباب قراءتها في الفجر)
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عبد الملك بن عمير , سمعت شبيب أبا روح يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, صلى بهم الصبح فقرأ فيها الروم فأوهم, فقال "إنه يلبس علينا القرآن, فإن أقواماً منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء, فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء" وهذا إسناد حسن, ومتن حسن, وفيه سر عجيب, ونبأ غريب, وهو أنه صلى الله عليه وسلم تأثر بنقصان وضوء من ائتم به, فدل ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام. آخر تفسير سورة الروم. و لله الحمد والمنة.
59- "كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون" أي مثل ذلك الطبع يطبع الله على قلوب الفاقدين للعلم النافع الذي يهتدون به إلى الحق وينجون به من الباطل.
59- "كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون" توحيد الله.
59 -" كذلك " مثل ذلك الطبع . " يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون " لا يبطلون العلم ويصرون على خرافات اعتقدوها فإن الجهل المركب يمنع إدراك الحق ويوجب تكذيب المحق .
59. Thus doth Allah seal the hearts of those who know not.
59 - Thus does God seal up the hearts of those Who understand not.