[الروم : 23] وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
23 - (ومن آياته منامكم بالليل والنهار) بإرادته راحة لكم (وابتغاؤكم) بالنهار (من فضله) أي تصرفكم في طلب المعيشة بإرادته (إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) سماع تدبر واعتبار
يقول تعالى ذكره: ومن حججه عليكم أيها القوم تقديره الساعات والأوقات، ومخالفته بين الليل والنهار، فجعل الليل لكم سكناً تسكنون فيه، وتنامون فيه، وجعل النهار مضيئاً لتصرفكم في معايشكم والتماسكم فيه من رزق ربكم " إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " يقول تعالى ذكره: إن في فعل الله ذلك كذلك، لعبراً وذكرى وأدلة على أن فاعل ذلك لا يعجزه شيء أراده لقوم يسمعون مواعظ الله، فيتعظون بها، ويعتبرون فيفهمون حجج الله عليهم.
قوله تعالى " ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " .
يقول تعالى: "ومن آياته" الدالة على قدرته العظيمة "خلق السموات والأرض" أي خلق السموات في ارتفاعها واتساعها, وسقوف أجرامها, وزهارة كواكبها ونجومها الثوابت والسيارات, والأرض في انخفاضها وكثافتها, وما فيها من جبال وأودية وبحار, وقفار وحيوان وأشجار. وقوله تعالى: "واختلاف ألسنتكم" يعني اللغات, فهؤلاء بلغة العرب, وهؤلاء تتر لهم لغة أخرى, وهؤلاء كرج, وهؤلاء روم, وهؤلاء فرنج وهؤلاء بربر, وهؤلاء تكرور, وهؤلاء حبشة, وهؤلاء هنود, وهؤلاء عجم, وهؤلاء صقالبة, وهؤلاء خزر, وهؤلاء أرمن, وهؤلاء أكراد, إلى غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى من اختلاف لغات بني آدم واختلاف ألوانهم وهي حلاهم, فجميع أهل الأرض بل أهل الدنيا منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة كل له عينان وحاجبان وأنف وجبين وفم وخدان, وليس يشبه واحد منهم الاخر, بل لا بد أن يفارقه بشيء من السمت أو الهيئة أو الكلام ظاهراً كان أو خفياً يظهر عند التأمل, كل وجه منهم أسلوب بذاته وهيئته لا تشبه أخرى, ولو توافق جماعة في صفة من جمال أو قبح لا بد من فارق بين كل واحد منهم وبين الاخر " إن في ذلك لآيات للعالمين * ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله " أي ومن الايات ما جعل الله من صفة النوم في الليل والنهار, فيه تحصل الراحة وسكون الحركة وذهاب الكلال والتعب. وجعل لكم الانتشار والسعي في الأسباب والأسفار في النهار وهذا ضد النوم " إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " أي يعون.
قال الطبراني : حدثنا حجاج بن عمران السدوسي , حدثنا عمرو بن الحصين العقيلي , حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة , حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان , سمعت عبد الملك بن مروان يحدث عن أبيه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: " أصابني أرق من الليل, فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :قل اللهم غارت النجوم, وهدأت العيون, وأنت حي قيوم يا حي يا قيوم, أنم عيني وأهدىء ليلي فقلتها, فذهب عني " .
23- "ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله" قيل في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار. وقيل المعنى صحيح من دون تقديم وتأخير: أي ومن آياته العظيمة أنكم تنامون بالليل وتنامون بالنهار في بعض الأحوال للاستراحة كوقت القيلولة وابتغاؤكم من فضله فيهما، فإن كل واحد منهما يقع فيه ذلك، وإن كان ابتغاء الفضل في النهار أكثر. والأول هو المناسب لسائر الآيات الواردة في هذا المعنى، والآخر هو الناسب للنظم القرآني ها هنا. ووجه ذكر النوم والابتغاء ها هنا وجعلهما من جملة الأدلة على البعث أن النوم شبيه بالموت، والتصرف في الحاجات والسعي في المكاسب شبيه يالحياة بعد الموت "إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" أي يسمعون الآيات والمواعظ سماع متفكر متدبر فيستدلون بذلك على البعث .
23- "ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله"، أي: منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، أي: تصرفكم في طلب المعيشة، "إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون"، سماع تدبر واعتبار.
23 -" ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله " منامكم في الزمانين لاستراحة القوى النفسانية وتقوي القوى الطبيعية وطلب معاشكم فيهما ، أو منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار فلق وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين إشعاراً بأن كلاً من الزمانين ,إن اختص بأحدهما فهو صالح للآخر عند الحاجة ، ويؤيده سائر الآيات الواردة فيه . " إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " سماع تفهم واستبصار فإن الحكمة فيه ظاهرة .
23. And of His signs is your slumber by night and by day, and your seeking of His bounty. Lo! herein indeed are portents for folk who heed.
23 - And among His Signs is the sleep that ye take by night and by day, and the quest that ye (make for livelihood) out of His Bounty: verily in that are signs for those who hearken.