[الروم : 17] فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ
17 - (فسبحان الله) أي سبحوا الله بمعنى صلوا (حين تمسون) تدخلون في المساء وفيه صلاتان المغرب والعشاء (وحين تصبحون) تدخلون الظهيرة في الصباح وفيه صلاة الصبح
يقول تعالى ذكره: فسبحوا الله أيها الناس: أي صلوا له حين تمسون، وذلك صلاة المغرب، وحين تصبحون، وذلك صلاة الصبح.
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى: "فسبحان الله" الآية. فيه ثلاثة أقوال: الأول: أنه خطاب للمؤمنين بالأمر بالعباد والحض على الصلاة في هذه الأوقات. قال ابن عباس: الصلوات الخمس في القرآن، قيل له: أين ؟ فقال: الله تعالى: "فسبحان الله حين تمسون" صلاة المغرب والعشاء وحين تصبحون صلاة الفجر وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر، وقاله الضحاك وسعيد بن جبير، وعن ابن عباس وقتادة: أن الآية تنبيه على أربع صلوات: المغرب والصبح والعصر والظهر، قالوا: العشاء الآخرة هي في آية أخرى في "وزلفا من الليل" هود: 114 وفي ذكر أوقات العورة. وقال النحاس: أهل التفسير على أن هذه الآية "فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون" في الصلوات وسمعت علي بن سليمان يقول: حقيقته عندي: فسبحوا في الصلوات. لأن التسبيح يكون في الصلاة، وهو القول الثاني. والقول الثالث: فسبحوا الله حين تمسون وحين تصبحون، ذكره الماوردي. وذكر القول الأول، ولفظه فيه فصلوا لله حين تمسون وحين تصبحون. وفي تسمية الصلاة بالتسبيح وجهان: أحدهما: لما تضمنها من ذكر التسبيح في الركوع والسجود. الثاني: مأخوذ من السبحة والسبحة الصلاة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تكون لهم سبحة يوم القيامة" أي صلاة.
هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة, وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه عند المساء, وهو إقبال الليل بظلامه, وعند الصباح وهو إسفار النهار عن ضيائه. ثم اعترض بحمده مناسبة للتسبيح وهو التحميد, فقال تعالى: "وله الحمد في السموات والأرض" أي هو المحمود على ما خلق في السموات والأرض, ثم قال تعالى: "وعشياً وحين تظهرون" فالعشاء هو شدة الظلام, والإظهار قوة الضياء, فسبحان خالق هذا وهذا, فالق الإصباح, وجاعل الليل سكناً, كما قال تعالى: "والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها" وقال تعالى: "والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى" وقال تعالى: " والضحى * والليل إذا سجى " والايات في هذا كثيرة.
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون, وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون" وقال الطبراني : حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي , حدثنا عبد الله بن صالح , حدثني الليث بن سعيد بن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه , عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ومن قال حين يصبح سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون, وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون, الاية بكمالها أدرك ما فاته في يومه, ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته" إسناد جيد ورواه أبو داود في سننه..
وقوله تعالى: "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي" هو ما نحن فيه من قدرته على خلق الأشياء المتقابلة, وهذه الايات المتتابعة الكريمة كلها من هذا النمط, فإنه يذكر فيها خلقه الأشياء وأضدادها, ليدل خلقه على كمال قدرته, فمن ذلك إخراج النبات من الحب والحب من النبات, والبيض من الدجاج والدجاج من البيض, والإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان, والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن وقوله تعالى: "ويحيي الأرض بعد موتها" كقوله تعالى: " وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون * وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون " وقال تعالى: " وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج * ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور " وقال تعالى: " وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون " ولهذا قال ههنا "وكذلك تخرجون".
فقال: 17- "فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون" والفاء لترتيب ما بعدها على ما فبلها أي فإذا علمتم ذلك فسبحوا الله: أي نزهوهعما يليق به في وقت الصباح والمساء وفي العشي وفي وقت الظهيرة. وقيل المراد بالتسبيح هنا الصلوات الخمس، فقوله حين تمسون صلاة المغرب والعشاء، وقوله وحين تصبحون صلاة الفج، وقوله وعشياً صلاة العصر، وقوله حين تظهرون صلاة الظهر، كذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وغيرهما. قال الواحدي: قال المفسرون: إن معنى فسبحان الله فصوا لله. قال النحاس: أهل التفسير على أن هذه الآية في الصلوات قال: وسمعت محمد بن زيد يقول: حقيقته عندي فسبحوا لله في الصلوات، لأن التسبيح يكون في الصلاة،
قوله تعالى: 17- "فسبحان الله"، أي: سبحوا الله، ومعناه: صلوا لله، "حين تمسون"، أي: تدخلون في المساء، وهو صلاة المغرب والعشاء، "وحين تصبحون"، أي: تدخلون في الصباح، وهو صلاة الصبح.
17 -" فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون " . إخبار في معنى الأمر بتنزيه الله تعالى والثناء عليه في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته وتتجدد فيها نعمته ، أو دلالة على أن ما يحدث فيها من الشواهد الناطقة بتنزيه واستحقاقه الحمد ممن له تمييز من أهل السموات والأرض ، وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح لأن آثار القدرة والعظمة فيهما أظهر .
17. So glory be to Allah when ye enter the night and when ye enter the morning
17 - So (give) glory to God, when ye reach eventide and when ye rise in the morning;