[آل عمران : 16] الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
(الذين) نعت أو بدل من الذين قبله (يقولون) يا (ربنا إننا آمنا) صدقنا بك وبرسولك (فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار)
قال أبو جعفر: ومعنى ذلك : قل هل أنبئكم في ير من ذلكم للذين اتقوا ، [الذين] يقولون : "ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار".
وقد يحتمل "الذين يقولون"، وجهين من الإعراب : الخفض على الرد على "الذين" الأولى ، والرفع على الابتداء ، إذ كان في مبتدأ آية أخرى غير التي فيها "الذين" الأولى ، فيكون رفعها نظير قول الله عز وجل : "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم" [التوبة: 111] ، ثم قال في مبتدأ الآيلة التي بعدها: "التائبون العابدون" [التوبة : 112]. ولو كان جاء ذلك مخفوضاً كان جائزاً.
ومعنى قوله: "الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا": الذين يقولون: إننا صدقنا بك وبنبيك وما جاء به من عندك ، "فاغفر لنا ذنوبنا"، يقول : فاستر علينا ذنوبنا، بعفوك عنها، وتركك عقوبتنا عليها ، "وقنا عذاب النار"، ادفع عنا عذابك إيانا بالنار أن تعذبنا بها. وإنما معنى ذلك: لا تعذبنا يا ربنا بالنار.
وإنما خصوا المسألة بأن يقيهم عذاب النار، لأن من زحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة من عذاب الله وحسن مآبه.
وأصل قوله: "قنا" من قول القائل: وقى الله فلاناً كذا ، يراد: دفع عنه، فهو يقيه. فإذا سأل بذلك سائل قال: قني كذا.
" الذين " بدل من قوله " للذين اتقوا " وإن شئت كان رفعا أي هم الذين ، أو نصبا على المدح . " ربنا " أي يا ربنا . " إننا آمنا " أي صدقنا . " فاغفر لنا ذنوبنا " دعاء بالمغفرة . " وقنا عذاب النار " تقدم في البقرة .
يصف تبارك وتعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل, فقال تعالى: "الذين يقولون ربنا إننا آمنا" أي بك وبكتابك وبرسولك, "فاغفر لنا ذنوبنا" أي بإيماننا بك وبما شرعته لنا, فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك ورحمتك, "وقنا عذاب النار" ثم قال تعالى: "الصابرين" أي في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات, "والصادقين" فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة, "والقانتين" والقنوت الطاعة والخضوع "والمنفقين" أي من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات, وصلة الأرحام والقرابات, وسد الخلات, ومواساة ذوي الحاجات "والمستغفرين بالأسحار" دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار, وقد قيل: إن يعقوب عليه السلام, لما قال لبنيه "سوف أستغفر لكم ربي" إنه أخرهم إلى وقت السحر وثبت في الصحيحين وغيرهما من المساند والسنن من غير وجه عن جماعة من الصحابة, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال "ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير, فيقول: هل من سائل فأعطيه ؟ هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟" الحديث, وقد أفرد الحافظ أبو الحسن الدارقطني في ذلك جزءاً على حدة, فرواه من طرق متعددة, وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها, قالت: "من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله وأوسطه وآخره, فانتهى وتره إلى السحر", وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل, ثم يقول: يا نافع, هل جاء السحر ؟ فإذا قال: نعم, أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح, رواه ابن أبي حاتم , وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع , حدثنا أبي عن حريث بن أبي مطر , عن إبراهيم بن حاطب , عن أبيه, قال: سمعت رجلاً في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: يا رب, أمرتني فأطعتك, وهذا السحر فاغفر لي, فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه. وروى ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة.
قوله 16- "الذين يقولون" بدل من قوله "للذين اتقوا" أو خبر مبتدأ محذوف: أي هم الذين، أو منصوب على المدح، والصابرين وما بعده نعت للموصول على تقدير كونه بدلاً، أو منصوباً على المدح وعلى تقدير كونه خبراً يكون الصابرين وما بعده منصوبة على المدح وقد تقدم تفسير الصبر والصدق والقنوت.
16-قوله تعالى:" والله بصير بالعباد * الذين يقولون " إن شئت جعلت محل الذين خفضاً رداً على قوله "للذين اتقوا" وإن شئت جعلته رفعاً على الابتداء ، ويحتمل ان يكون نصباً تقديره أعني الذي يقولون "ربنا إننا آمنا" صدقنا" فاغفر لنا ذنوبنا " استرها علينا وتجاوز عنا" وقنا عذاب النار ".
16 " الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار " صفة للمتقين، أو للعباد، أو مدح منصوب أو مرفوع. وفي ترتيب السؤال على مجرد الإيمان دليل على أنه كاف في إستحقاق المغفرة أو الإستعداد لها.
16. Those who say: Our Lord! Lo! we believe. So forgive us our sins and guard us from the punishment of Fire;
16 - (namely), those who say: our lode we have indeed believed: forgive us, then, our sins, and save us from the agony of the fire;