[آل عمران : 158] وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ
(ولئن) لام قسم (مُتم) بالوجهين (أو قتلتم) في الجهاد وغيره (لإلى الله) لا إلى غيره (تحشرون) في الآخرة فيجازيكم
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : ولئن متم أو قتلتم ، أيها المؤمنون ، فإن إلى الله مرجعكم ومحشركم ، فيجازيكم بأعمالكم ، فآثروا ما يقربكم من الله ويوجب لكم رضاه ويقربكم من الجنة، من الجهاد في سبيل الله والعمل بطاعته ، على الركون إلى الدنيا وما تجمعون فيها من حطامها الذي هو غير باق لكم ، بل هو زائل عنكم ، وعلى ترك طاعة الله والجهاد، فإن ذلك يبعدكم عن ربكم ، ويوجب لكم سخطه ، ويقربكم من النار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاق:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: "ولئن متم أو قتلتم"، أي ذلك كان ، "لإلى الله تحشرون"، أي : إن إلى الله المرجع ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها، وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه ، آثر عندكم منها.
وأدخلت اللام في قوله : "لإلى الله تحشرون"، لدخولها في قوله : "ولئن". ولو كانت اللام مؤخرة إلى قوله : "تحشرون"، لأحدثت النون الثقيلة فيه ، كما تقول في الكلام : لئن أحسنت إلي لأحسنن إليك بنون مثقلة. فكان كذلك قوله : ولئن متم أو قتلتم لتحشرن إلى الله ، ولكن لما حيل بين اللام وبين تحشرون بالصفة ، أدخلت في الصفة ، وسلمت تحشرون ، فلم تدخلها النون الثقيلة ، كما تقول في الكلام : لئن أحسنت إلي لإليك أحسن ، بغير نون مثقلة.
قوله تعالى : " ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون "
قوله تعالى : " لإلى الله تحشرون " وعظ ، وعظهم الله بهذا القول ، أي لا تفتروا من القتال ومما أمركم به ، بل فروا من عقابه وأليم عذابه ، فإن مردكم إليه لا يملك لكم أحد ضراً ولا نفعاً غيره ، والله سبحانه وتعالى وأعلم .
ينهى تعالى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفار في اعتقادهم الفاسد, الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار والحروب, لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم, فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم" أي عن إخوانهم "إذا ضربوا في الأرض" أي سافروا للتجارة ونحوها "أو كانوا غزى" أي كانوا في الغزو "لو كانوا عندنا" أي في البلد "ما ماتوا وما قتلوا" أي ما ماتوا في السفر, وما قتلوا في الغزو وقوله تعالى: "ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم" أي خلق هذا الاعتقاد في نفوسهم ليزدادوا حسرة على موتهم وقتلهم, ثم قال تعالى رداً عليهم "والله يحيي ويميت" أي بيده الخلق وإليه يرجع الأمر, ولا يحيا أحد ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقدره, ولا يزاد في عمر أحد ولا ينقص منه شيء إلا بقضائه وقدره "والله بما تعملون بصير" أي علمه وبصره نافذ في جميع خلقه, لا يخفى عليه من أمورهم شيء, وقوله تعالى: "ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون" تضمن هذا أن القتل في سبيل الله والموت أيضاً, وسيلة إلى نيل رحمة الله وعفوه ورضوانه, وذلك خير من البقاء في الدنيا جمع حطامها الفاني, ثم أخبر تعالى بأن كل من مات أو قتل فمصيره ومرجعه إلى الله عز وجل, فيجزيه بعمله إن خيراً فخير, وإن شراً فشر, فقال تعالى: "ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون".
قوله 158- "ولئن متم أو قتلتم" على أي وجه حسب تعلق الإرادة الإلهية "لإلى الله تحشرون" هو جواب القسم المدلول عليه باللام الموطئة ساد مسد جواب الشرط كما تقدم في الجملة الأولى: أي إلى الرب الواسع المغفرة تحشرون لا إلى غيره كما يفيده تقديم الظرف على الفعل مع ما في تخصيص اسم الله سبحانه بالذكر من الدلالة على كما اللطف والقهر.
158-"ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون" ، في العاقبة.
158" ولئن متم أو قتلتم " أي على أي وجه اتفق هلاككم، "لإلى الله تحشرون" لإلى معبودكم الذي توجهتم إليه. وبذلتم مهجكم لوجهه لا إلى غيره لا محالة تحشرون، فيوفي جزاءكم ويعظم ثوابكم. وقرأ نافع وحمزة والكسائي "متم" بالكسر.
158. What though ye be slain or die, when unto Allah ye are gathered?
158 - And if ye die, or are slain, lo it is unto God that ye are brought together.