[آل عمران : 147] وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
(وما كان قولهم) عند قتل نبيهم مع ثباتهم وصبرهم (إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا) تجاوزنا الحد (في أمرنا) إيذاناً بأن ما أصابهم لسوء فعلهم وهضماً لأنفسهم (وثبت أقدامنا) بالقوة على الجهاد (وانصرنا على القوم الكافرين)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله : "وما كان قولهم"، وما كان قول الربيين- والهاء والميم من ذكر أسماء الربيين ، "إلا أن قالوا"، يعني : ما كان لهم قول سوى هذا القول ، إذ قتل نبيهم ، وقوله: "ربنا اغفر لنا ذنوبنا"، يقول : لم يعتصموا، إذ قتل نبيهم ، إلا بالصبر على ما أصابهم ، ومجاهدة عدوهم ، وبمسألة ربهم المغفرة والنصر على عدوهم. ومعنى الكلام : وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا.
وأما الإسراف، فإنه الإفراط في الشيء : يقال منه : أسرف فلان في هذا الأمر، إذا تجاوز مقداره فأفرط.
ومعناه ههنا: اغفر لنا ذنوبنا: الصغار منها، وما أسرفنا فيه منها فتخطينا إلى العظام. وكان معنى الكلام: اغفر لنا ذنوبنا، الصغائر منها والكبائر، كما:
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس في قول الله: "وإسرافنا في أمرنا"، قال: خطايانا.
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "وإسرافنا في أمرنا"، خطايانا وظلمنا أنفسنا.
حدثت عن الحسين قال ، سمعت أبا معاذ قال ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك في قوله: "وإسرافنا في أمرنا"، يعني الخطايا الكبار.
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان ، عن الضحاك بن مزاحم قال: الكبائر.
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس : "وإسرافنا في أمرنا"، قال : خطايانا.
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "وإسرافنا في أمرنا"، يقول : خطايانا.
وأما قوله: "وثبت أقدامنا"، فإنه يقول: أجعلنا ممن يثبت لحرب عدوك وقتالهم ، ولا تجعلنا ممن ينهزم فيفر منهم ولا يثبت قدمه في مكان واحد لحربهم ، "وانصرنا على القوم الكافرين"، يقول: وانصرنا على الذين جحدوا وحدانيتك ونبوة نبيك.
قال أبو جعفر: وإنما هذا تأنيب من الله عز وجل عباده الذين فروا عن العدو يوم أحد وتركوا قتالهم ، وتأديب لهم. يقول الله عز وجل : هلا فعلتم إذ قيل لكم: قتل نبيكم- كما فعل هؤلاء الربيون الذين كانوا من أتباع الأنبياء إذ قتلت أنبياؤهم ، فصبرتم لعدوكم صبرهم، ولم تضعفوا وتستكينوا لعدوكم فتحاولوا الارتداد على أعقابكم، كما لم يضعف هؤلاء الربيون ولم يستكينوا لعدوهم، وسألتم ربكم النصر والظفر كما سألوا، فينصركم الله عليهم كما نصروا، فإن الله يحب من صبر لأمره وعلى جهاد عدوه، فيعطيه النصر والظفر على عدوه؟ كما:
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق: "وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"، أي: فقولوا كما قالوا، واعلموا أنما ذلك بذنوب منكم ، واستغفروا كما استغفروا ، وامضوا على دينكم كما مضوا على دينهم ، ولا ترتدوا على أعقابكم راجعين، واسألوه كما سألوه أن يثبت أقدامكم، واستنصروه كما استنصروه على القوم الكافرين. فكل هذا من قولهم قد كان وقد قتل نبيهم ، فلم يفعلوا كما فعلتم.
قال أبو جعفر: والقراءة التي هي القراءة في قوله: "وما كان قولهم" النصب ، لإجماع قرأة الأمصار على ذلك نقلاً مستفيضاً وراثة عن الحجة . وإنما اختير النصب في القول، لأن أن لا تكون إلا معرفة، فكانت أولى بأن تكون هي الاسم ، دون الأسماء التي قد تكون معرفة أحياناً ونكرة أحياناً، ولذلك اختير النصب في كل اسم ولي كان، إذا كان بعده أن الخفيفة : كقوله : "فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه" [العنكبوت: 24]، وقوله : "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا" [الأنعام: 23]. فأما إذا كان الذي يلي كان، اسماً معرفة، والذي بعده مثله ، فسواء الرفع والنصب في الذي ولي كان. فإن جعلت الذي ولي كان هو الاسم ، رفعته ونصبت الذي بعده. وإن جعلت الذي ولي كان هو الخبر، نصبته ورفعت الذي بعده ، وذلك كقوله جل ثناؤه: "ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى" [الروم: 10]. إن جعلت العاقبة الاسم رفعتها، وجعلت السوأى هي الخبر منصوبةً. وإن جعلت العاقبة الخبر، نصبت فقلت: "ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى" [الروم: 10]، وجعلت السوأى هي الاسم ، فكانت مرفوعة، وكما قال الشاعر:
لقد علم الأقوام ما كان داءها بثهلان إلا الخزي ممن يقودها
وروي أيضاً: ما كان داؤها بثهلان إلا الخزي، نصباً ورفعاً على ما قد بينت. ولو فعل مثل ذلك مع أن كان جائزاً، غير أن أفصح الكلام ما وصفت عند العرب.
قوله تعالى : " وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين "
وقرأ بعضهم ( وما كان قولهم ) بالرفع ، جعل اسماً لكان ، فيكون معناه ، وما كان قولهم إلا قولهم : " ربنا اغفر لنا ذنوبنا " ومن قرأ بالنصب جعل القول خبر كان واسمها " إلا أن قالوا " ، " ربنا اغفر لنا ذنوبنا " يعني الصغائر " وإسرافنا " يعني الكبائر ، والإسراف : الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد ، وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء : اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني " ، وذكر الحديث ، فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه ، ولا يقول أختاره كذا ، فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون .
لما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد وقتل من قتل منهم, نادى الشيطان: ألا إن محمداً قد قتل, ورجع ابن قميئة إلى المشركين, فقال لهم: قتلت محمداً, وإنما كان قد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشجه في رأسه, فوقع ذلك في قلوب كثير من الناس واعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل, وجوزوا عليه ذلك, كما قد قص الله عن كثير من الأنبياء عليهم السلام, فحصل ضعف ووهن وتأخر عن القتال, ففي ذلك أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" أي له أسوة بهم في الرسالة وفي جواز القتل عليه, قال ابن أبي نجيح عن أبيه : أن رجلاً من المهاجرين مر على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال له: يا فلان أشعرت أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قتل, فقال الأنصاري: إن كان محمد قد قتل فقد بلغ, فقاتلوا عن دينكم, فنزل "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة. ثم قال تعالى منكراً على من حصل له ضعف "أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" أي رجعتم القهقرى "ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين" أي الذين قاموا بطاعته وقاتلوا عن دينه, واتبعوا رسوله حياً وميتاً. وكذلك ثبت في الصحاح والمساند والسنن وغيرها من كتب الإسلام من طرق متعددة تفيد القطع, وقد ذكرت ذلك في مسندي الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أن الصديق رضي الله عنه, تلا هذه الاية لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير , حدثنا الليث عن عقيل , عن ابن شهاب , أخبرني أبو سلمة أن عائشة رضي الله عنها, أخبرته أن أبا بكر رضي الله عنه, أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد, فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة , فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة, فكشف عن وجهه ثم أكب عليه وقبله وبكى, ثم قال: بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين, أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها, وقال الزهري : حدثني أبو سلمة عن ابن عباس أن أبا بكر خرج و عمر يحدث الناس فقال: اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس إليه وتركوا عمر , فقال أبو بكر : أما بعد من كان يعبد محمداً, فإن محمداً قد مات, ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. قال الله تعالى: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " قال: فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الاية حتى تلاها عليهم أبو بكر , فتلقاها منه الناس كلهم فما سمعها بشر من الناس إلا تلاها, وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي, وحتى هويت إلى الأرض. وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا علي بن عبد العزيز , حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد , حدثنا أسباط بن نصر عن سماك بن حرب , عن عكرمة , عن ابن عباس , أن علياً كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم "أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله, والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت, والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه, فمن أحق به مني ؟ وقوله تعالى: "وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً" أي لا يموت أحد إلا بقدر الله وحتى يستوفي المدة التي ضربها الله له, ولهذا قال "كتاباً مؤجلاً" كقوله "وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب" وكقوله "هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده" وهذه الاية فيها تشجيع للجبناء وترغيب لهم في القتال, فإن الإقدام والإحجام لا ينقص من العمر ولا يزيد فيه, كما قال ابن أبي حاتم : حدثنا العباس بن يزيد العبدي قال: سمعت أبا معاوية عن الأعمش عن حبيب بن صهبان , قال: قال رجل من المسلمين وهو حجر بن عدي : ما يمنعكم أن تعبروا إلى هؤلاء العدو هذه النطفة ـ يعني دجلة ـ "وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً" ثم أقحم فرسه دجلة, فلما أقحم, أقحم الناس, فلما رآهم العدو قالوا: ديوان فهربوا. وقوله " ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها " أي من كان عمله للدنيا فقط نال منها ما قدره الله له, ولم يكن له في الاخرة نصيب, ومن قصد بعمله الدار الاخرة أعطاه الله منها مع ما قسم له في الدنيا, كما قال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب " وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا " ولهذا قال ههنا "وسنجزي الشاكرين" أي سنعطيهم من فضلنا ورحمتنا في الدنيا والاخرة بحسب شكرهم وعملهم, ثم قال تعالى مسلياً للمؤمنين عما كان وقع في نفوسهم يوم أحد " وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير " قيل: معناه كم من نبي قتل وقتل معه ربيون من أصحابه كثير. وهذا القول هو اختيار ابن جرير فإنه قال: وأما الذين قرأوا " قاتل معه ربيون كثير " فإنهم قالوا: إنما عنى بالقتل النبي وبعض من معه من الربيين دون جميعهم, وإنما نفى الوهن والضعف عمن بقي من الربيين ممن لم يقتل, قال: ومن قرأ قاتل فإنه اختار ذلك, لأنه قال: لو قتلوا لم يكن لقول الله "فما وهنوا" وجه معروف لأنه يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا, ثم اختار قراءة من قرأ " قاتل معه ربيون كثير " لأن الله عاتب بهذه الايات والتي قبلها من انهزم يوم أحد وتركوا القتال لما سمعوا الصائح يصيح بأن محمداً قد قتل, فعذلهم الله على فرارهم وتركهم القتال, فقال لهم "أفإن مات أو قتل" أيها المؤمنون ارتددتم عن دينكم و"انقلبتم على أعقابكم" وقيل: وكم من نبي قتل بين يديه من أصحابه ربيون كثير, وكلام ابن إسحاق في السيرة يقتضي قولاً آخر, فإنه قال: وكأين من نبي أصابه القتل ومعه ربيون أي جماعات فما وهنوا بعد نبيهم, وما ضعفوا عن عدوهم, وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن الله وعن دينهم, وذلك الصبر "والله يحب الصابرين" فجعل قوله "معه ربيون كثير" حالاً, وقد نصر هذا القول السهيلي وبالغ فيه, وله اتجاه لقوله "فما وهنوا لما أصابهم" الاية, وكذا حكاه الأموي في مغازيه عن كتاب محمد بن إبراهيم ولم يحك غيره, وقرأ بعضهم "قاتل معه ربيون كثير" قال سفيان الثوري , عن عاصم , عن زر عن ابن مسعود "ربيون كثير" أي ألوف, وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والسدي والربيع وعطاء الخراساني : الربيون الجموع الكثيرة وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن "ربيون كثير" أي علماء كثير, وعنه أيضاً: علماء صبر أبرار وأتقياء. وحكى ابن جرير عن بعض نحاة البصرة أن الربيين هم الذين يعبدون الرب عز وجل, قال: ورد بعضهم عليه فقال: لو كان كذلك لقيل: الربيون بفتح الراء, وقال ابن زيد : الربيون الأتباع والرعية, والربانيون الولاة. "فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا"قال قتادة والربيع بن أنس "وما ضعفوا" بقتل نبيهم "وما استكانوا" يقول: فما ارتدوا عن بصيرتهم ولا عن دينهم أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله, وقال ابن عباس "وما استكانوا" تخشعوا, وقال السدي وابن زيد : وما ذلوا لعدوهم, وقال محمد بن إسحاق والسدي وقتادة : أي ما أصابهم ذلك حين قتل نبيهم "والله يحب الصابرين * وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين" أي لم يكن لهم هجير إلا ذلك "فآتاهم الله ثواب الدنيا" أي النصر والظفر والعاقبة " وحسن ثواب الآخرة " أي جمع لهم ذلك مع هذا "والله يحب المحسنين".
قوله 147- "وما كان قولهم" أي: قول أولئك الذين كانوا مع الأنبياء إلا هذا القول، وقولهم: منصوب على أنه خبر كان. وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية عنهما برفع قولهم. وقوله "إلا أن قالوا" استثناء مفرغ: أي ما كان قولهم عند أن قتل منهم ربانيون أو قتل نبيهم "إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا" قيل: هي الصغائر. وقوله: "وإسرافنا في أمرنا" قيل: هي الكبائر، والظاهر أن الذنوب تعم كل ما يسمى ذنباً من صغيرة أو كبيرة. والإسراف ما فيه مجاوزة للحد، فهو من عطف الخاص على العام، قالوا ذلك مع كونهم ربانيين هضماً لأنفسهم "وثبت أقدامنا" في مواطن القتال.
147-قوله تعالى :"وما كان قولهم"، نصب على خبر كان، الاسم في أن قالوا ، معناه : وما كان قولهم عند قتل نبيهم ، "إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا"أي: الصغائر ،"وإسرافنا في أمرنا" ، أي : الكبائر، "وثبت أقدامنا" ، كي لا تزول ، "وانصرنا على القوم الكافرين" ، يقول فهلا فعلتم وقلتم مثل ذلك بأصحاب محمد.
147" وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين " أي وما كان قولهم مع ثباتهم وقوتهم في الدين وكونهم ربانيين إلا هذا القول، وهو إضافة الذنوب والإسراف إلى أنفسهم هضماً لها وإضافة لما أصابهم إلى سوء أعمالهم والاستغفار عنها، ثم طلب التثبيت في مواطن الحرب والنصر على العدو ليكون عن خضوع وطهارة، فيكون أقرب إلى الإجابة، وإنما جعل قولهم خيراً لأن أن قالوا أعرف لدلالته على جهة النسبة وزمان الحدث.
147. Their cry was only that they said: Our Lord! Forgive us for our sins and wasted efforts, make our foothold sure, and give us victory over the disbelieving folk.
147 - All that they said was: our lord forgive us our sins and anything we may have done that transgressed our duty: establish our feet firmly, and help us against those that resist faith.