[آل عمران : 10] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ
(إن الذين كفروا لن تغني) تدفع (عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله) أي عذابه (شيئا وأولئك هم وَقود النار) بفتح الواو ما توقد به
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله : "إن الذين كفروا"، إن الذين جحدوا الحق الذي قد عرفوه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل ومنافقيهم ومنافقي العرب وكفارهم، الذين في قلوبهم زيغ فهم يتبعون من كتاب الله المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، "لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا"، يعني بذلك أن أموالهم وأولادهم لن تنجيهم من عقوبة الله إن أحلها بهم - عاجلاً في الدنيا على تكذيبهم بالحق بعد تبينهم ، واتباعهم المتشابه طلب اللبس -فتدفعها عنهم ، ولا يغني ذلك عنهم منها شيئاً، وهم في الآخرة ، "وقود النار"، يعنى بذلك : حطبها.
معناه بين ، أي لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا . وقرأ السلمي لن يغني بالياء لتقدم الفعل ودخول الحائل بين الإسم و الفعل . وقرأ الحسن يغني بالياء وسكون الياء الآخرة للتخفيف ، كقول الشاعر :
كفى باليأس من أسماء كافي وليس لسقمها إذ طال شافي
وكان حقه أن يقول كافيا ، فأرسل الياء . و أنشب الفراء في مثله :
كأن أيديهن بالقاع القرق أيدي جوار يتعاطين من ورق
القرق و القرقة لغتان في القاع . ومن في قوله من الله بمعنى عند ، قال أبو عبيدة . أولئك هم وقود النار و الوقود اسم للحطب ، وقد تقدم في البقرة . وقرأ الحسن و مجاهد وطلحة بن مسرف وقود بضم الواو على حذف مضاف تقديره حطب وقود النار . و يجوز في العربية إذا ضم الواو أن تقول أقود مثل أقتت . والوقود بضم الواو المصدر ، وقدت النار تقد إذا اشتعلت . وخرج ابن المبارك من حديث العباس بن عبد المطلب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يظهر هذا الدين حتى يجاوز البحار وحتى تخاض البحار بالخيل في سبيل الله تبارك وتعالى ثم يأتي أقوام يقرؤون القران فإذا قرءوه قالوا من أقرأ منا من أعلم منا ثم التفت إلى أصحابه فقال : هل ترون في أولئكم من خير قالوا لا . قال : أولئك منكم وأولئك من هذه الأمة وأولئك هم وقود النار " .
يخبر تعالى عن الكفار بأنهم وقود النار "يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار" وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله, ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه, كما قال تعالى: " فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون " وقال تعالى: " لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ", وقال ههنا "إن الذين كفروا" أي بآيات الله, وكذبوا رسله, وخالفوا كتابه, ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه "لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً وأولئك هم وقود النار" أي حطبها الذي تسجر به, وتوقد به, كقوله: "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم" الاية. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا ابن أبي مريم , حدثنا ابن لهيعة , أخبرني ابن الهاد عن هند بنت الحارث , عن أم الفضل أم عبد الله بن عباس , قالت: بينما نحن بمكة, قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فنادى "هل بلغت اللهم, هل بلغت" ثلاثاً, فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: نعم, ثم أصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى مواطنه, ولتخوضن البحار بالإسلام, وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرؤونه, ثم يقولون: قد قرأنا وعلمنا, فمن هذا الذي هو خير منا, فهل في أولئك من خير ؟ قالوا: يا رسول الله, فمن أولئك ؟ قال :أولئك منكم, وأولئك هم وقود النار" وكذا رأيته بهذا اللفظ وقد رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن عبد الله بن الهاد , عن هند بنت الحارث امرأة عبد الله بن شداد , عن أم الفضل , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة بمكة, فقال "هل بلغت" يقولها ثلاثاً ، فقام عمر بن الخطاب وكان أواها, فقال : اللهم نعم, وحرصت, وجهدت, ونصحت, فاصبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه, وليخوضن رجال البحار بالإسلام,وليأتين على الناس زمان يقرؤون القرآن, فيقرؤونه ويعلمونه, فيقولون: قد قرأنا وقد علمنا فمن هذا الذي هو خير منا ؟ فما في أولئك من خير ، قالوا: يا رسول الله, فمن أولئك ؟ قال أولئك منكم, وأولئك هم وقود النار" ثم رواه من طريق موسى بن عبيد , عن محمد بن إبراهيم عن بنت الهاد عن العباس بن عبد المطلب بنحوه.
وقوله تعالى: "كدأب آل فرعون" قال الضحاك عن ابن عباس : كصنيع آل فرعون, وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير واحد, ومنهم من يقول: كسنة آل فرعون, وكفعل آل فرعون, وكشبه آل فرعون, والألفاظ متقاربة, والدأب بالتسكين والتحريك كنهر ونهر, هو الصنيع والحال والشأن والأمر والعادة, كما يقال لا يزال هذا دأبي ودأبك, وقال امرؤ القيس :
وقوفاً بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تأسف أسى وتجمل
كدأبك من أم الحويرث قبلها وجارتها أم الرباب بمأسل
والمعنى كعادتك في أم الحويرث حين أهلكت نفسك في حبها وبكيت دارها ورسمها, والمعنى في الاية أن الكافرين لا تغني عنهم الأموال ولا الأولاد, بل يهلكون ويعذبون كما جرى لال فرعون ومن قبلهم من المكذبين للرسل فيما جاؤوا به من آيات الله وحججه, "والله شديد العقاب" أي شديد الأخذ أليم العذاب لا يمتنع منه أحد ولا يفوته شيء, بل هوالفعال لما يريد الذي قد غلب كل شيء وذل له كل شي, لا إله غيره ولا رب سواه.
المراد بالذين كفروا جنس الكفرة- وقيل: وفد نجران، وقيل: قريظة، وقيل: النضير، وقيل: مشركوا العرب. وقرأ السلمي لن يغني بالتحتية، وقرأ الحسن بكون الياء الآخرة تخفيفاً. قوله: 10- "من الله شيئاً" أي: من عذابه شيئاً من الإغناء، وقيل: إن كلمة من بمعنى عند: أي لا تغني عند الله شيئاً قاله أبو عبيد، وقيل: هي بمعنى بدل. والمعنى بدل رحمة الله وهو بعيد. قوله: "وأولئك هم وقود النار" الوقود: اسم للحطب وقد تقدم الكلام عليه في سورة البقرة. أي: هم حطب جهنم الذي تسعر به، وهم مبتدأ، ووقود خبره والجملة خبر أولئك، أو هم ضمير فصل، وعلى التقديرين فالجملة مستأنفة مقررة لقوله: "لن تغني عنهم أموالهم" الآية. وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف "وقود" بضم الواو وهو مصدر، وكذلك الوقود بفتح الواو في قراءة الجمهور يحتمل أن يكون اسماً للحطب كما تقدم فلا يحتاج إلى تقدير، ويحتمل أن يكون مصدراً، لأنه من المصادر التي تأتي على وزن الفعول فتحتاج إلى تقدير: أي: هم أهل وقود النار.
10-قوله تعالى:" إن الذين كفروا لن تغني" لن تنفع ولن تدفع"عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله" قال الكلبي : من عذاب الله وقال أبو عبيدة : من بمعنى عند،أي عند الله " شيئا وأولئك هم وقود النار * كدأب آل فرعون "
10 " إن الذين كفروا " عام في الكفرة. وقيل المراد به وفد نجران، أو اليهود، أو مشركوا العرب. " لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا " أي من رحمته، أو من طاعته على معنى البدلية، أو من عذابه " وأولئك هم وقود النار " حطبها. وقريء بالضم بمعنى أهل وقودها.
10. (On that day) neither the riches not the progeny of those who disbelieve will aught avail them with Allah. They will be fuel for fire.
10 - Those who reject faith, neither their possessions nor their (numerous) progeny will avail them aught against God: they are themselves but fuel for the fire.