[العنكبوت : 54] يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ
54 - (يستعجلونك بالعذاب) في الدنيا (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين)
يقول تعالى ذكره: يستعجلك يا محمد هؤلاء المشركون بمجيء العذاب ونزوله بهم، والنار بهم محيطة لم يبق إلا أن يدخلوها. وقيل: إن ذلك هو البحر.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، قال: سمعت عكرمة يقول في هذه الآية " وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " قال: البحر.
أخبرنا ابن وكيع، قال: ثنا غندر، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة، مثله.
قوله تعالى : " يستعجلونك بالعذاب " أي يستعنجلونك وقد أعد لهم جهنم وأنها ستحيط به م لا محالة ، فما معنى الاستعجال . وقيل : نزلت في عبد الله بن أبي أمية وأصحابه من المشركين حين قالوا : " أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا "[ الإسراء : 92] .
يقول تعالى مخبراً عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم وبأس الله أن يحل عليهم, كما قال تعالى: "وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" وقال ههنا: "ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب" أي لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريباً سريعاً كما استعجلوه, ثم قال: "وليأتينهم بغتة" أي فجأة "وهم لا يشعرون * يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" أي يستعجلون العذاب وهو واقع بهم لا محالة.
قال شعبة عن سماك عن عكرمة : قال في قوله: "وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" قال: البحر وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد , حدثنا أبي عن مجالد عن الشعبي أنه سمع ابن عباس يقول: "وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" وجهنم هو هذا البحر الأخضر تنتثر الكواكب فيه, وتكور فيه الشمس والقمر, ثم يوقد فيكون هو جهنم. وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عاصم , أخبرنا عبد الله بن أمية , حدثني محمد بن حيي , أخبرني صفوان بن يعلى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البحر هو جهنم قالوا ليعلى, فقال: ألا ترون أن الله تعالى يقول: "ناراً أحاط بهم سرادقها" قال: لا والذي نفس يعلى بيده, لا أدخلها أبداً حتى أعرض على الله ولا يصيبني منها قطرة حتى أعرض على الله تعالى " , هذا تفسير غريب, وحديث غريب جداً, والله أعلم.
ثم قال عز وجل: "يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم" كقوله تعالى: "لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش" وقال تعالى: "لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل" وقال تعالى: "لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم" الاية, فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم, وهذا أبلغ في العذاب الحسي. وقوله تعالى: "ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون" تهديد وتقريع وتوبيخ, وهذا عذاب معنوي على النفوس, كقوله تعالى: "يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر" وقال تعالى: "يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون".
ثم ذكر سبحانه أن موعد عذابهم النار فقال: 54- "يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" أي يطلبون منك تعجيل عذابهم والحال أن مكان العذاب محيط بهم أي: سيحيط بهم عن قرب، فإن ما هو آت قريب، والمراد بالكافرين جنسهم فيدخل فيه هؤلاء المستعجلون دخولاً أولياً، فقوله: "ويستعجلونك بالعذاب" إخبار عنهم، وقوله ثانياً "يستعجلونك بالعذاب" تعجب منهم، وقيل التكرير للتأكيد.
54- "يستعجلونك بالعذاب"، أعاده تأكيداً، "وإن جهنم لمحيطة بالكافرين"، جامعة لهم لا يبقى أحد منهم إلا دخلها.
54ـ " يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " ستحيط بهم يوم يأتيهم العذاب ، أو هي كالمحيطة بهم الآن لإحاطة و الكفر والمعاصي التي توجيها بهم ، واللام للعهد على وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على موجب الإحاطة ، أو للجنس فيكون استدلالاً بحكم الجنس على حكمهم .
54. They bid thee hasten on the doom, when lo! hell verily will encompass the disbelievers.
54 - They ask thee to hasten on the Punishment: but, of a surety, ell will encompass the rejecters of Faith!