[القصص : 67] فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ
67 - (فأما من تاب) من الشرك (وآمن) صدق بتوحيد الله (وعمل صالحا) أدى الفرائض (فعسى أن يكون من المفلحين) الناجحين بوعد الله
يقول تعالى ذكره: " فأما من تاب " من المشركين، فأناب وراجع الحق، وأخلص لله الألوهة، وأفرد له العبادة، فلم يشرك في عبادته شيئاً " وآمن " يقول: وصدق بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. " وعمل صالحا " يقول: وعمل بما أمره الله بعمله في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، " فعسى أن يكون من المفلحين " يقول: فهو من المنجحين المدركين طلبتهم عند الله، الخالدين في جنانه، وعسى من الله واجب.
قوله تعالى : " فأما من تاب " أي من الشرك " وآمن " أي " وعمل صالحاً " أدى الفرائض وأكثر من النوافل " فعسى أن يكون من المفلحين " أي من الفائزين بالسعادة . وعسى من الله واجبة .
يقول تعالى مخبراً عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة حيث يناديهم فيقول: "أين شركائي الذين كنتم تزعمون" يعني أين الالهة التي كنتم تعبدونها في الدار الدنيا من الأصنام والأنداد, هل ينصرونكم أو ينتصرون ؟ وهذا على سبيل التقريع والتهديد, كما قال تعالى: "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون".
وقوله: "قال الذين حق عليهم القول" يعني الشياطين والمردة والدعاة إلى الكفر "ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون" فشهدوا عليهم أنه أغووهم فاتبعوهم ثم تبرءوا من عبادتهم, كما قال تعالى: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " وقال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" وقال الخليل عليه السلام لقومه "إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً" الاية, وقال الله تعالى: " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار " ولهذا قال: "وقيل ادعوا شركاءكم" أي ليخلصوكم مما أنتم فيه كما كنتم ترجون منهم في الدار الدنيا "فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب" أي وتيقنوا أنهم صائرون إلى النار لا محالة.
وقوله: "لو أنهم كانوا يهتدون" أي فودوا حين عاينوا العذاب لو أنهم كانوا من المهتدين في الدار الدنيا, وهذا كقوله تعالى: "ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقاً * ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً". وقوله: "ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين" النداء الأول عن سؤال التوحيد, وهذا فيه إثبات النبوات, ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم, وكيف كان حالكم معهم ؟ وهذا كما يسأل العبد في قبره: من ربك, ومن نبيك, وما دينك ؟ فأما المؤمن فيشهد أنه لا إله إلا الله, وأن محمداً عبده ورسوله, وأما الكافر فيقول: هاه هاه لا أدري, ولهذا لاجواب له يوم القيامة غير السكوت, لأن من كان في هذه أعمى, فهو في الاخرة أعمى وأضل سبيلاً, ولهذا قال تعالى: "فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون" قال مجاهد : فعميت عليهم الحجج, فهم لا يتساءلون بالأنساب. وقوله "فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً" أي في الدنيا "فعسى أن يكون من المفلحين" أي يوم القيامة وعسى من الله موجبة, فإن هذا واقع بفضل الله ومنته لا محالة.
67- "فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين" إن تاب من الشرك وصدق بما جاء به الرسل وأدى الفرائض واجتنب المعاصي فعسى أن يكون من المفلحين: أي الفائزين بمطالبهم من سعادة الدارين، وعسى إن كانت في الأصل للرجاء فهو من الله واجب على ما هو عادة الكرام. وقيل إن الترجي هو من التائب المذكور لا من جهة الله سبحانه.
67- "فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين"، من السعداء الناجحين.
67 -" فأما من تاب " من الشرك . " وآمن وعمل صالحاً " وجمع بين الإيمان والعمل الصالح . " فعسى أن يكون من المفلحين " عند الله وعسى تحقيق على عادة الكرام ، أو ترج من التائب بمعنى فليتوقع أن يفلح .
67. But as for him who shall repent and believe and do right, he haply may be one of the successful.
67 - But any that (in this life) had repented, believed, and worked righteousness, will have hopes to be among those who achieve salvation.