[القصص : 35] قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ
35 - (قال سنشد عضدك) نقويك (بأخيك ونجعل لكما سلطانا) غلبة (فلا يصلون إليكما) بسوء اذهبا (بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) لهم
يقول تعالى ذكره: قال الله لموسى " سنشد عضدك "، أي نقويك ونعينك بأخيك، تقول العرب إذا أعز رجل رجلاً، وأعانه ومنعه ممن أراده بظلم: قد شد فلان على عضد فلان، وهو من عاضده على أمره: إذا أعانه، ومنه قول ابن مقبل:
‌ عاضدتها بعتود معتلث كأنه وقف عاج، بات مكنونا
يعني بذلك: قوساً عاضدها بسهم. وفي العضد لغات أربع: أجودها: العضد، ثم العضد، ثم العضد، والعضد. يجمع جميع ذلك على أعضاد.
وقوله " ونجعل لكما سلطانا " يقول: ونجعل لكما حجة.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن نجيح، عن مجاهد، قوله " لكما سلطانا " حجة.
حدثنا القاسم قال: قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي " ونجعل لكما سلطانا " والسلطان: الحجة.
وقوله " فلا يصلون إليكما " يقول تعالى ذكره: فلا يصل إليكما فرعون وقومه بسوء. وقوله " بآياتنا " يقول تعالى ذكره: " فلا يصلون إليكما " فرعون وقومه " بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " فالباء في قوله بآياتنا من صلة غالبون. ومعنى الكلام: أنتما ومن اتبعكما الغالبون فرعون وملأه بآياتنا أي بحجتنا وسلطاننا الذي نجعله لكما.
فـ" قال " الله جل وعز له : " سنشد عضدك بأخيك " يأي تقويك به ، وهذا تمثيل ، لأن قوة اليد بالعضد . قال طرفة :
بني لبينى لستم بيد إلاى يدأً ليست لها عضد
ويقال في دعاء الخير : شد الله عضدك . وفي ضده : فت الله في عضدك " ونجعل لكما سلطانا " أي حجة وبرهانا . " فلا يصلون إليكما " بالأذى " بآياتنا " أي تمتنعان منهم بآياتنا فيجوز أن يوقف على إليكما ويكون في الكلام تقديم وتأخير . وقيل التقدير " أنتما ومن اتبعكما الغالبون " بآياتنا . قاله الأخفش و الطبري . قال المهدوي : وفي هذا تقديم الصلة على الموصول ، إلا أن يقدر أنتما غالبان بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون . وعنى بالآيات سائر معجزاته .
لما أمره الله تعالى بالذهاب إلى فرعون الذي إنما خرج من ديار مصر فراراً منه وخوفاً من سطوته "قال رب إني قتلت منهم نفساً" يعني ذلك القبطي "فأخاف أن يقتلون" أي إذا رأوني "وأخي هارون هو أفصح مني لساناً" وذلك أن موسى عليه السلام كان في لسانه لثغة بسبب ما كان تناول تلك الجمرة حين خير بينها وبين التمرة أو الدرة, فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه, فحصل فيه شدة في التعبير, ولهذا قال: " واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري " أي يؤنسني فيما أمرتني به من هذا المقام العظيم, وهو القيام بأعباء النبوة والرسالة إلى هذا الملك المتكبر الجبار العنيد, ولهذا قال: "وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً" أي وزيراً ومعيناً ومقوياً لأمري, يصدقني فيما أقوله وأخبر به عن الله عز وجل, لأن خبر الاثنين أنجع في النفوس من خبر الواحد, ولهذا قال: "إني أخاف أن يكذبون".
وقال محمد بن إسحاق "ردءاً يصدقني" أي يبين لهم عني ما أكلمهم به, فإنه يفهم عني ما لا يفهمون, فلما سأل ذلك موسى قال الله تعالى: "سنشد عضدك بأخيك" أي سنقوي أمرك, ونعز جانبك بأخيك الذي سألت له أن يكون نبياً معك, كما قال في الاية الأخرى: "قد أوتيت سؤلك يا موسى" وقال تعالى: "ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً" ولهذا قال بعض السلف: ليس أحد أعظم منة على أخيه من موسى على هارون عليهما السلام, فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبياً ورسولاً معه إلى فرعون وملائه, ولهذا قال تعالى في حق موسى "وكان عند الله وجيهاً".
وقوله تعالى: "ونجعل لكما سلطاناً" أي حجة قاهرة "فلا يصلون إليكما بآياتنا" أي لا سبيل لهم إلى الوصول إلى أذاكما بسبب إبلاغكما آيات الله, كما قال تعالى: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " وقال تعالى: " الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا " أي وكفى بالله ناصراً ومعيناً ومؤيداً, ولهذا أخبرهما أن العاقبة لهما ولمن اتبعهما في الدنيا والاخرة, فقال تعالى: "أنتما ومن اتبعكما الغالبون" كما قال تعالى: "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز" وقال تعالى: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا" إلى آخر الاية, ووجه ابن جرير على أن المعنى: ونجعل لكما سطاناً فلا يصلون إليكما, ثم يبتدىء فيقول: "بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون" تقديره أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا, ولا شك أن هذا المعنى صحيح, وهو حاصل من التوجيه الأول, فلا حاجة إلى هذا, والله أعلم.
35- "قال سنشد عضدك بأخيك" أي نقويك به، فشد العضد كناية عن التقوية، ويقال في دعاء الخير: شد الله عضدك، وفي ضده: فت الله في عضدك. قرأ الجمهور "عضدك" بفتح العين. وقرأ الحسين وزيد بن علي بضمها. وروي عن الحسن أيضاً أنه قرأ بضمة وسكون. وقرأ عيسى بن عمر بفتحهما "ونجعل لكما سلطاناً" أي حجة وبرهاناً. أو تسلطاً عليه، وعلى قومه "فلا يصلون إليكما" بالأذى ولا يقدرون على غلبتكما بالحجة، و"بآياتنا" متعلق بمحذوف: أي تمتنعان منهم بآياتنا، أو اذهبا بآياتنا. وقيل الباء للقسم، وجوابه يصلون، وما أضعف هذا القول. وقال الأخفش وابن جرير: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير "أنتما ومن اتبعكما الغالبون" بآياتنا، وأول هذه الودوه أولاها، وفي "أنتما ومن اتبعكما الغالبون" تبشير لهما وتقوية لقلوبهما.
35- "قال سنشد عضدك بأخيك"، أي: نقويك بأخيك، وكان هارون يومئذ بمصر، "ونجعل لكما سلطاناً"، حجةً وبرهاناً،"فلا يصلون إليكما بآياتنا"، أي: لا يصلون إليكما بقتل ولا سوء لمكان آياتنا، وقيل: فيه تقديم وتأخير، وتقديره: ونجعل لكما سلطاناً بآياتنا بما نعطيكما من المعجزات فلا يصلون إليكما، "أنتما ومن اتبعكما الغالبون"، أي: لكما ولأتباعكما الغلبة على فرعون وقومه.
35 -" قال سنشد عضدك بأخيك " سنقويك به فإن قوة الشخص بشدة اليد على مزاولة الأمور ، ولذلك يعبر عنه باليد وشدتها بشدة العضد . " ونجعل لكما سلطاناً " غلبة أو حجة . " فلا يصلون إليكما " باستيلاء أو حجاج . " بآياتنا " متعلق بمحذوف أي اذهبا بآياتنا أو بـ " نجعل " أي نسلطكما بها ، أو بمعنى (( لا يصلون )) أي تمتنعون منهم ، أو قسم جوابه (( لا يصلون )) ، أو بيان لـ " الغالبون " في قوله : " أنتما ومن اتبعكما الغالبون " بمعنى أنه صلة لما بينه أو صلة له على أن اللام فيه للتعريف لا بمعنى الذي .
35. He said: We will strengthen thine arm with thy brother, and We will give unto you both power so that they cannot reach you for Our portents. Ye twain, and those who follow you, will be the winners.
35 - He said: We will certainly strengthen thy arm through thy brother, and invest you both with authority, so they shall not be able to touch you: with Our Signs shall ye triumph, you two as well as those who follow you.