[القصص : 2] تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
2 - (تلك) هذه الآيات (آيات الكتاب) الإضافة بمعنى من (المبين) المظهر الحق من الباطل
وأما قوله " تلك آيات الكتاب المبين " فإنه يعني هذه آيات الكتاب الذي أنزلته إليك يا محمد، المبين أنه من عند الله، وأنك لم تتقوله ولم تتخرصه.
وكان قتادة فيما ذكر عنه يقول في ذلك ما:
حدثني بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " طسم * تلك آيات الكتاب المبين " يعني مبين والله بركته ورشده وهداه.
قوله تعالى : " تلك آيات الكتاب المبين " (( تلك )) في موضع رفع بمعنى هذه تلك و( آيات ) بدل منها . ويجوز أن يكون في موضع نصب بـ(( نتلو )) و((آيات )) بدل منها أيضاً ، وتنصبها كما تقول : زيداً ضربت . و(( المبين )) أي المبين بركته وخيره ، والمبين الحق والباطل ، والحلال من الحرام ، وقصص الأنبياء ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم . ويقال : بان الشيء وأبان اتضح .
فقد تقدم الكلام على الحروف المقطعة, وقوله: "تلك" أي هذه "آيات الكتاب المبين" أي الواضح الجلي الكاشف عن حقائق الأمور, وعلم ما قد كان وما هو كائن. وقوله: " نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق " الاية, كما قال تعالى: "نحن نقص عليك أحسن القصص" أي نذكر لك الأمر على ما كان عليه كأنك تشاهد وكأنك حاضر, ثم قال تعالى: "إن فرعون علا في الأرض" أي تكبر وتجبر وطغى "وجعل أهلها شيعاً" أي أصنافاً قد صرف كل صنف فيما يريد من أمور دولته.
وقوله تعالى: "يستضعف طائفة منهم" يعني بني إسرائيل, وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل زمانهم, هذا وقد سلط عليهم هذا الملك الجبار العتيد يستعملهم في أخس الأعمال, ويكدهم ليلاً ونهاراً في أشغاله وأشغال رعيته, ويقتل مع هذا أبناءهم ويستحيي نساءهم, إهانة لهم واحتقاراً وخوفاً من أن يوجد منهم الغلام الذي كان قد تخوف هو وأهل مملكته منه أن يوجد منهم غلام, يكون سبب هلاكه وذهاب دولته على يديه. وكانت القبط قد تلقوا هذا من بني إسرائيل فيما كانوا يدرسونه من قول إبراهيم الخليل عليه السلام, حين ورد الديار المصرية, وجرى له مع جبارها ما جرى حين أخذ سارة ليتخذها جارية, فصانها الله منه ومنعه منها بقدرته وسلطانه, فبشر إبراهيم عليه السلام ولده أنه سيولد من صلبه وذريته من يكون هلاك ملك مصر على يديه, فكانت القبط تحدث بهذا عند فرعون, فاحترز فرعون من ذلك, وأمر بقتل ذكور بني إسرائيل ولن ينفع حذر من قدر, لأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر, ولكل أجل كتاب, ولهذا قال تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " وقد فعل تعالى ذلك بهم, كما قال تعالى: " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ". وقال تعالى: "كذلك وأورثناها بني إسرائيل" أراد فرعون بحوله وقوته أن ينجو من موسى, فما نفعه ذلك مع قدرة الملك العظيم الذي لا يخالف أمره القدري ولا يغلب, بل نفذ حكمه وجرى قلمه في القدم بأن يكون هلاك فرعون على يديه, بل يكون هذا الغلام الذي احترزت من وجوده وقتلت بسببه ألوفاً من الولدان, إنما منشؤه ومرباه على فراشك وفي دارك, وغذاؤه من طعامك وأنت تربيه وتدلله وتتفداه, وحتفك وهلاكك وهلاك جنودك على يديه, لتعلم أن رب السموات العلا هو القاهر الغالب العظيم القوي العزيز الشديد المحال, الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
وكذلك مر الكلام على قوله: 2- "تلك آيات الكتاب المبين" فاسم الإشارة مبتدأ خبره ما بعده، أو خبر مبتدأ محذوف وآيات بدل من اسم الإشارة، ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب بنتلو، والمبين المشتمل على بيان الحق من الباطل. قال الزجاج: مبين الحق من الباطل، والحلال من الحرام، وهو من أبان بمعنى أظهر.
2- "تلك آيات الكتاب المبين".
2 -" تلك آيات الكتاب المبين " .
2. These are revelations of the Scripture that maketh plain.
2 - These are Verses of the Book that makes (things) clear.