[النمل : 83] وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ
83 - واذكر (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) جماعة (ممن يكذب بآياتنا) وهم رؤساؤهم المتبعون (فهم يوزعون) يجمعون برد آخرهم إلى أولهم ثم يساقون
يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع من كل قرن وملة فوجاً، يعني جماعة منهم، وزمرة " ممن يكذب بآياتنا " يقول: ممن يكذب بأدلتنا وحججنا، فهو يحبس أولهم على آخرهم، ليجتمع جميعهم، ثم يساقون إلى النار.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " يعني: الشيعة عند الحشر.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " من كل أمة فوجا " قال: زمرة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله " نحشر من كل أمة فوجا " قال: زمرة زمرة " فهم يوزعون ".
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله " ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " قال: يقول: فهم يدفعون.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، في قوله " فهم يوزعون " قال: يحبس أولهم على آخرهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " فهم يوزعون " قال: وزعه ترد أولاهم على أخراهم.
وقد بينت معنى قوله " يوزعون " فيما مضى قبل بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
قوله تعالى : " ويوم نحشر من كل أمة فوجا " أي زمرة وجماعة . " ممن يكذب بآياتنا " يعني بالقرآن وبأعلامنا الدابة على الحق . " فهم يوزعون " أي يدفعون ويساقون إلى موضع الحساب . قال الشماخ :
وكم وزعنا من خميس وكم حبونا من رئيس مسحل وقال قتادة (( يوزعون )) أي يرد أولهم على آخرهم . حتى إذا جاؤوا قال أي توحيدي . " ولم تحيطوا بها علما " أي ببطلانها حتى تعرضوا عنها ، بل كذبتم جاهلين غير مستدلين .
يقول تعالى مخبراً عن يوم القيامة وحشر الظالمين من المكذبين بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله عز وجل ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا, تقريعاً وتوبيخاً وتصغيراً وتحقيراً فقال تعالى: "ويوم نحشر من كل أمة فوجاً" أي من كل قوم وقرن فوجاً أي جماعة "ممن يكذب بآياتنا" كما قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" وقال تعالى: "وإذا النفوس زوجت" وقوله تعالى: "فهم يوزعون" قال ابن عباس رضي الله عنهما: يدفعون. وقال قتادة : وزعة يرد أولهم على آخرهم.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يساقون " حتى إذا جاؤوا " ووقفوا بين يدي الله عز وجل في مقام المساءلة " قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون " أي فيسألون عن اعتقادهم وأعمالهم! فلما لم يكونوا من أهل السعادة وكانوا كما قال الله عنهم: "فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى" فحينئذ قامت عليهم الحجة, ولم يكن لهم عذر يعتذرون به, كما قال الله تعالى "هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون" الاية, وهكذا قال ههنا: "ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون" أي بهتوا فلم يكن لهم جواب لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم, وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية.
ثم قال تعالى منبهاً على قدرته التامة وسلطانه العظيم وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره وتصديق أنبيائه فيما جاؤوا به من الحق الذي لا محيد عنه, فقال تعالى: "ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه" أي في ظلام الليل لتسكن حركاتهم بسببه وتهدأ أنفاسهم, ويستريحون من نصب التعب في نهارهم "والنهار مبصراً" أي منيراً مشرقاً, فبسبب ذلك يتصرفون في المعاش والمكاسب والأسفار والتجارات وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها " إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ".
ثم ذكر سبحانه طرفاً مجملاً من أهوال يوم القيامة، فقال: 83- "ويوم نحشر من كل أمة فوجاً" العامل في الظرف فعل محذوف خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم، والحشر الجمع. قيل والمراد بهذا الحشر هو حشر العذاب بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق، ومن لابتداء الغاية، والفوج: الجماعة كالزمرة، ومن في "ممن يكذب بآياتنا" بيانية "فهم يوزعون" أي يحبس أولهم على آخرهم، وقد تقدم تحقيقه في هذه السورة مستوفى، وقيل معناه: يدفعون، ومنه قول الشماخ:
وسمه وزعنا من خمس جحفل
ومعنى الآية: واذكر يا محمد يوم نجمع من كل أمة من الأمم جماعة مكذبين بآياتنا فهم عند ذلك الحشر يرد أولهم على آخرهم أو يدفعون: أي اذكر لهم هذا أو بينه تحذيراً لهم وترهيباً.
قوله تعالى: 83- "ويوم نحشر من كل أمة فوجاً"، أي: من كل قرن جماعة، "ممن يكذب بآياتنا"، وليس من هاهنا للتبعيض، لأن جميع المكذبين يحشرون، "فهم يوزعون"، يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ثم يساقون إلى النار.
83 -" ويوم نحشر من كل أمة فوجاً " يعني يوم القيامة . " ممن يكذب بآياتنا " بيان للفوج أي فوجاً مكذبين ، و" من " الأولى للتبعيض لأن أمة كل نبي وأهل كل قرن شامل للمصدقين والمكذبين . " فهم يوزعون " يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا ، وهو عبارة عن كثرة عددهم وتباعد أطرافهم .
83. And (remind them of) the Day when We shall gather out of every nation a host of those who denied Our revelations, and they will be set in array;
83 - One Day We shall gather together from every people a troop of those who reject Our Signs, and they shall be kept in ranks,