[الشعراء : 90] وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
90 - (وأزلفت الجنة) قربت (للمتقين) فيرونها
يعني جل ثناؤه بقوله : " وأزلفت الجنة للمتقين " وأدنيت الجنة وقربت للمتقين ، الذين اتقوا عقاب الله في الآخرة بطاعتهم إياه في الدنيا " وبرزت الجحيم للغاوين " يقول : وأظهرت النار للذين غووا فضلوا عن سواء السبيل " وقيل " للغاوين " أين ما كنتم تعبدون * من دون الله " من الأنداد " هل ينصرونكم " اليوم من الله ، فينقذونكم من عذابه " أو ينتصرون " لأنفسهم ، فينجونها مما يراد بها ؟
وقوله : " فكبكبوا فيها هم والغاوون " يقول : فرمي ببعضهم في الجحيم على بعض ، وطرح بعضهم على بعض منكبين على وجوههم . وأصل كبكبوا : كببوا ، ولكن الكاف كررت كما قيل : بريح صرصر يعني به صر ، ونهنهني ينهنهني ، يعني به : نههني .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : " فكبكبوا " قال : فدهوروا .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " فكبكبوا فيها " يقول : فجمعوا فيها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " فكبكبوا فيها " قال : طرحوا فيها . فتأويل الكلام : فكبكب هؤلاء الأنداد التي كانت تعبد من دون الله في الجحيم والغاوون .
وذكر عن قتادة أنه كان يقول : الغاوون في هذا الموضع : الشياطين .
ذكر الرواية عمن قال ذلك:
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : " فكبكبوا فيها هم والغاوون " قال : الغاوون : الشياطين .
فتأويل الكلام على هذا القول الذي ذكرنا عن قتادة : فكبكب فيها الكفار الذين كانوا يعبدون من دون الله الأصنام والشياطين .
وقوله : " وجنود إبليس أجمعون " يقول : وكبكب فيها مع الأنداد والغاوين جنود إبليس أجمعون . وجنوده ، كل من كان من تباعه من ذريته كان أو من ذرية آدم .
قوله تعالى : " وأزلفت الجنة للمتقين " أي قربت وأدنيت ليدخلوها .وقال الزجاج : قرب دخولهم إياها .
"أزلفت الجنة" أي قربت وأدنيت من أهلها مزخرفة مزينة لناظريها, وهم المتقون الذين رغبوا فيها على ما في الدنيا, وعملوا لها في الدنيا "وبرزت الجحيم للغاوين" أي أظهرت وكشف عنها, وبدت منها عنق فزفرت زفرة بلغت منها القلوب الحناجر, وقيل لأهلها تقريعاً وتوبيخاً " أين ما كنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون " أي ليست الالهة التي عبدتموها من دون الله من تلك الأصنام والأنداد تغني عنكم اليوم شيئاً, ولا تدفع عن أنفسها, فإنكم وإياها اليوم حصب جهنم أنتم لها واردون.
وقوله "فكبكبوا فيها هم والغاوون" قال مجاهد : يعني فدهوروا فيها. وقال غيره: كبوا فيها, والكاف مكررة, كما يقال صرصر, والمراد أنه ألقى بعضهم على بعض من الكفار وقادتهم الذين دعوهم إلى الشرك "وجنود إبليس أجمعون" أي ألقوا فيها عن آخرهم " قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين " أي يقول الضعفاء للذين استكبروا: إنا كنا لكم تبعاً, فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ؟ ويقولون وقد عادوا على أنفسهم بالملامة "تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين" أي نجعل أمركم مطاعاً كما يطاع أمر رب العالمين, وعبدناكم مع رب العالمين "وما أضلنا إلا المجرمون" أي ما دعانا إلى ذلك إلا المجرمون "فما لنا من شافعين" قال بعضهم: يعني من الملائكة كما يقولون "فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل" وكذا قالوا "فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم" أي قريب.
قال قتادة : يعلمون والله أن الصديق إذا كان صالحاً نفع, وأن الحميم إذا كان صالحاً شفع "فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين" وذلك أنهم يتمنون أن يردوا إلى دار الدنيا ليعملوا بطاعة ربهم فيما يزعمون, والله تعالى يعلم أنهم لو ردهم إلى دار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون, وقد أخبر الله تعالى عن تخاصم أهل النار في سورة (ص) ثم قال تعالى: "إن ذلك لحق تخاصم أهل النار" ثم قال تعالى: " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " أي إن في محاجة إبراهيم لقومه وإقامة الحجج عليهم في التوحيد لاية, أي لدلالة واضحة جلية على أن لا إله إلا الله "وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم".
90- "وأزلفت الجنة للمتقين" أي قربت وأدنيت لهم يلدخلوها. وقال الزجاج: قرب دخولهم إياها ونظرهم إليها.
90- "وأزلفت" قربت "الجنة للمتقين".
90 -" وأزلفت الجنة للمتقين " بحيث يرونها من الموقف فيتبجحون بأنهم المحشورون إليها .
90. And the Garden will be brought nigh for those who ward off (evil).
90 - To the righteous, the Garden will be brought near,