[الشعراء : 30] قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ
30 - (قال) له موسى (أولو) أتفعل ذلك ولو (جئتك بشيء مبين) برهان بين على رسالتي
يقول تعالى ذكره : قال موسى لفرعون لما عرفه ربه ، وأنه رب المشرق والمغرب ، ودعاه إلى عبادته إخلاص الألوهة له ، وأجابه فرعون بقوله " لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين " : أتجعلني من المسجونين "قال أو لو جئتك بشيء مبين " يبين لك صدق ما أقول يا فرعون وحقيقة ما أدعوك إليه . وإنما قال ذلك له ، لأن من أخلاق الناس السكون للإنصاف ، والإجابة إلى الحق بعد البيان ، فلما قال موسى له ما قال من ذلك قال له فرعون : فأت بالشيء المبين حقيقة ما تقول ، فإنا لن نسجنك حينئذ إن اتخذت إلها غيري إن كنت من الصادقين ، يقول : إن كنت محقا فيما تقول ، وصادقا فيما تصف وتخبر " فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " يقول جل ثناؤه : فالقى موسى عصاه فتحولت ثعبانا ، هي الحية الذكر كما قد بينت فيما مضى قبل من صفته ، وقوله " مبين " يقول : يبين لفرعون والملأ من قومه أنه ثعبان .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبدالله ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عباس ، قوله " فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " يقول : مبين له خلق حية .
وقوله " ونزع يده فإذا هي بيضاء " يقول : وأخرج موسى يده من جيبه فإذا هي بيضاء تلمع " للناظرين " لمن ينظر إليها ويراها .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثام بن علي ، قال : ثنا الأعمش ، عن المنهال ، قال : ارتفعت الحية في السماء قدر ميل ثم سفلت حتى صار رأس فرعون بين نابيها ، فجعلت تقول : يا موسى مرني بما شئت ، فجعل فرعون يقول : يا موسى أسألك بالذي أرسلك ، قال : فأخذه بطنه .
قوله تعالى : " أو لو جئتك بشيء مبين " فيتضح لك به صدقي ، فلما سمع فرعون ذلك طمع في أن يجد أثناءه موضع معارضة .
لما قامت الحجة على فرعون بالبيان والعقل, عدل إلى أن يقهر موسى بيده وسلطانه, وظن أنه ليس وراء هذا المقام مقال, فقال "لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين" فعند ذلك قال موسى " أو لو جئتك بشيء مبين " أي ببرهان قاطع واضح "قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين" أي ظاهر واضح في غاية الجلاء والوضوح والعظمة, ذات قوائم, وفم كبير, وشكل هائل مزعج "ونزع يده" أي من جبيه "فإذا هي بيضاء للناظرين" أي تتلألأ كقطعة من القمر, فبادر فرعون بشقاوته إلى التكذيب والعناد, فقال للملإ حوله "إن هذا لساحر عليم" أي فاضل بارع في السحر, فروج عليهم فرعون أن هذا من قبيل السحر لا من قبيل المعجزة, ثم هيجهم وحرضهم على مخالفته والكفر به, فقال "يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره" الاية, أي أراد أن يذهب بقلوب الناس معه بسبب هذا, فيكثر أعوانه وأنصاره وأتباعه, ويغلبكم على دولتكم, فيأخذ البلاد منكم, فأشيروا علي فيه ماذا أصنع به ؟ "قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم" أي أخره وأخاه حتى تجمع له من مدائن مملكتك وأقاليم دولتك كل سحار عليم يقابلونه, ويأتون بنظير ما جاء به, فتغلبه أنت, وتكون لك النصرة والتأييد, فأجابهم إلى ذلك. وكان هذا من تسخير الله تعالى لهم في ذلك ليجتمع الناس في صعيد واحد, وتظهر آيات الله وحججه وبراهينه على الناس في النهار جهرة.
فـ 30- " قال أو لو جئتك بشيء مبين " أي أتجعلني من المسجونين ولو جئتك بشيء يتبين به صدقي ويظهر عنده صحة دعواي، والهمزة هنا للاستفهام، والواو للعطف على مقدر كما مر مراراً، فلما سمع فرعون ذلك طلب ما عرضه عليه موسى.
30- "قال" له موسى حين توعده بالسجن: " أو لو جئتك "، أي: وإن جئتك، "بشيء مبين"، بآية مبينة، ومعنى الآية: أتفعل ذلك وإن أتبتك بحجة بينة؟ وإنما قال ذلك موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بعد البيان.
30 -" قال أو لو جئتك بشيء مبين " أي أتفعل ذلك ولو جئتك بشيء يبين صدق دعواي ، يعني المعجزة فإنها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته والدلالة على صدق مدعي نبوته ، فالواو للحال وليها الهمزة بعد- حذف الفعل .
30. He said: Even though I show thee something plain?
30 - (Moses) said: Even if I showed you something clear (and) convincing?