[الشعراء : 194] عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ
194 - (على قلبك لتكون من المنذرين)
القول في تأويل قوله تعالى :" على قلبك لتكون من المنذرين " .
قوله تعالى : " على قلبك " " نزل " مخففاً قرأ نافع و ابن كثير و أبو عمرو . الباقون : " نزل " مشدداً " به الروح الأمين " نصباً وهو اختيار أبي حاتم و أبي عبيد لقوله " وإنه لتنزيل " وهو مصدر نزل . والحجة لمن قرأ بالتخفيف أن يقول ليس هذا بمقدر ، لأن المعنى وإن القرآن لتنزيل رب العالمين نزل به جبريل إليك ، كما قال تعالى : " قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك " [ البقرة : 97] أي يتلوه عليك فيعيه قلبك . وقيل : ليثبت قلبك .
يقول تعالى مخبراً عن الكتاب الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم "وإنه" أي القرآن ذكره في أول السورة في قوله "وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث" الاية "لتنزيل رب العالمين" أي أنزله الله عليك وأوحاه إليك "نزل به الروح الأمين" وهو جبريل عليه السلام, قاله غير واحد من السلف: ابن عباس ومحمد بن كعب وقتادة وعطية العوفي والسدي والضحاك والزهري وابن جريج , وهذا مما لا نزاع فيه. قال الزهري : وهذه كقوله "قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه" وقال مجاهد : من كلمه الروح الأمين لا تأكله الأرض "على قلبك لتكون من المنذرين" أي نزل به ملك كريم أمين ذو مكانة عند الله مطاع في الملأ الأعلى "على قلبك" يا محمد سالماً من الدنس والزيادة والنقص "لتكون من المنذرين" أي لتنذر به بأس الله ونقمته على من خالفه وكذبه, وتبشر به المؤمنين المتبعين له.
وقوله تعالى: "بلسان عربي مبين" أي هذا القرآن الذي أنزلناه إليك, أنزلناه بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل, ليكون بيناً واضحاً ظاهراً, قاطعاً للعذر, مقيماً للحجة دليلاً إلى المحجة. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي , حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن موسى بن محمد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في يوم دجن إذ قال لهم : كيف ترون بواسقها ؟ قالوا: ما أحسنها وأشد تراكمها . قال :فكيف ترون قواعدها ؟ قالوا: ما أحسنها وأشد تمكنها. قال فكيف ترون جريها ؟ قالوا: ما أحسنه وأشد سواده. قال فيكف ترون رحاها استدارت قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها. قال فكيف ترون برقها: أوميض أم خفق أم يشق شقاً ؟ قالوا: بل يشق شقاً. قال الحياء الحياء إن شاء الله. قال: فقال رجل: يا رسول الله, بأبي وأمي, ما أفصحك, ما رأيت الذي هو أعرب منك. قال: فقال حق لي وإنما أنزل القرآن بلساني والله يقول "بلسان عربي مبين"" وقال سفيان الثوري : لم ينزل وحي إلا بالعربية, ثم ترجم كل نبي لقومه, واللسان يوم القيامة بالسريانية, فمن دخل الجنة تكلم بالعربية, رواه ابن أبي حاتم .
ومعنى 194- "على قلبك" أنه تلاه على قلبه، ووجه تخصيص القلب، لأنه أول مدرك م الحواس الباطنة. قال أبو حيان: إن على قلبك ولتكون متعلقان بنزل، قيل يجوز أن يتعلقا بتنزيل، والأول أولى، وقرئ نزل مشدداً مبيناً للمفعول والفاعل هو الله تعالى، ويكون الروح على هذه القراءة مرفوعاً على النيابة "لتكون من المنذرين" علة للإنزال: أي أنزله لتنذرهم بما تضمنه من التحذيرات والإنذارات والعقوبات.
194- "على قلبك"، يا محمد حتى وعيته، "لتكون من المنذرين"، المخوفين.
184 -" على قلبك " تقرير لحقية تلك القصص وتنبيه على إعجاز القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الإخبار عنها ممن لم يتعلمها لا يكون إلا وحياً من الله عز وجل ، والقلب إن أراد به الروح فذاك وإن أراد العضو فتخصيصه ، لأن المعاني الروحانية إنما تنزل أولاً على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ، ثم تتصعد منه إلى الدماغ فينتقش بها لوح المتخيلة ، و " الروح الأمين " جبريل عليه الصلاة والسلام فإنه أمين ا لله على وحيه . وقرأ ابن عامر و أبو بكر و حمزة و الكسائي بتشديد الزاي ونصب (( الروح الأمين )) . " لتكون من المنذرين " عما يؤدي إلى عذاب من فعل أو ترك .
194. Upon thy heart, that thou mayest be (one) of the warners,
194 - To thy heart and mind, that thou mayest admonish