[الشعراء : 176] كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ
176 - (كذب أصحاب الأيكة) وفي قراءة بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وفتح الهاء وهي غيضة شجر قرب مدين (المرسلين)
يقول تعالى ذكره : " كذب أصحاب الأيكة " والأيكة : الشجر الملتف ، وهي واحدة الأيك ، وكل شجر ملتف فهو عند العرب أيكة ، ومنه قول نابغة بني ذبيان :
تجلو بقادمتي حمامة أيكة بردا أسف لثاته بالإثمد
وأصحاب الأيكة : هم أهل مدين فيما ذكر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ،عن ابن عباس ، قوله " كذب أصحاب الأيكة المرسلين " يقول : أصحاب الغيضة .
حدثني محمد سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " كذب أصحاب الأيكة المرسلين " قال : الأيكة : مجمع الشجر .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، قوله " كذب أصحاب الأيكة المرسلين " قال : أهل مدين ، والأيكة : الملتف من الشجر .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " كذب أصحاب الأيكة المرسلين " قال: الأيكة ، الشجر ، بعث الله شعيبا إلى قومه من أهل مدين وإلى أهل البادية ، قال : وهم أصحاب ليكة .وليكة والأيكة : واحد .
وقوله " إذ قال لهم شعيب ألا تتقون " يقول تعالى ذكره : قال لهم شعيب : ألا تتقون عقاب الله على معصيتكم ربكم " إني لكم " من الله " رسول أمين " على وحيه " فاتقوا "عقاب " الله " على خلافكم أمره " وأطيعون " ترشدوا .
قوله تعالى : " كذب أصحاب الأيكة المرسلين " الأيك الشجر الملتف الكثير الواحدة أيكة . ومن قرأ : " أصحاب الأيكة " فهي العيضة . ومن قرأ : ( ليكة ) فهو اسم القرية . ويقال : هما مثل بكة ومكة ، قاله الجوهري . وقال النحاس : وقرأ أبو جعفر و نافع : ( كذب أصحاب ليكة المرسلين ) و كذا قرأ : في ( ص ) وأجمع القراء على الخفض في التي في سورة ( الحجر ) والتي في سورة ( ق ) فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذ كان المعنى واحداً . وأما ما حكاه أبو عبيد من أن ( ليكة ) هي اسم القرية التي كانوا فيها وأن " الأيكة " أسم البلد فشيء الا يثبت ولا يعرف من قاله فيثبت علمه ، ولو عرف من قاله لكان فيه نظر ، لأن أهل العلم جميعاً من أهل التفسير والعلم بكلا م العرب على خلاف . وروى عبد الله بن وهب عن جرير بن جازم عن قتادة قال : كان أصحاب الأيكة ، قال : والأيكة غيضة من شجر ملتف . وروى سعيد عن قتادة قال : كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وششجر وكانت عامة ششجرهم الدوم وهو شجر المقل . وروى ابن جبير عن الضحاك قال : خرج أصحاب الأيكة _ يعني حين أصابهم الحر _ فانضموا إلى الغيضة والشجر ، فأرسل عليهم سحابة كفاستظلوا تحتها ، فلما تكاملوا تحتها أحرقوا . ولم لم يكن هذا ما روي عن ابن عباس قال : " الأيكة " الشجر . ولا نعلم بين أهل اللغة اختلافاً أن الأيكة الشجر الملتف ، فأما احتجاج بعض من احتج بقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح أنه في السواد ( ليكة ) فلا حجة له ، والقول فيه : إن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فسقطت واستغنت عن ألف الوصل ، لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض ، كما تقول بالأحمر تحقق الهمزة ثم تخففها بلحمر ، فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولاً ، وإن شئت كتبته بالحذف ، ولم يجز إلا الخفض ، قال سيبويه : واعلم أن ما لا ينصرف إذا دخلت عليه الألف واللام أو أضيف انصرف ، ولا نعلم أحداً خالف سيببويه في هذا . وقال الخليل : " الأيكة " غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر . " إذ قال لهم شعيب " ولم يقل أخوهم شعيب ، لأنه لم يكن أخاً لأصحاب الأيكة في النسب ، فلما ذكر مدين قال : ( أخاهم شعيباً ) ، لأأنه كان منهم . وقد مضى في ( الأعراف ) القول في نسبه . قال ابن زيد : أرسل الله شعيباً رسولاً إلى قومه أهل مدين ، وإلى أهل البادية وهم أصحاب الأيكة ، وقاله قتادة . وقد ذكرناه .
هؤلاء ـ يعني أصحاب الأيكة ـ هم أهل مدين على الصحيح وكان نبي الله شعيب من أنفسهم وإنما لم يقل ههنا أخوهم شعيب لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة, وهي شجرة, وقيل شجر ملتف كالغيضة كانوا يعبدونها, فلهذا لما قال: كذب أصحاب الايكة المرسلين لم يقل: إذ قال لهم أخوهم شعيب, وإنما قال "إذ قال لهم شعيب" فقطع نسب الأخوة بينهم للمعنى الذي نسبوا إليه, وإن كان أخاهم نسباً. ومن الناس من لم يفطن لهذه النكتة, فظن أن أصحاب الايكة غير أهل مدين, فزعم أن شعيباً عليه السلام بعثه الله إلى أمتين, ومنهم من قال: ثلاث أمم. وقد روى إسحاق بن بشر الكاهلي ـ وهو ضعيف ـ حدثني ابن السدي عن أبيه , وزكريا بن عمر عن خصيف عن عكرمة , قالا: ما بعث الله نبياً مرتين إلا شعيباً, مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة, ومرة إلى أصحاب الأيكة, فأخذهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة, وروى أبو القاسم البغوي عن هدبة عن همام عن قتادة في قوله تعالى: "وأصحاب الرس" قوم شعيب.
وقوله "وأصحاب الأيكة" قوم شعيب, وقاله إسحاق بن بشر . وقال غير جويبر : أصحاب الأيكة ومدين هما واحد, والله أعلم. وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شعيب من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة , عن أبيه عن معاوية بن هشام عن هشام بن سعد , عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف عن عبد الله بن عمرو قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان, بعث الله إليهما شعيباً النبي عليه السلام" وهذا غريب, وفي رفعه نظر, والأشبه أن يكون موقوفاً, والصحيح أنهم أمة واحدة وصفوا في كل مقام بشيء, ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان, كما في قصة مدين سواء بسواء, فدل ذلك على أنهما أمة واحدة.
176- "كذب أصحاب الأيكة المرسلين" قرأ نافع وابن كثير وابن عامر " الأيكة " بلام واحدة وفتح التاء جعلوه، اسماً غير معرف بأل مضافاً إليه أصحاب، وقرأ الباقون "الأيكة" معرفاً، والأيكة الشجر الملتف، وهي الغيضة، وليكة اسم للقرية، وقيل هما يمعنى واحد اسم للغيضة. قال القرطبي فأما ما حكاه أبو عبيد من أن ليكة اسم القرية التي كانوا فيها، وأن الأيكة اسم البلد كله، فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله ولو عرف لكان فيه نظر، لأن أهل العلم جميعاً على خلافه. قال أبو علي الفارسي: الأيكة تعريف أيكة، فإذا حذفت الهمزة تخفيفاً ألقيت حركتها على اللام. قال الخليل: الأيكة غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر.
قوله عز وجل: 176- "كذب أصحاب الأيكة المرسلين"، وهم قوم شعيب عليه السلام، قرأ العراقيون: الآيكة ها هنا وفي ص بالهمزة وسكون اللام وكسر التاء، وقرأ الآخرون: ليكة بفتح اللام والتاء غير مهموز، جعلوها اسم البلد، وهو لا ينصرف، ولم يختلفوا في سورة الحجر وق أنهما مهموازان مكسوران، والأيكة: الغيضة من الشجر الملتف.
176 -" كذب أصحاب الأيكة المرسلين " الأيكة غيضة تنبت ناعم الشجر يريد غيضة بقرب مدين تسكنها طائفة فبعث الله إليهن شعيباً كما بعثه إلى مدين وكان أجنبياً منهم فلذلك قال :
176. The dwellers in the wood (of Midian) denied the messengers (of Allah),
176 - The Companions of the Wood rejected the apostles.