[الشعراء : 154] مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
154 - (ما أنت) أيضا (إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين) في رسالتك
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل لنبيها صالح " ما أنت " يا صالح " إلا بشر مثلنا " من بني آدم ، نأكل ، و نشرب ما نشرب ، و لست برب ولا ملك ،فعلام نتبعك ؟ فإن كنت صادقا في قيلك ، و أن الله أرسلك إلينا " فأت بآية " يعني : بدلالة و حجة على أنك محق فيما تقول : إن كنت ممن صدقنا في دعواه أن الله أرسله إلينا .
وقد حدثني أحمد بن عمرو البصري ، قال : ثنا عمرو بن عاصم الكلابي ، قال : ثنا داود بن أبي الفرات ، قال : ثنا علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن صالحا النبي صلى الله عليه سلم بعثه الله إلى قومه ، فآمنوا به و اتبعوه ، فمات صالح ، فرجعوا عن الإسلام ، فأتاهم صالح ، فقال لهم : أنا صالح ، قالوا : إن كنت صادقا فأتنا بآية ، فأتاهم بالناقة ، فكذبوه و عقروها ، فعذبهم الله .
وقوله : " قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم " يقول تعالى ذكره : قال صالح لثمود لما سألوه آية يعلمون بها صدقه ، فأتاهم بناقة أخرجها من صخرة أو هضبة : هذه ناقة يا قوم ، لها شرب و لكم مثله شرب يوم آخر معلوم ما لكم من الشرب ، ليس لكم في يوم وردها أن تشربوا من شربها شيئا ، ولا لها أن تشرب في يومكم مما لكم شيئا . و يعني بالشرب : الحظ و النصيب من الماء يقول : لها حظ من الماء ، ولكم مثله ، و الشرب و الشرب و الشرب مصادر كلها بالضم و الفتح و الكسر .
و قد حكي عن العرب سماعا : آخرنها أقلها شربا و شربا .
وقوله : " ولا تمسوها بسوء " يقول : لا تمسوها بما يؤذيها من عقر و قتل و نحو ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : " ولا تمسوها بسوء " لا تعقروها . و قوله : " فيأخذكم عذاب يوم عظيم " يقول : فيحل بكم من الله عذاب يوم عظيم عذابه .
قوله تعالى : " فأت بآية إن كنت من الصادقين " في قولك .
يقول تعالى مخبراً عن ثمود في جوابهم لنبيهم صالح عليه السلام حين دعاهم إلى عبادة ربهم عز وجل أنهم "قالوا إنما أنت من المسحرين" قال مجاهد وقتادة : يعنون من المسحورين. وروى أبو صالح عن ابن عباس "من المسحرين" يعني من المخلوقين, واستشهد بعضهم على هذا بقول الشاعر:
فإن تسألينا: فيم نحن ؟ فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر
يعني الذين لهم سحور, والسحر هو الرئة. والأظهر في هذا قول مجاهد وقتادة أنهم يقولون: إنما أنت في قولك هذا مسحور لا عقل لك, ثم قالوا "ما أنت إلا بشر مثلنا" يعني فكيف أوحي إليك دوننا ؟ كما قالوا في الاية الأخرى " أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الأشر " ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ليعلموا صدقه بما جاءهم به من ربهم, وقد اجتمع ملؤهم, وطلبوا منه أن يخرج لهم الان من هذه الصخرة ناقة عشراء إلى صخرة عندهم ـ من صفتها كذا وكذا, فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح. العهود والمواثيق لئن أجابهم إلى ما سألوا ليؤمنن به وليتبعنه, فأعطوه ذلك, فقام نبي الله صالح عليه السلام فصلى, ثم دعا الله عز وجل أن يجيبهم إلى سؤالهم, فانفطرت تلك الصخرة التي أشاروا إليها عن ناقة عشراء على الصفة التي وصفوها, فآمن بعضهم وكفر أكثرهم "قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" يعني ترد ماءكم يوماً, ويوماً تردونه أنتم "ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم" فحذرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء, فمكثت الناقة بين أظهرهم حيناً من الدهر, ترد الماء وتأكل الورق والمرعى ـ وينتفعون بلبنها يحلبون منها ما يكفيهم شرباً ورياً, فلما طال عليهم الأمد وحضر شقاؤهم, تمالؤوا على قتلها وعقرها " فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب " وهو أن أرضهم زلزلت زلزالاً شديداً, وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها, وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون, وأصبحوا في ديارهم جاثمين " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ".
154- "ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين" في قولك ودعواك.
بل: 154- "ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية"، على صحة ما تقول، "إن كنت من الصادقين"، أنك رسول الله إلينا.
154 -" ما أنت إلا بشر مثلنا " تأكيداً له . " فأت بآية إن كنت من الصادقين " في دعواك .
154. Thou art but a mortal like us. So bring some token if thou art of the truthful.
154 - Thou art no more than a mortal like us: then bring us a Sign, if thou tellest the truth!