[النور : 62] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
62 - (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه) الرسول (على أمر جامع) كخطبة الجمعة (لم يذهبوا) لعروض عذر لهم (حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم) أمرهم (فأذن لمن شئت منهم) بالإنصراف (واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم)
قوله تعالى إنما المؤمنون الآية أخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل عن عروة ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما قالوا لما أقبلت قريش عام الأحزاب نزلوا بمجمع الاسيال من رومة بئر بالمدينة قائدها أبو سفيان وأقبلت غطفان حتى نزلوا بنعمى إلى جانب أحد وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فضرب الخندق على المدينة وعمل فيه وعمل المسلمون فيه وأبطأ رجال من المنافقين وجعلوا يأتون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد منها يذكرذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق لحاجته فيأذن له وإذا قضى حاجته رجع فأنزل الله في أولئك المؤمنين انما المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع إلى قوله والله بكل شيء عليم
يقول تعالى ذكره : ما المؤمنون حق الإيمان ، إلا الذين صدقوا الله ورسوله " وإذا كانوا معه " يقول : وإذا كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " على أمر جامع " يقول : على أمر يجمع جميعهم من حرب حضرت ، أو صلاة اجتمع لها ، أو تشاور في أمر نزل " لم يذهبوا " يقول : لم ينصرفوا عما اجتمعوا له من الأمر ، حتى يستأذنوا رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه " يقول : إذا كان أمر طاعة لله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، قوله " وإذا كانوا معه على أمر جامع " قال : أمر من طاعة الله عام .
حدثنا محمد بن بشار ، قال ثنا محمد بن بكر ، قال: أخبرنا ابن جريج ، قال: سأل مكحولا الشامي إنسان وأنا أسمع ، و مكحول جالس مع عطاء ، عن قول الله في هذه الآية " وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه " فقال مكحول : في يوم الجمعة ، وفي زحف ، وفي كل أمر جامع ، قد أمر أن لا يذهب أحد في يوم الجمعة حتى يستأذن الإمام ، وكذلك في كل أمر جامع ، ألا ترى أنه يقول " وإذا كانوا معه على أمر جامع " .
حدثني يعقوب ، قال : ثني ابن عطية ، قال : أخبرنا هشام بن حسان ، عن الحسين ، قال : كان الرجل إذا كانت له حاجة والإمام يخطب ، قام فأمسك بأنفه ، فأشار إليه الإمام أن يخرج ، قال : فكان رجل قد أراد الرجوع إلى أهله ، فقام إلى هرم بن حيان وهو يخطب ، فأخذ بأنفه ، فأشار إليه هرم أن يذهب ، فخرج إلى أهله ، فأقام فيهم ، ثم قدم ، قال له هرم : أين كنت ؟ قال : في أهلي ، قال : أفبإذن ذهبت ؟ قال : نعم ، قمت إليك وأنت تخطب ، فأخذت بأنفي ، فأشرت إلي أن أذهب فذهبت ، فقال : أفاتخذت هذا دغلا ، أو كلمة نحوها ، ثم قال : اللهم أخر رجال السوء إلى زمان السوء .
حدثني الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، في قوله " وإذا كانوا معه على أمر جامع " قال : هو الجمعة إذا كانوا معه ، لم يذهبوا حتى يستأذنوه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه " قال : الأمر الجامع حين يكونون معه في جماعة الحرب أو جمعة ، قال : والجمعة من الأمر الجامع ، لا ينبغي لأحد أن يخرج إذا قعد الإمام على المنبر يوم الجمعة إلا بإذن سلطان ، إذا كان حين يراه أو يقدر عليه ، ولا يخرج إلا بإذن ، وإذا كان حيث لا يراه ولا يقدر عليه ، ولا يصل إليه ، فالله أولى بالعذر .
وقوله " إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله " يقول تعالى ذكره : إن الذين ينصرفون يا محمد إذا كانوا معك في أمر جامع ، عنك إلا بإذنك لهم ، طاعة منهم لله ولك ، وتصديقا بما أتيتهم به من عندي ، أولئك الذي يصدقون الله ورسوله حقا ، لا من يخالف أمر الله وأمر رسوله ، فينصرف عنك بغير إذن منك له بعد تقدمك إليه أن لا ينصرف عنك إلا باذنك . وقوله " فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم " يقول تعالى ذكره : فإذا استأذنك يا محمد الذين لا يذهبون عنك إلا بإذنك في هذه المواطن لبعض شأنهم ، يعني لبعض حاجاتهم التي تعرض لهم ، فأذن لمن شئت منهم في الانصراف عنك لقضائها " واستغفر لهم " يقول : وادع الله لهم بأن يتفضل عليهم بالعفو عن تبعات ما بينه وبينهم " إن الله غفور رحيم " لذنوب عباده التائبين " رحيم " بهم أن يعاقبهم عليه ، بعد توبتهم منه .
قوله تعالى: " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه " فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: " إنما المؤمنون " " إنما " في هذه الآية للحصر، المعنى: لا يتم ولا يكمل إيمان من آمن بالله ورسوله إلا بأن يكون من الرسول سامعاً غير معنت في أن يكون الرسول يريد إكمال أمر فيريد هو إفساده بزواله في وقت الجمع، ونحو ذلك وبين تعالى في أول السورة أنه أنزل آيات بينات، وإنما النزول على محمد صلى الله عليه وسلم، فختم السورة بتأكيد الأمر في متابعته عليه السلام، ليعلم أن أوامره كأوامر القرآن.
الثانية: واختلف في الأمر الجامع ما هو، فقيل: المراد به ما للإمام من حاجة إلى جمع الناس فيه لإذاعة مصلحة، من إقامة سنة في الدين، أو لترهيب عدو باجتماعهم وللحروب، قال الله تعالى: " وشاورهم في الأمر " [آل عمران: 159]. فإذا كان أمر يشملهم نفعه وضره جمعهم للتشاور في ذلك. والإمام الذي يترقب إذنه هو إمام الإمرة، فلا يذهب أحد لعذر إلا بإذنه، فإذا ذهب بإذنه ارتفع عنه الظن السيء. وقال مكحول و الزهري : الجمعة من الأمر الجامع. وإمام الصلاة ينبغي أن يستأذن إذا قدمه إمام الإمرة، إذا كان يرى المستأذن. قال ابن سيرين : كانوا يستأذونون الإمام على المنبر، فلما كثر ذلك قال زياد: من جعل يده على فيه فليخرج دون إذن، وقد كان هذا بالمدينة حتى أن سهل بن أبي صالح رعف يوم الجمعة فاستأذن الإمام. وظاهر الآية يقتضي أن يستأذن أمير الإمرة الذي هو في مقعد النبوة، فإنه ربما كان له رأي في حبس ذلك الرجل لأمر من أمور الدين. فأما إمام الصلاة فقط فليس ذلك إليه، لأنه وكيل على جزء من إجزاء الدين للذي هو في مقعد النبوة. وروي أن هذه الآية نزلت في حفر الخندق حين جاءت قريش وقائدها أبو سيفان، وغطفان وقائدها عيينة بن حصن، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم الخندق على المدينة، وذلك في شوال سنة خمس من الهجرة، فكان المنافقون يتسللون لواذاً من العمل ويعتذرون بأعذار كاذبة. ونحوه روى أشهب وابن عبد الحكم عن مالك ، وكذلك قال محمد بن إسحاق. وقال مقاتل : " نزلت في عمر رضي الله عنه، استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك في الرجعة فأذن له وقال:
انطلق فوالله ما أنت بمنافق " يريد بذلك أن يسمع المنافقين. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " إنما استأذن عمر رضي الله عنه في العمرة فقال عليه السلام لما أذن له:
يا أبا حفص لا تنسنا في صالح دعائك ". قلت: والصحيح الأول لتناوله جميع الأقوال. واختار ابن العربي ما ذكره في نزول الآية عن مالك و ابن إسحاق ، وأن ذلك مخصوص في الحرب. قال: والذي يبين ذلك أمران:
أحدهما: قوله في الآية الأخرى: " قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ". وذلك أن المنافقين كانوا يتلوذون ويخرجون عن الجماعة ويتركون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر الله جميعهم بألا يخرج أحد منهم حتى يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك يتبين إيمانه.
الثاني: قوله: " لم يذهبوا حتى يستأذنوه " وأي إذن في الحدث والإمام يخطب، وليس للإمام خيار في منعه ولا إبقائه، وقد قال: " فأذن لمن شئت منهم "، فبين بذلك أنه مخصوص في الحرب.
قلت: القول بالعموم أولى وأرفع وأحسن وأعلى. " فأذن لمن شئت منهم " فكان النبي صلى الله عليه وسلم بالخيار إن شاء أن يأذن وإن شاء منع. وقال قتادة : قوله: " فأذن لمن شئت منهم " منسوخة بقوله: " عفا الله عنك لم أذنت لهم " [التوبة: 43]. " واستغفر لهم الله " أي لخروجهم عن الجماعة إن علمت لهم عذراً. " إن الله غفور رحيم ".
نما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولـئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استاذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم وهذا أيضاً أدب أرشد الله عباده المؤمنين إليه, فكما أمرهم بالاستئذان عند الدخول, كذلك أمرهم بالاستئذان عند الانصراف لا سيما إذا كانوا في أمر جامع مع الرسول صلوات الله وسلامه عليه من صلاة جمعة أو عيد أو جماعة أو اجتماع في مشورة ونحو ذلك, أمرهم الله تعالى أن لا يتفرقوا عنه والحالة هذه إلا بعد استئذانه ومشاورته وإن من يفعل ذلك فإنه من المؤمنين الكاملين, ثم أمر رسوله صلوات الله وسلامه عليه إذا استأذنه أحد منهم في ذلك أن يأذن له إن شاء, ولهذا قال "فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله" الاية. وقد قال أبو داود : حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا بشر هو ابن المفضل عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم, فإذا أراد أن يقوم فليسلم, فليست الأولى بأحق من الاخرة" وهكذا رواه الترمذي والنسائي من حديث محمد بن عجلان به. وقال الترمذي : حديث حسن.
جملة 62- "إنما المؤمنون" مستأنفة مسوقة لتقدير ما تقدمها من الأحكام، و "إنما" من صيغ الحصر. والمعنى لا يتم إيمان ولا يكمل حتى يكون "بالله ورسوله" وجملة "وإذا كانوا معه على أمر جامع" معطوفة على آمنوا داخلة معه في حيز الصلة: أي إذا كانوا مع رسول الله على أمر جامع: أي على أمر طاعة يجتمعون عليها، نحو الجمعة والنحر والفطر والجهاد وأشباه ذلك، وسمي الأمر جامعاً مبالغة "لم يذهبوا حتى يستأذنوه" قال المفسرون: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر لم يخرج حتى يقوم بحيال النبي صلى الله عليه وسلم حيث يراه، فيعرف أنه إنما قام ليستأذن فيأذن لمن يشاء منهم. قال مجاهد: وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده. قال الزجاج: أعلم الله أن المؤمنين إذا كانوا مع نبيه فيما يحتاج فيه إلى الجماعة لم يذهبوا حتى يستأذنوه، وكذلك ينبغي أن يكونوا مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه في جمع من جموعهم إلا بإذنه، وللإمام أن يأذن وله أن لا يأذن على ما يرى لقوله تعالى: "فأذن لمن شئت منهم" وقرأ اليماني على أمر جميع. والحاصل أن الأمر الجامع أو الجميع هو الذي يعم نفعه أو ضرره، وهو الأمر الجليل الذي يحتاج إلى اجتماع أهل الرأي والتجارب. قال العلماء: كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه إلا بإذن، ثم قال سبحانه: "إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله" فبين سبحانه أن المستأذنين: هم المؤمنون بالله ورسوله كما حكم أولاً بأن المؤمنين الكاملين الإيمان: هم الجامعون بين الإيمان بهما وبين الاستئذان "فإذا استأذنوك لبعض شأنهم" أي إذا استأذن المؤمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الأمور التي تهمهم فإنه يأذن لمن شاء منهم ويمنع من شاء على حسب ما تقتضيه المصلحة التي يراها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أرشده الله سبحانه إلى الاستغفار لهم، وفيه إشارة إلى أن الاستئذان إن كان لعذر مسوغ، فلا يخلو عن شائبة تأثير أمر الدنيا على الآخرة "إن الله غفور رحيم" أي كثير المغفرة والرحمة بالغ فيهما إلى الغاية التي ليس وراءها غاية.
قوله عز وجل: 62- "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه"، أي: مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، "على أمر جامع"، يجمعهم من حرب حضرت، أو صلاة أو جمعة أو عيد أو جماعة أو تشاور في أمر نزل، "لم يذهبوا"، لم يتفرقوا عنه، لم ينصرفوا عما اجتمعوا له من الأمر، "حتى يستأذنوه"، قال المفسرون: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يخرج من المسجد، لحاجة أو عذر، لم يخرج حتى يقوم بحيال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يراه، فيعرف أنه إنما قام يستأذن، فيأذن لمن شاء منهم. قال مجاهد: وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده.
قال أهل العلم: وكذلك كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه إلا بإذن، وإذا استأذن فللإمام إن شاء أذن له وإن شاء لم يأذن، وهذا إذا لم يكن له سبب يمنعه من المقام، فإن حدث سبب يمنعه من المقام بأن يكون في المسجد فتحيض منهم امرأة، أو يجنب رجل، أو يعرض له مرض، فلا يحتاج إلى الاستئذان.
"إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم"، أي: أمرهم، "فأذن لمن شئت منهم"، في الانصراف، معناه إن شئت فأذن وإن شئت فلا تأذن، "واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم".
62 -" إنما المؤمنون " أي الكاملون في الإيمان . " الذين آمنوا بالله ورسوله " من صميم قلوبهم . " وإذا كانوا معه على أمر جامع " كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة في الأمور ، ووصف الأمر بالجمع للمبالغة وقرئ (( أمر جميع )) . " لم يذهبوا حتى يستأذنوه " يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأذن لهم ، واعتباره في كمال الإيمان لأنه كالمصداق لصحته والمميز للمخلص فيه عن المنافق فإن ديدنه التسلل والفرار ، ولتعظيم الجرم في الذهاب عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذنه ولذلك أعاده مؤكداً على أسلوب أبلغ فقال : " إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله " فإنه يفيد أن المستأذن مؤمن لا محالة وأن الذهاب بغير إذن ليس كذلك . " فإذا استأذنوك لبعض شأنهم " ما يعرض لهم من المهام ، وفيه أيضاً مبالغة وتضييق الأمر . " فأذن لمن شئت منهم " تفويض للأمر إلى رأي الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستدل به على أن بعض الأحكام مفوضة إلى رأيه ومن منع ذلك قيد المشيئة بأن تكون تابعة لعلمه بصدقه فكأن المعنى : فائذن لمن علمت أن له عذراً . " واستغفر لهم الله " بعد الإذن فن الاستئذان ولو لعذر قصور لأنه تقديم لأمر الدنيا على أمر الدين . " إن الله غفور " لفرطات العباد . " رحيم " بالتيسير عليهم .
62. They only are the true believers who believe in Allah and His messenger and, when they are with him on some common errand, go not away until they have asked leave of him. Lo! those who ask leave of thee, those are they who believe in Allah and His messenger. So, if they ask thy leave for some affair of theirs, give leave to whom thou wilt of them, and ask for them forgiveness of Allah. Lo! Allah is Forgiving, Merciful.
62 - Only those are Believers, who believe in God and His Apostle: when they are with him on a matter requiring cellective action, they do not depart until they have asked for his leave; those who ask for thy leave are those who believe in God and His Apostle; so when they ask for thy leave, for some business of theirs, give leave to those of them whom thou wilt, and ask God for their forgiveness: for God is Oft Forgiving, Most Merciful.