[المؤمنون : 98] وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ
98 - (وأعوذ بك رب أن يحضرون) في أموري لأنهم إنما يحضرون بسوء
وقوله : " وأعوذ بك رب أن يحضرون " يقول : وقل أستجير بك أن يحضروني في أموري ، كالذي :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " وأعوذ بك رب أن يحضرون " في شيء من أمري .
وفي قراءة أبي رب عائذاً بك من همزات الشياطين، وعائذاً بك أن يحضرون، أي يكونوا معي في أموري، فإنهم إذا حضروا الإنسان كانوا معدين للهمز، وإذا لم يكن حضور فلا همز. وفي صحيح مسلم " عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذىً ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة ".
يقول تعالى آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو بهذا الدعاء عند حلول النقم "رب إما تريني ما يوعدون" أي إن عاقبتهم وأنا أشاهد ذلك, فلا تجعلني فيهم كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون". وقوله تعالى: "وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون" اي لو شئنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن. ثم قال تعالى مرشداً له إلى الترياق النافع في مخالطة الناس وهو الإحسان إلى من يسيء إليه, ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة, فقال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" وهذا كما قال في الاية الأخرى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا" الاية, اي وما يلهم هذه الوصية أو هذه الخصلة أو الصفة "إلا الذين صبروا" اي على أذى الناس فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم القبيح "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" أي في الدنيا والاخرة.
وقوله تعالى: "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين" أمره الله أن يستعيذ من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف, وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه". وقوله تعالى: "وأعوذ بك رب أن يحضرون" أي في شيء من أمري, ولهذا أمر بذكر الله في ابتداء الأمور وذلك لطرد الشيطان عند الأكل والجماع والذبح وغير ذلك من الأمور, ولهذا روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهرم, وأعوذ بك الهدم ومن الغرق, وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت" وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد , أخبرنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله, أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده, ومن همزات الشياطين وأن يحضرون" قال فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث محمد بن إسحاق . وقال الترمذي : حسن غريب.
98- "وأعوذ بك رب أن يحضرون" أمره سبحانه أن يتعوذ بالله من حضور الشياطين بعد ما أمره أن يتعوذ من همزاتهم، والمعنى: وأعوذ بك أن يكونوا معي في حال من الأحوال، فإنهم إذا حضروا الإنسان لم يكن لهم عمل إلا الوسوسة والإغراء على الشر والصرف عن الخير. وفي قراءة أبي وقل رب عائذاً بك من همزات الشياطين. وعائذاً بك رب أن يحضرون.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "قل من بيده ملكوت كل شيء" قال: خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" يقول: أعرض عن أذاهم إياك: وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء "ادفع بالتي هي أحسن" قال: بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله: "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" قال: قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذباً فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقاً فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع: بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون". قال: فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال "يا رسول الله إني أجد وحشة، قال: إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك" وبالحري لا يضرك.
98. " وأعوذ بك رب أن يحضرون "، في شيء من أموري، وإنما ذكر الحضور لأن الشيطان إذا حضره يوسوسه. ثم أخبر أن هؤلاء الكفار الذين ينكرون البعث يسألون الرجعة إلى الدنيا عند معاينة الموت، فقال:
98ـ " وأعوذ بك رب أن يحضرون " يحوموا حولي في شيء من الأحوال ، وتخصيص حال الصلاة وقراءة القرآن وحلول الأجل لأنها أحرى الأحوال بأن يخاف عليه .
98. And I seek refuge in Thee, my Lord, lest they be present with me,
98 - And I seek refuge with Thee O my Lord! lest they should come near me.