[المؤمنون : 97] وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ
97 - (وقل رب أعوذ) اعتصم (بك من همزات الشياطين) نزعاتهم بما يوسوسون به
وقوله : " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا محمد رب أستجير بك من خنق الشياطين وهمزاتها ، والهمز : هو الغمز ، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام : همزة ، والهمزات جمع همزة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال ، : أخبرني ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين " قال : همزات الشياطين : خنقهم الناس ، فذلك همزات .
قوله تعالى: "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين " فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: " من همزات الشياطين " الهمزات هي جمع همزة. والهمز في اللغة النخس والدفع، يقال: همزه ولمزه ونخسه دفعه. قال الليث الهمز كلام من وراء القفا، واللمز مواجهةً. والشيطان يوسوس فيهمس في وسواسه في صدر ابن آدم، وهو قوله: " أعوذ بك من همزات الشياطين " أي نزعات الشياطين الشاغلة عن ذكر الله تعالى. وفي الحديث:
" كان يتعوذ من همز الشيطان ولمزه وهمسه ". قال أبو الهيثم: إذا أسر الكلام وأخفاه فذلك الهمس من الكلام. وسمي الأسد هموساً، لأنه يمشي بخفة فلا يسمع صوت وطئه. وقد تقدم في ((طه)).
الثانية: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالتعوذ من الشيطان في همزاته، وهي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه، وكأنها هي التي كانت تصيب المؤمنين مع الكفار فتقع المحادة فلذلك اتصلت بهذه الآية. فالنزغات وسورات الغضب الواردة من الشيطان هي المتعوذ منها في الآية، وقد تقدم في آخر ((الأعراف)) بيانه مستوفىً، وفي أول الكتاب أيضاً. وروي عن علي بن حرب بن محمد الطائي حدثنا سفيان عن أيوب عن محمد بن حبان:
" أن خالداً كان يؤرق من الليل، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامة من غضب الله وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ". وفي كتاب أبي داود قال عمر [و - بن مرة]: وهمزه الموتة، قال ابن ماجة : الموتة يعني الجنون. والتعوذ أيضاً من الجنون وكيد.
يقول تعالى آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو بهذا الدعاء عند حلول النقم "رب إما تريني ما يوعدون" أي إن عاقبتهم وأنا أشاهد ذلك, فلا تجعلني فيهم كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون". وقوله تعالى: "وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون" اي لو شئنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن. ثم قال تعالى مرشداً له إلى الترياق النافع في مخالطة الناس وهو الإحسان إلى من يسيء إليه, ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة, فقال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" وهذا كما قال في الاية الأخرى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا" الاية, اي وما يلهم هذه الوصية أو هذه الخصلة أو الصفة "إلا الذين صبروا" اي على أذى الناس فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم القبيح "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" أي في الدنيا والاخرة.
وقوله تعالى: "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين" أمره الله أن يستعيذ من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف, وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه". وقوله تعالى: "وأعوذ بك رب أن يحضرون" أي في شيء من أمري, ولهذا أمر بذكر الله في ابتداء الأمور وذلك لطرد الشيطان عند الأكل والجماع والذبح وغير ذلك من الأمور, ولهذا روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهرم, وأعوذ بك الهدم ومن الغرق, وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت" وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد , أخبرنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله, أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده, ومن همزات الشياطين وأن يحضرون" قال فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث محمد بن إسحاق . وقال الترمذي : حسن غريب.
ثم علمه سبحانه ما يقويه على ما أرشده إليه من العفو والصفح ومقابلة السيئة بالحسنة فقال: 97- "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين" الهمزات جمع همزة، وهي في اللغة الدفعة باليد أو بغيرها، وهمزات الشياطين نزعاتهم ووساوسهم كما قاله المفسرون، يقال همزة ولمزه ونخسه: أي دفعه، وقيل الهمز كلام من وراء القفا، واللمز المواجهة، وفيه إرشاد لهذه الأمة إلى التعوذ من الشيطان، ومن همزات الشياطين سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه.
97. " وقل رب أعوذ بك "، أي: أمتنع وأعتصم بك، " من همزات الشياطين "، قال ابن عباس: نزغاتهم. وقال الحسن : وساوسهم. وقال مجاهد : نفخهم ونفثهم. وقال أهل المعاني: دفعهم بالإغواء إلى المعاصي، وأصل الهمز شدة الدفع.
97ـ " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين " وساوسهم ، وأصل الهمز النخس ومنه مهماز الرائض ، شبه حثهم الناس على المعاصي بهمز الراضة للدواب على المشي والجم للمرات أو لتنوع الوساوس أو لعدد المضاف إليه .
97. And say: My Lord! I seek refuge in Thee from suggestions of the evil ones,
97 - And say O my Lord! I seek refuge with Thee from the suggestions of the Evil Ones.