[الأنبياء : 49] الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
49 - (الذين يخشون ربهم بالغيب) عن الناس أي في الخلاء عنهم (وهم من الساعة) أي أهوالها (مشفقون) خائفون
يقول تعالى ذكره : آتينا موسى وهارون الفرقان : الذكر الذي آتيناهما للمتقين الذين يخافون ربهم بالغيب ، يعني في الدنيا أن يعاقبهم في الآخرة إذا قدموا عليه بتضييعهم ما ألزمهم من فرائضه فهم من خشيته ، يحافظون على حدوده وفرائضه ، وهم من الساعة التي تقوم فيها القيامة مشفقون ، حذرون أن تقوم عليهم ، فيردوا على ربهم قد فرطوا في الواجب عليهم لله ، فيعاقبهم من العقوبة بما لا قبل لهم به .
" الذين يخشون ربهم بالغيب " أي الغائبين، لأنهم لم يروا الله تعالى، بل عرفوا بالنظر والاستدلال أن لهم رباً قادراً، يجازي على الأعمال فهم يخشونه في سرائرهم، وخلواتهم التي يغبون فيها عن الناس. " وهم من الساعة " أي من قيمها قبل التوبة. " مشفقون " أي خائفون وجلون.
قد تقدم التنبيه على أن الله تعالى كثيراً ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما, وبين كتابيهما, ولهذا قال: "ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان" قال مجاهد : يعني الكتاب. وقال أبو صالح : التوراة. وقال قتادة : التوراة حلالها وحرامها, وما فرق الله بين الحق والباطل. وقال ابن زيد يعني النصر : وجامع القول في ذلك أن الكتب السماوية مشتملة على التفرقة بين الحق والباطل, والهدى والضلال, والغي والرشاد, والحلال والحرام, وعلى ما يحصل نوراً في القلوب وهداية وخوفاً وإنابة وخشية, ولهذا قال: "الفرقان وضياء وذكراً للمتقين" أي تذكيراً لهم وعظة, ثم وصفهم فقال: "الذين يخشون ربهم بالغيب" كقوله: "من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب". وقوله: " إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير " "وهم من الساعة مشفقون" أي خائفون وجلون, ثم قال تعالى: "وهذا ذكر مبارك أنزلناه" يعني القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, تنزيل من حكيم حميد "أفأنتم له منكرون" أي أفتنكرونه وهو في غاية الجلاء والظهور ؟.
ووصفهم بقوله: 49- "الذين يخشون ربهم بالغيب" لأن هذه الخشية تلازم التقوى. لأن هذه الخشية تلازم التقوى. ويجوز أن يكون الموصول بدلاً من المتقين أو بياناً له، ومحل بالغيب النصب على الحال: أي يخشون عذابه وهو غائب عنهم، أو هم غائبون عنه لأنهم في الدنيا، والعذاب في الآخرة. وقرأ ابن عباس وعكرمة ضياء بغير واو. قال الفراء حذفت الواو والمجيء بها واحد، واعترضه الزجاج بأن الواو تجيء لمعنى فلا تزاد "وهم من الساعة مشفقون" أي وهم من القيامة خائفون وجلون.
49. " الذين يخشون ربهم بالغيب "، أي يخافونه ولم يروه، " وهم من الساعة مشفقون "، خائفون.
49ـ " الذين يخشون ربهم " صفة " للمتقين " أو مدح لهم منصوب أو مرفوع . " بالغيب " حالم من الفاعل أو المفعول . " وهم من الساعة مشفقون " خائفون وفي تصدير الضمير وبناء الحكم عليه مبالغة وتعريض .
49. Those who tear their Lord in secret and who dread the Hour (of doom).
49 - Those who fear their Lord in their most secret thoughts, and who hold the hour (of Judgment) in awe.