[الأنبياء : 17] لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ
17 - (لو أردنا أن نتخذ لهوا) ما يلهى به من زوجة أو ولد (لاتخذناه من لدنا) من عندنا من الحور العين والملائكة (إن كنا فاعلين) ذلك لكنا لم نفعله فلم نرده
يقول تعالى ذكره : لو أردنا أن نتخذ زوجة وولدا لاتخذنا ذلك من عندنا ، و لكنا لا نفعل ذلك ، ولا يصلح لنا فعله ، و لا ينبغي ، لأنه لا ينبغي أن يكون لله ولد ولا صاحبة .
و بنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سليمان بن عبيد الله الغيداني ، قال : ثنا أبو قتيبة ، قال : ثنا سلام بن مسكين ، قال : ثنا عقبة بن أبي حمزة ، قال : شهدت الحسن بمكة ، قال : و جاءه طاوس و عطاء و مجاهد ، فسألوه عن قول الله تبارك و تعالى : " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه " قال الحسن : اللهو : المرأة .
حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال : ثنا بقية بن الوليد ، عن علي بن هارون ، عن محمد عن ليث ، عن مجاهد في قوله : " لو أردنا أن نتخذ لهوا " قال : زوجة .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : " إن كنا فاعلين " يقول : ما كنا فاعلين .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قالوا مريم صاحبته ، و عيسى ولده ، فقال تبارك و تعالى : " لو أردنا أن نتخذ لهوا " نساء وولدا " لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين " قال : من عندنا ، و لا خلقنا جنة و لا نارا ، و لا موتا و لا بعثا ولا حسابا .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، و حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : " لاتخذناه من لدنا " من عندنا ، و ما خلقنا جنة و لا نارا ، و لا موتا و لا بعثا .

قوله تعالى: " لو أردنا أن نتخذ لهوا " لما اعتقد قوم أن له ولداً قال: " لو أردنا أن نتخذ لهوا " واللهو المرأة بلغة اليمن، قاله قتادة . وقال عقبة بن أبي جسرة - وجاء طاوس و عطاء و مجاهد يسألونه عن قوله تعالى: " لو أردنا أن نتخذ لهوا " - فقال: اللهو الزوجة، وقاله: الحسن . وقال ابن عباس: اللهو الولد، وقاله الحسن أيضاً. قال الجوهري : وقد يكنى بالهو عن الجماع.
قلت: ومنه قول امرىء القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وألا يحسن اللهو أمثالي
وإنما سمي الجماع لهوا لأنه ملهى للقلب، كما قال:
وفيهن ملهىً للصديق ومنظر
الجوهري : وقوله تعالى: " لو أردنا أن نتخذ لهوا " قالوا امرأة، ويقال: ولداً. " لاتخذناه من لدنا " أي من عندنا لا من عندكم. قال ابن جريج : من أهل السماء لا من أهل الأرض. قيل: أراد الرد على من قال إن الأصنام بنات الله، أي كيف يكون منحوتكم ولداً لنا. وقال ابن قتيبة : الآية رد على النصارى. " إن كنا فاعلين " قال قتادة و مقاتل و ابن جريج و الحسن : المعنى ما كنا فاعلين، مثل " إن أنت إلا نذير " [فاطر: 23] أي ما أنت إلا نذير. و " إن " بمعنى الجحد وتم الكلام عند قوله: " لاتخذناه من لدنا ". وقيل: إنه على معنى الشرط، أي إن كنا فاعلين ذلك ولكن لسنا بفاعلين ذلك لاستحالة أن يكون لنا ولد، إذ لو كان ذلك لم نخلق جنة ولا ناراً ولا موتاً ولا بعثاً ولا حساباً. وقيل: لو أردنا أن نتخذ ولداً على طريق التبني لاتخذناه من عندنا من الملائكة. ومال إلى هذا قوم، لأن الإرادة قد تتعلق بالتبني فأما اتخاذ الولد فهو محال، والإرادة لا تتعلق بالمستحيل، ذكره القشيري .
يخبر تعالى أنه خلق السموات والأرض بالحق, أي بالعدل والقسط, " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ", وأنه لم يخلق ذلك عبثاً ولا لعباً كما قال: "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار" وقوله تعالى: " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين " قال ابن أبي نجيح عن مجاهد " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا " يعني من عندنا, يقول: وما خلقنا جنة ولا ناراً ولا موتاً ولا بعثاً ولا حساباً. وقال الحسن وقتادة وغيرهما "لو أردنا أن نتخذ لهواً" اللهو المرأة بلسان أهل اليمن. وقال إبراهيم النخعي " لاتخذناه " من الحور العين. وقال عكرمة والسدي : والمراد باللهو ههنا الولد, وهذا والذي قبله متلازمان, وهو كقوله تعالى: " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار " فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقاً ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى أو العزير أو الملائكة سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
وقوله: "إن كنا فاعلين" قال قتادة والسدي وإبراهيم النخعي ومغيرة بن مقسم : أي ما كنا فاعلين. وقال مجاهد كل شيء في القرآن "إن" فهو إنكار. وقوله: "بل نقذف بالحق على الباطل" أي نبين الحق فيدحض الباطل, ولهذا قال: "فيدمغه فإذا هو زاهق" أي ذاهب مضمحل "ولكم الويل" أي أيها القائلون لله ولد "مما تصفون" أي تقولون وتفترون. ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ودأبهم في طاعته ليلاً ونهاراً, فقال: "وله من في السموات والأرض ومن عنده" يعني الملائكة "لا يستكبرون عن عبادته" أي لا يستنكفون عنها, كما قال: " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ".
وقوله: " ولا يستحسرون " أي لا يتعبون ولا يملون "يسبحون الليل والنهار لا يفترون" فهم دائبون في العمل ليلاً ونهاراً, مطيعون قصداً وعملاً, قادرون عليه, كما قال تعالى: "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن أبي دلامة البغدادي , أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن حكيم بن حزام قال: " بينا رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه إذ قال لهم هل تسمعون ما أسمع ؟ قالوا: ما نسمع من شيء, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأسمع أطيط السماء, وما تلام أن تئط وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم" غريب, ولم يخرجوه, ثم رواه ـ أعني ابن أبي حاتم ـ من طريق يزيد بن أبي زريع عن سعيد عن قتادة مرسلاً. وقال أبو إسحاق عن حسان بن مخارق عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام, فقلت له: أرأيت قول الله تعالى للملائكة: "يسبحون الليل والنهار لا يفترون" أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل. فقال: من هذا الغلام ؟ فقالوا من بني عبد المطلب, قال فقبل رأسي ثم قال: يا بني إنه جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس ؟
17- " لو أردنا أن نتخذ لهوا " اللهو ما يتلهى به، قيل اللهو الزوجة والولد، وقيل الزوجة فقط، وقيل الولد فقط. قال الجوهري: قد يكنى باللهو عن الجماع، ويدل على ما قاله قول امرئ القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وألا يحسن اللهو أمثالي
ومنه قول الآخر:
وفيهن ملهى للصديق ومنظر
والجملة مستأنفة لتقرير مضمون ما قبلها، وجواب لو قوله: "لاتخذناه من لدنا" أي من عندنا ومن جهة قدرتنا لا من عندكم. قال المفسرون: أي من الحور العين، وفي هذا رد على من قال بإضافة الصاحبة والولد إلى الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً. وقيل أراد الرد على من قال: الأصنام أو الملائكة بنات الله. وقال ابن قتيبة: الآية رد على النصارى "إن كنا فاعلين" قال الواحدي قال المفسرون: ما كنا فاعلين. قال الفراء والمبرد والزجاج: يجوز أن تكون إن للنفي كما ذكره المفسرون: أي ما فعلناه ذلك ولم نتخذ صاحبة ولا ولداً، ويجوز أن تكون للشرط: أي إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا. قال الفراء: وهذا أشبه الوجهين بمذهب العربية.
17. " لو أردنا أن نتخذ لهواً "، اختلفوا في اللهو، قال ابن عباس في رواية عطاء : اللهو المرأة، وهو قول الحسن و قتادة ، وقال في رواية الكلبي : اللهو الولد، وهو قول السدي ، وهو في المرأة أظهر لأن الوطء يسمى لهواً في اللغة، والمرأة محل الوطء " لاتخذناه من لدنا "، أي من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض. وقيل: معناه لو كان جائزاً ذلك في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لهم ويستر ذلك حتى لا يطلعوا عليه.
وتأويل الآية أن النصارى لما قالوا في المسيح وأمه ما قالوا رد الله عليهم بهذا وقال: " لاتخذناه من لدنا " لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده، لا عند غيره " إن كنا فاعلين "، قال قتادة و مقاتل و ابن جريج : " إن " للنفي، أي: ما كنا فاعلين. وقيل: " إن كنا فاعلين " للشرط أي إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا، ولكنا لم نفعله لأنه لا يليق بالربوبية.
17ـ " لو أردنا أن نتخذ لهواً " ما يتلهى به ويلعب . " لاتخذناه من لدنا " من جهة قدرتنا ، أو من عندنا مما يليق بحضرتنا من المجردات لا من الأجسام المرفوعة والأجرام المبسوطة كعادتكم في رفع السقوف وتزويقها وتسوية الفرش وتزيينها ، وقيل اللهو الولد بلغة اليمن وقيل الزوجة والمراد به الرد على النصارى " إن كنا فاعلين " ذلك ويدل على جواب الجواب المتقدم . وقيل " إن " نافية والجملة كالنتيجة للشرطية .
17. If We had wished to find a pastime, We could have found it in Our presence if We ever did.
17 - If it had been our wish To take (just) a pastime, we should surely have taken it from the things nearest to Us, if we would do (such a thing)!